2018-01-09 14:53:00

البابا فرنسيس: السلطة عطيّة ننالها من الله


تأثُّر، قُرب وصدق، بهذه الكلمات عبّر قداسة البابا فرنسيس عن ميزات الراعي وسلطته في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الثلاثاء في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان والتي استهلّها انطلاقًا من الإنجيل الذي تقدّمه لنا الليتورجيّة اليوم من القديس مرقس والذي يقول فيه الإنجيلي أن يسوع كان يُعلِّم كمن له سلطان وشرح البابا في هذا السياق أن تعليم يسوع هو تعليم جديد وحداثة المسيح تقوم تحديدًا في عطيّة السلطة التي نالها من الآب.

تابع الأب الأقدس يقول إزاء تعاليم الكتبة وعلماء الشريعة – الذين كانوا يقولون الحقيقة أيضًا – لم يكن الناس يندهشون لأنَّ تعاليمهم لم تكن تلمس قلوبهم أما تعليم يسوع فكان يولِّد الدهشة ويحرّك قلوبهم، وما كان يعطي تعليم يسوع سلطانًا هو قربه من الناس، لقد كان قريبًا منهم يفهم مشاكلهم وآلامهم وخطاياهم. لأنّه كان قريبًا منهم كان يفهمهم، ولكنّه كان يقبلهم ويشفيهم ويعلّمهم. إنَّ القرب هو الذي يعطي السلطان للراعي أو ما يوقظ فيه السلطة التي يعطيها الآب إياها: القرب من الله بالصلاة – لأنَّ الراعي الذي لا يصلّي والراعي الذي يبحث عن الله قد فقد جزءًا من كهنوته – والقرب من الناس. إن الراعي البعيد عن الناس لا يصل إلى الناس برسالته، وبالتالي هو قرب مزدوج. هذه هي مسحة الراعي الذي يتأثّر أمام عطيّة الله في الصلاة والذي يتأثَّر أيضًا أمام خطايا الناس ومشاكلهم وأمراضهم.

أضاف البابا فرنسيس يقول إنَّ الكتبة قد فقدوا القدرة على التأثُّر لأنّهم لم يكونوا قريبين لا من الله ولا من الناس، وعندما يُفقد هذا القرب تصبح حياة الراعي متناقضة؛ ويسوع قد قاله بوضوح: "إفعلوا ما يقولونه – لأنّهم يقولون الحقيقة – ولكن لا تفعلوا ما يفعلونه"، هذه هي ازدواجيّة الحياة، كم هي سيّئة رؤية رعاة يعيشون حياة مزدوجة: إنها جرح في الكنيسة، والرعاة الذين قد فقدوا سلطتهم ويسيرون في هذه الحياة المزدوجة هم رعاة مرضى. هناك أساليب عديدة لعيش هذه الحياة المزدوجة ولكنّها تبقى حياة مزدوجة... ويسوع قاسٍ جدًّا معهم. لا يقول فقط للناس: "إسمعوا أقوالهم ولا تفعلوا أفعالهم!" بل يقول لهم: "إِنَّكم أَشبَهُ بِالقُبورِ المُكَلَّسَة، يَبدو ظاهِرُها جَميلاً، وأَمَّا داخِلُها فمُمتَلِئٌ من عِظامِ المَوتى وكُلِّ نَجاسَة!" هذه هي نهاية الراعي الذي لا يقترب من الله بالصلاة ومن الناس بالشفقة.

هذا وتوقّف الأب الأقدس عند القراءة الأولى التي تقدّمها لنا الليتورجيّة اليوم من سفر صموئيل الأول وذكّر بصورة حنّة التي صلّت إلى الرب لكي يرزقها مَولودًا ذَكَرًا، وبصورة الكاهن عالي الذي كان قد فقد القرب من الله والناس واعتبر حنّة سكرى ولكنّها كانت تصلّي في قَلبِها، وَشَفَتاها تَختَلِجانِ فَقَط. ولكنّها شرحت لعالي أنّها مَكروبَةُ النَّفس وأنّها تَكَلَّمت إِلى الآنَ مِن شِدَّةِ ما بها مِنَ الحُزنِ وَالوَجد، وفيما كانت تتكلّم أصبح عالي قادرًا على الاقتراب من ذلك القلب وقال لها: "انطَلِقي بِسَلام، وَإِلَهُ إِسرائيلَ يُعطيكِ بُغيَتَكِ الَّتي التَمَستِ مِن لَدُنِهِ".

تابع الأب الأقدس يقول لذلك أقول للرعاة البعيدين عن الله والناس: "لا تفقدوا الرجاء، هناك إمكانيّة على الدوام!" لقد كان كافيًا بالنسبة لعالي أن ينظر إلى تلك المرأة ويقترب منها ويصغي إليها لكي تستفيق سلطته ويبارك ويتنبّأ، وتحققت النبؤة وَوَلَدَتِ ابنًا. السلطة هي عطيّة من الله وتأتي منه وحده ويسوع يعطيها لخاصته، إنها سلطة في التعليم وتأتي من القرب من الله والناس معًا، سلطة ليست ازدواجيّة حياة، وأخيرًا هي سلطة إن فقدها الراعي لا يفقد الرجاء باستعادتها، لأنّه وعلى مثال عالي، هناك على الدوام وقت للاقتراب وإيقاظ السلطة والنبؤة.  








All the contents on this site are copyrighted ©.