2016-06-09 13:39:00

البابا يستقبل أعضاء جمعيات الأطباء في اسبانيا وأمريكا اللاتينية


استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الخميس في القصر الرسولي بالفاتيكان أعضاء جمعيات الأطباء في اسبانيا وأمريكا اللاتينية وللمناسبة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها تحتفل الكنيسة الكاثوليكيّة هذه السنة بيوبيل الرحمة وهذه مناسبة جيّدة لنظهر الامتنان والتقدير لجميع الأطباء الذين بتكرّسهم ومهنيّتهم وقربهم من المرضى يمكنهم أن يتحوّلوا إلى تجسيد حقيقيّ للرحمة. فهويّة الطبيب والتزامه لا يعتمدان على علمه وكفاءته وحسب وإنما وبشكل أساسي على مواقفه الشفوقة والرحيمة تجاه الذين يتألمون في الجسد والروح.

تابع الأب الأقدس يقول في ثقافتنا التكنولوجيّة والفردانيّة، لا يُنظر دائمًا إلى الشفقة كأمر جيّد، لا بل يتمّ التغاضي عنها لأنها تعرض الشخص الذي ينالها للإهانة والإذلال. لكنّ هذا الأمر ليس صحيحًا لأنَّ الشفقة الحقيقيّة لا تُهمِّش أحدًا ولا تهينه أو تُحقِّره ولا تستثنيه. أنتم تعرفون جيّدًا أن هذا الأمر يعني انتصار الأنانيّة وانتصار "ثقافة الإقصاء" التي ترفض وتحتقر الأشخاص الذين لا يستكملون الشروط والمعايير المعيّنة للصحة والجمال والإفادة.

أضاف الحبر الأعظم يقول إن الصحة هي العطيّة التي يقدّرها الجميع ويرغبون بها. نجد بحسب التقليد البيبلي أن الصحة والخلاص مرتبطان بشكل وثيق؛ وبهذا السياق يطيب لي أن أُذكِّر باللقب الذي يعطيه آباء الكنيسة للمسيح ولعمله الخلاصي: المسيح الطبيب، إنّه الراعي الصالح الذي يجبُرُ الخروف المكسور ويقوِّي الضَّعيف (راجع حزقيال 34، 16)؛ هو السامري الصالح الذي عندما يرى الشخص المتروك بَينَ حَيٍّ ومَيْت على قارعة الطريق، لا يميل عَنهُ ويمضي بل يُشفق علَيه، ويدنو منه ويُضمِّد جِراحَه (راجع لوقا 10، 33- 34). إنّ التقليد الطبي المسيحي قد استلهم على الدوام من مثل السامري الصالح، إنّه تشبّه بمحبّة ابن الله الذي "مَضى مِن مَكانٍ إِلى آخَر يَعمَلُ الخيرَ ويُبرِئُ جَميعَ الَّذينَ استَولى علَيهم إِبليس" (أعمال 10، 38). كم سيساعدنا خلال قيامنا بخدمتنا الطبيّة أن نفكر ونشعر أن المريض هو قريبنا، وأنه من لحمنا ودمنا وأن في جسده الممزق ينعكس سرّ جسد المسيح! "كُلَّما صَنعتُم شَيئاً مِن ذلك لِواحِدٍ مِن إِخوتي هؤُلاءِ الصِّغار، فلي قد صَنَعتُموه" (متى 25، 40).

تابع الأب الأقدس يقول تشكل الشفقة الجواب الملائم لقيمة الشخص المريض، جواب يُصبح احترامًا وتفهُّمًا وحنانًا لأن القيمة المقدّسة لحياة المريض لا تختفي ولا تُظلم بل تُشعُّ وتَسطَعُ بشكل أكبر من خلال ألمه وعجزه. بهذا الإطار يمكننا أن نفهم جيّدًا وصيّة القديس كاميليو دي ليلّيس حول التعامل مع المرضى إذ يقول لنا: "ضعوا قلوبكم في أيديكم". يشكّل الضعف والألم والمرض تجارب قاسية لنا جميعًا، حتى للأطبّاء، كما تشكّل أيضًا دعوة للتحلي بالصبر والشفقة؛ ولذلك لا يمكننا أن نستجيب أبدًا لتجارب اللجوء إلى حلول سريعة وحاسمة إن كان بدافع شفقة خاطئة أو بدافع معايير الفعاليّة والتوفير الاقتصادي.

وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول أيها الأصدقاء الأعزاء أؤكّد لكم تقديري على الجهود التي تقومون بها لكي تشرّفوا مهنتكم أكثر يومًا بعد يوم وعلى مرافقتكم وعنايتكم وتقديركم للعطيّة التي يشكلها المرضى. أؤكّد صلاتي               لكم ولعائلاتكم وأسألكم أن تصلّوا من أجلي!








All the contents on this site are copyrighted ©.