2018-02-28 16:42:00

الكاردينال بارولين يوجه رسالة إلى مؤتمر دولي حول العلاجات المخففة تنظمه الأكاديمية الحبرية للحياة


بدأ اليوم في روما ويستمر لمدة يومين مؤتمر دولي حول العلاجات المخففة تنظمه الأكاديمية الحبرية للحياة ويشارك فيه 400 من المتخصصين يأتون من 38 بلدا. وإلى رئيس الأكاديمية المطران فينشنسو باليا وجه أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين رسالة بدأها ناقلا تحية الأب الأقدس وتحيته الشخصية إليه وإلى منظمي المؤتمر والمشاركين فيه، مشيرا إلى أهمية موضوع المؤتمر والذي يتمحور حول اللحظات الأخيرة في حياتنا الأرضية والتي تضع الإنسان أمام حدود تبدو غير قابلة للتجاوز تثير لدى الأشخاص التمرد والقلق. ولهذا، تابع الكاردينال، يحاول مجتمعنا المعاصر بكافة الطرق تفادي هذه القضية وإبعادها متجاهلا الإنصات إلى ما يدعو إليه المزمور "علمنا كيف نعد أيامنا فننفذ إلى قلب الحكمة" (90 (89)، 12). ويقود هذا إلى أننا نحرم أنفسنا من غنى ومن فرصة لبلوغ أسلوب أكثر منطقية لعيش الحياة على الصعيدين الشخصي والاجتماعي.

ثم توقف أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان عند العلاجات المخففة مؤكدا أنها لا تشارك في الاستغناء عن هذه الحكمة، وهو ما يمنح أهمية إضافية إلى هذه القضية. فهذه العلاجات تشير إلى إعادة اكتشاف أعمق دعوات الطب والمتمثلة في المقام الأول في العلاج، فالعلاج هو واجب الطب حتى وإن لم يكن من الممكن الشفاء دائما. شدد الكاردينال من جهة أخرى على حقيقة أن الطب يقوم على التزام لا يتعب من أجل كسب معارف جديدة والانتصار على عدد أكبر من الأمراض، إلى أن العلاجات المخففة تؤكد في المقابل في إطار الممارسة الطبية أن الحدود تتطلب لا فقط الانتصار عليها وإبعادها، بل أيضا الاعتراف بها وقبولها. ويعني هذا حسب ما واصل الكاردينال بارولين عدم ترك المرضى بمفردهم، بل على العكس القرب منهم ومرافقتهم في التجربة الصعبة التي تطرح نفسها مع نهاية الحياة. وعندما تُستنفذ موارد "الفعل" كافة يبرز الجانب الأكثر الأهمية في العلاقات الإنسانية وهو "الكون"، أي أن نكون حاضرين، قريبين، مستقبِلين. ويعني هذا أيضا حسب الكاردينال بارولين مشاركة مَن يصل إلى لحظات حياته الأخيرة الشعور بالعجز، ويتبدل هكذا معنى ذلك الحد، فلا يكون مكان فراق ووحدة بل فرصة لقاء وشركة. بل وينتقل الموت ذاته إلى بُعد رمزي لا يبدو فيه النهاية التي تنكسر فيها الحياة، بل تمام كينونة تلقيناها بمجانية وشوركنا فيها بمحبة.

وتابع أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان مشيرا إلى أن منطق العلاج يذكرنا بالاهتمام المتبادل المحِب الذي يبرز في لحظات المرض والألم، وخاصة في نهاية الحياة، لكنه يمر في الواقع عبر العلاقات الإنسانية كافة بل هو ما يميزها. وذكّر الكاردينال بارولين هنا بكلمات القديس بولس الرسول في رسالته إلى أهل رمة: لا يكونن عليكم لأحد دين إلا حب بعضكم لبعض، فمَن أحب غيره أتم الشريعة" (روم 13، 8). وفي سياق الحديث عن المحبة توقف الكاريدنال عند الرباط بين خبرة المشاركة المُحبة للحياة، وإعلان الإنجيل كوننا جميعا أبناء الآب نفسه وأن كل واحد منا هو صورة لله، رباط هو ضمان كرامة بشرية لا تموت حتى مع فقدان الصحة والدور الاجتماعي وتحكُّم الشخص في جسده. وهنا تظهر العلاجات المخففة قيمتها لا بالنسبة للممارسة طبية فحسب بل وبشكل عام للتعايش البشري.

تحدث أمين السر بعد ذلك عن أهمية العائلة خلال العلاجات المخففة واصفا دورها بالفريد،  باعتبارها المكان الذي يصبح فيه التضامن بين الأجيال عاملا حاسما وتُختبر فيه المساعدة المتبادلة. وهذا يمَكن الشبكة العائلة في مراحل الحياة الأخيرة، وإن كانت ضعيفة ومفككة في عالم اليوم، من أن تكون دائما عنصرا أساسيا.

هذا وشدد الكاردينال بارولين في رسالته إلى المؤتمر الدولي حول العلاجات المخففة على أن هذه العلاجات تقوم على مبدأ أخلاقي لا يتغير مع مرور الزمن، إلا أن تطبيقها يستدعي تمييزا متنبها وحذرا كبيرا. أكد من جهة أخرى أن حساسية وتعقيد هذه القضية يتطلبان  تأملا متواصلا في العلاجات المخففة من جهة، وتسهيل الحصول عليها من جهة أخرى،  ووصف هذا بواجب يمكن للمؤمنين أن يجدوا للقيام به رفاق طريق في الكثير من الأشخاص ذوي الإرادة الطيبة، ورحب في هذا السياق بمشاركة شخصيات من ديانات وثقافات مختلفة في المؤتمر.

وإلى جانب تحياته الشخصية ختم أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان الرسالة الموجهة إلى رئيس الأكاديمية الحبرية للحياة المنظِمة للمؤتمر الدولي حول العلاجات المخففة وإلى المشاركين فيه،  ناقلا طلب البابا فرنسيس الصلاة من أجل خدمته البطرسية ومنحه الجميع بركته الرسولية.








All the contents on this site are copyrighted ©.