2017-03-22 12:27:00

البابا فرنسيس: إنَّ رجاءنا لا يقوم على قوانا وإنما على عضد الله وأمانته لمحبّته


أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان واستهل تعليمه الأسبوعي بالقول منذ بضعة أسابيع يساعدنا القديس بولس الرسول لنفهم بشكل أفضل ما يقوم عليه الرجاء المسيحي. واليوم يقوم بذلك من خلال المقارنة بين موقفين مهمّين لحياتنا ولخبرتنا في الإيمان: "الثبات" و"التشديد". في النص الذي سمعناه من الرسالة إلى أهل رومة، يتمُّ ذكرهما مرّتين: أولاً في الإشارة إلى الكُتُب ومن ثم إلى الله نفسه. فما هو معناهما العميق والحقيقي؟ وكيف يسلِّطان الضوء على واقع الرجاء؟

تابع الأب الأقدس يقول يمكننا أن نُعرِّف الثبات على أنّه صبر أيضًا: إنّه القدرة على الاحتمال والبقاء أمناء حتى عندما سيبدو أن الثقل قد أصبح كبيرًا ولا يُحتمل، وأننا سنتعرّض لتجربة الحكم بسلبيّة والتخلّي عن كلِّ شيء وعن الجميع. أما التشديد فهو نعمة معرفة فهم وإظهار حضور وعمل الله الشفوق في جميع الظروف حتى في تلك التي تطبعها خيبات الأمل والألم. والآن يذكّرنا القديس بولس بأن الثبات والتشديد يُنقلان إلينا بشكل خاص من الكُتُب، أي الكتاب المقدّس. في الواقع إن كلمة الله تحملنا أولاً على أن نوجّه أنظارنا إلى يسوع ونتعرّف عليه بشكل أفضل ونتماثل به ونتشبّه به أكثر فأكثر. ثانيًا تُظهر لنا كلمة الله أن الرب هو حقًّا "إِلهُ الثَّباتِ والتَّشديدِ" الذي يبقى أمينًا لمحبّته لنا، أي أنّه يثابر في محبّته لنا ولا يتعب من حبّنا أبدًا! إنّه ثابت ويحبّنا على الدوام! هو يعتني بنا أيضًا إذ يلمس جراحنا بلمسة حنان صلاحه ورحمته.

أضاف الحبر الأعظم يقول بهذا المنظار يمكننا أن نفهم أيضًا قول القديس بولس: "عَلَينا نَحنُ الأَقوِياء أَن نَحمِلَ ضُعفَ الَّذينَ لَيسوا بِأَقوِياء ولا نَسعَ إِلى ما يَطيبُ لأَِنفُسِنا". قد يبدو لنا التعبير "نحن الأقوياء" مغرورًا ومتكبِّرًا ولكننا نعرف أن الأمر ليس هكذا بحسب منطق الإنجيل، لا بل هو العكس تمامًا لأنَّ قوتنا لا تأتي منا وإنما من الرب. إن الذي يختبر في حياته محبّة الله الأمينة وتعزيته يصبح قادرًا، لا بل يُصبح من واجبه أن يكون قريبًا من الإخوة ولاسيما من الأشد ضعفًا وأن يحمل ضعفهم على عاتقه؛ أي إن كنا قريبين من الرب ننال تلك القوّة لنكون قريبين من الأشدّ ضعفًا والمعوزين ولنُشدِّدهم ونمنحهم القوّة. ويمكنه أن يقوم بذلك ببساطة من خلال شعوره بأنّه قناة تنقل عطايا الرب فيصبح هكذا "زارع رجاء" بشكل ملموس. وهذا ما يطلبه الرب منا: أن نكون زارعي رجاء بفضل تلك القوّة والقدرة على تعزية الآخرين!

تابع الأب الأقدس يقول إن ثمرة أسلوب الحياة هذا ليست جماعة يتمي البعض منها إلى "الفئة أ" أي الأقوياء والآخرين إلى "الفئة ب" أي الضعفاء. لكنَّ الثمرة هي كما يقول القديس بولس "اتِّفاقَ الآراءِ فيما بَينَكم كَما يَشاءُ المَسيحُ يسوع". إن كلمة الله تغذّي رجاء يُترجم بشكل ملموس إلى مقاسمة وخدمة متبادلة. لأن القوي سيختبر أيضًا عاجلاً أم آجلاً الضعف والحاجة لتعزية الآخرين؛ بالمقابل يمكننا في الضعف أيضًا أن نقدّم على الدوام ابتسامة أو يدًا للأخ الذي يعيش في صعوبة ما. والجماعة التي تعيش بهذا الشكل تمجِّد الله "بِقَلبٍ واحِدٍ ولِسانٍ واحِد". وهذا الأمر فقط يصبح ممكنًا إن وضعنا المسيح وكلمته في الوسط. إنه القوي الذي يمنحنا القوّة والصبر والرجاء والتعزية؛ وهو "الأخ الأكبر" الذي يعتني بكل فرد منا: جميعنا في الواقع بحاجة لأن يحملنا الراعي الصالح على كتفيه ولأن نشعر بغمرة نظرته الحنونة والمحبّة.

وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول أيها الأصدقاء الأعزاء، لا يمكننا أن نشكر الله بشكل كاف على عطيّة كلمته الحاضرة في الكتاب المقدّس. هناك يظهر أب ربِّنا يسوع المسيح كـ " إِله الثَّباتِ والتَّشديدِ". وهناك أيضًا نتيقَّن أن رجاءنا لا يقوم على قدراتنا وقوانا وإنما على عضد الله وأمانته لمحبّته.                








All the contents on this site are copyrighted ©.