2017-03-01 11:57:00

في مقابلته العامة البابا فرنسيس: الصوم هو مسيرة رجاء


أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس واستهلّ تعليمه الأسبوعي بالقول في هذا اليوم، أربعاء الرماد ندخل في زمن الصوم الليتورجي. وبما أننا نقوم بسلسلة تعاليم حول الرجاء المسيحي، أريد اليوم أن أقدّم لكم الصوم كمسيرة رجاء.

تابع الأب الأقدس يقول هذا المنظار في الواقع يظهر بوضوح إن فكّرنا أن الكنيسة قد وضعت الصوم كزمن استعداد للفصح، وبالتالي يستنير معنى هذه المرحلة من السرّ الفصحي الذي تتوجّه نحوه. يمكننا أن نتخيّل الرب القائم من الموت الذي يدعونا للخروج من ظلماتنا ونحن نسير باتجاهه هو، الذي هو النور؛ الصوم هو مسيرة نحو يسوع القائم.  ليس الصوم زمن توبة وإماتة بحدِّ ذاته ولكنّه يهدف لجعلنا نقوم مجدّدًا مع المسيح ونجدّد هويّة معموديّتنا أي أن نولد مجدّدًا من "العلى" من محبّة الله. لذلك يُشكّل الصوم بطبيعته زمن رجاء!

أضاف الحبر الأعظم يقول لنفهم بشكل أفضل ما معنى هذا الأمر علينا أن نستند إلى الخبرة الأساسيّة لخروج الإسرائيليين من مصر والتي يخبرنا إياها الكتاب المقدّس في السفر الذي يحمل هذا الاسم: سفر الخروج. نقطة الانطلاق هي حالة العبوديّة في مصر والقمع والأعمال الشاقة. لكن الرب لم ينسى شعبه ووعده بل دعا موسى وبذراع قديرة أخرج بني إسرائيل من مصر وقادهم عبر الصحراء نحو أرض الحريّة. خلال هذه المسيرة من العبوديّة إلى الحريّة، منح الرب الإسرائيليين الشريعة ليربّيهم على محبّته هو الرب الواحد وعلى محبّة بعضهم البعض كإخوة.

تابع البابا فرنسيس يقول يُظهر لنا الكتاب المقدس أن الخروج طويل ومليء بالآلام: يدوم رمزيًّا أربعين عامًا أي المرحلة الزمنية لحياة جيل بكامله. جيل إزاء محن المسيرة تعرّض على الدوام لتجربة التأسُّف على مصر والعودة إلى الوراء، وجميعنا نعرف تجربة العودة إلى الوراء. لكنَّ الرب بقي أمينًا وبقيادة موسى وصل هؤلاء الأشخاص المساكين إلى أرض الميعاد. لقد تمّت هذه المسيرة بكاملها بالرجاء: الرجاء ببلوغ الأرض، وبهذا المعنى بالذات هو خروج من العبوديّة إلى الحريّة. وهذه الأيام الأربعون هي لنا أيضًا خروج من العبوديّة والخطيئة إلى الحريّة واللقاء بالمسيح القائم من الموت. كل خطوة وكل تعب وتجربة، كل سقطة وكل نهوض، جميع هذه الأمور تأخذ معناها فقط داخل مخطط خلاص الله الذي يريد لشعبه الحياة لا الموت والفرح لا الألم.

أضاف الأب الأقدس يقول إن فصح يسوع هو "خروجه" الذي فتح لنا بواسطته الدرب لبلوغ الحياة الكاملة والأبديّة والسعيدة. ولكي يفتح هذا الدرب وهذا الممر وُجب على يسوع أن يتخلّى عن مجده ويواضع نفسه ويطيع حتى الموت موت الصليب. فتح درب الحياة الأبديّة لنا قد كلّفه دمه كلّه، وبفضله خُلِّصنا من عبوديّة الخطيئة. لكن هذا الأمر لا يعني أنه قام بكلِّ شيء ولا ينبغي علينا أن نفعل شيئًا أو أنه مرّ عبر الصليب ونحن نذهب إلى السماء بعربة خيل. ليس الأمر هكذا. خلاصنا هو بالتأكيد عطيّة منه ولكن بما أنَّه قصّة حب فهو يتطلّب منا أن نقول "نعم" ونشاركَه في محبّته، كما تُظهر لنا أمنا مريم والقديسون جميعهم من بعدها.

تابع الحبر الأعظم يقول إن الصوم يعيش من هذه الديناميكيّة: المسيح يسبقنا بخروجه ونحن نعبر الصحراء بفضله وخلفه. لقد جُرِّب من أجلنا وانتصر على المُجرِّب من أجلنا ولكن ينبغي علينا نحن أيضًا أن نواجه التجارب معه ونتخطّاها. هو يعطينا ماء روحه الحي لكن ينبغي علينا أن نستقي من ينبوعه ونشرب في الأسرار والصلاة والعبادة؛ إنه النور الذي يتغلّب على الظلمات ولكن يُطلب منا أن نغذّي الشعلة الصغيرة التي أوكِلت إلينا يوم عمادنا.

أضاف الأب الأقدس يقول بهذا المعنى يصبح الصوم "علامة أسراريّة لارتدادنا" لأن الذي يسير على درب الصوم يكون على الدوام على درب الإرتداد. الصوم هو علامة أسراريّة لمسيرتنا من العبوديّة إلى الحريّة التي ينبغي تجديدها على الدوام. إنها مسيرة مُلزمة بالطبع، تمامًا كما ينبغي أن تكون، لأن المحبّة تُلزم ولكنّها مسيرة مُفعمة بالرجاء. لا بل أقول أكثر: إن "خروج" زمن الصوم هو المسيرة التي يتكوّن الرجاء من خلالها. فتعب عبور الصحراء – أي جميع المحن والتجارب والأوهام –  جميع هذه الأمور تهدف لصوغ رجاء قوي وراسخ على مثال رجاء العذراء مريم التي وفي وسط ظلمات آلام وموت ابنها ثبتت في الإيمان والرجاء بقيامته وبانتصار محبّة الله. وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول بقلب مفتوح على هذا الأفق ندخل اليوم في زمن الصوم، وإذ نشعر بأننا جزء من شعب الله المقدّس لنبدأ بفرح مسيرة الرجاء هذه.     








All the contents on this site are copyrighted ©.