2017-03-15 11:53:00

في مقابلته العامة البابا فرنسيس: من يُحب يفرح برجاء لقاء الرب


أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان واستهل تعليمه الأسبوعي بالقول نعلم جيّدًا أن الوصيّة الكبرى التي تركها لنا الرب يسوع هي المحبّة: محبّة الله بكل القلب والنفس والذهن ومحبّة القريب حبنا لأنفسنا؛ أي أننا مدعوون إلى المحبة وهذه هي دعوتنا الأسمى وبامتياز ويرتبط فيها أيضًا فرح الرجاء المسيحي، لأن من يحب يفرح برجاء لقاء المحبّة العُظمى التي هي الرب نفسه.

تابع الأب الأقدس يقول يُحذّرنا بولس الرسول في المقطع الذي سمعناه من الرسالة إلى أهل روما: هناك خطر أن تكون محبّتنا مرائيّة، لذلك ينبغي علينا أن نسأل أنفسنا: متى يتمّ هذا الرياء؟ وكيف يمكننا أن نكون واثقين بأن محبّتنا صادقة وحقيقيّة؟ وأننا لا نتظاهر بفعل الخير وبأنّ محبّتنا ليست كتلك التي نراها في المسلسلات بل هي محبّة صادقة وقويّة؟...  يمكن للرياء أن يندسَّ في كلِّ مكان حتى في أسلوبنا في المحبّة. وهذا الأمر يحصل عندما تحرّك محبتَنا مصالِحُنا الشخصيّة، وما أكثرها أشكال المحبّة هذه!... أو عندما نقوم بخدمات المحبّة التي يبدو أننا نتفانى فيها لنُظهر أنفسنا فقط ونشعر بأننا راضون، وهذا هو الرياء؛ أو عندما نطمح إلى الأمور التي تسمح لنا بالظهور لكي نعرض ذكاءنا أو قدراتنا. خلف جميع هذه الأمور هناك فكرة خاطئة وكاذبة، وهي أننا إن أحببنا فلأننا صالحين؛ كما ولو أن المحبة هي من اختراع الإنسان، أو ناتجة عن قلوبنا. لكن المحبّة أولاً هي نعمة، إنها عطيّة من الله ينبغي علينا أن نطلبها، وإن طلبناها فسيمنحنا إياها تلقائيًّا. إن المحبّة لا تقوم في إظهار ما نحن عليه وإنما في ما يمنحنا الرب إياه ونحن نقبله بمجانيّة؛ ولا يمكننا أن نعبّر عنها في لقائنا مع الآخرين ما لم تولد أولاً من اللقاء بوجه يسوع الوديع والرحيم.

أضاف الحبر الأعظم يقول يدعونا بولس لنعترف بأننا خطأة وأنَّ أسلوبنا في المحبّة مطبوع بالخطيئة. ولكنّه في الوقت عينه يجعل نفسه حاملاً لبُشرى جديدة، بُشرى رجاء: إن الرب يفتح أمامنا طريق تحرير وطريق خلاص. إنها الإمكانية لنا لنعيش بدورنا وصيّة المحبة الكبرى ونصبح أدوات لمحبّة الله. وهذا الأمر يتمُّ عندما نسمح لقلب المسيح القائم من الموت أن يشفينا ويجدّدنا. لأن الرب القائم من الموت هو حي بيننا وهو قادر أن يشفي قلوبنا يكفي أن نسأله ذلك. هو الذي يسمح لنا، حتى في صغرنا وفقرنا، أن نختبر شفقة الآب ونحتفل بعظائم محبّته. وبالتالي يمكننا أن نفهم أن ما نعيشه أو نقوم به لإخوتنا ليس إلا الجواب لما صنعه الله ولا زال يصنعه لنا. لا بل إن الله نفسه، وإذ يقيم في قلوبنا وحياتنا، لا يزال يقترب من جميع الذين نلتقي بهم يوميًّا على دروبنا ويخدمهم، بدءًا من الأخيرين والأشدَّ عوزًا الذين يتماثل فيهم هو أولاً.

تابع الأب الأقدس يقول بهذه الكلمات لا يريد بولس الرسول أن يوبّخنا وإنما أن يُشجِّعنا ويعزز فينا الرجاء. في الواقع نختبر جميعًا عيش النقص في وصيّة المحبّة، وهذا الأمر هو نعمة أيضًا لأنه يُفهمنا أننا لسنا قادرين على أن نحب حقيقةً لوحدنا: نحن بحاجة لأن يجدّد الرب دائمًا وباستمرار عطيّة قلبنا هذه من خلال اختبار رحمته اللامتناهية. فنعود هكذا إلى تقدير الأمور الصغيرة والبسيطة والعاديّة التي نعيشها يوميًّا؛ ونصبح قادرين على محبّة الآخرين كما يحبّهم الله ونسعى لخيرهم أي ليكونوا قدّيسين وأصدقاء لله، وسنفرح لإمكانيّة الاقتراب من الفقير والوضيع كما يفعل يسوع مع كل فرد منا عندما نبتعد عنه؛ وللانحناء عند أقدام إخوتنا كما يفعل هو السامري الصالح مع كل فرد منا بشفقته ومغفرته.

وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول أيها الإخوة الأعزاء، إن ما ذكّرنا به بولس الرسول هو السرّ لنكون "في الرجاء فرحين". إنّه فرح الرجاء لأننا نعرف أنّه وفي جميع الأوضاع حتى تلك الأكثر تعسُّرًا وحتى في فشلنا تبقى محبّة الله لنا ثابتة. وبالتالي وإذ تزور قلوبنا وتسكنها نعمته وأمانته نحيا في الرجاء الفرح لمبادلتنا لإخوتنا، بحسب مقدرتنا، للكثير الذي نناله منه يوميًّا. 








All the contents on this site are copyrighted ©.