2016-03-29 09:55:00

"شهود القيامة" رسالة البطريرك الماروني لعيد الفصح 2016


تحت عنوان "شهود القيامة"، وجه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي رسالة عيد الفصح 2016 إلى المطارنة والرؤساء العامين والرئيسات العامات والكهنة والرهبان والراهبات، أبناء الكنيسة المارونية في لبنان والشرق الأوسط وبلدان الانتشار، وقد استهلها بالقول: "قيامة المسيح هي جوهر إيمان المسيحيين، كما أعلن القديس أغسطينوس الذي اختبر مفاعيلها في ارتداده إلى الإيمان المسيحي، بعد غربة طويلة عن الله، أضاع فيها زهرة شبابه. ما جعله يؤكد، في كتابه "مدينة الله"، أن "خارجًا عن المسيح، الذي لم يخيّب أبدا الجنس البشري، لم يخلص أحد، ولن يخلص أحد". فالمسيح مات ليفتدينا من خطايانا، وقام ليبرّرنا بقيامة قلوبنا (راجع روم 4، 52). وهو ضمانة مثلّثة: ضمانة لقيامتنا الروحية بنعمة التوبة والغفران، وضمانة لقيامتنا الحسّية بقيامة أجسادنا ممجَّدة، وضمانة لحقيقة المسيح فادي الإنسان، ولأصالة رسالته الخلاصية. ما جعل بطرس الرسول بعد أن شفى مقعدًا عند باب الهيكل "باسم يسوع المسيح" (أعمال 3: 1 ـ 8) يؤكد أمام رؤساء الكهنة وحرّاس الهيكل المستائين من فعلته: "ليعلم الجميع أنّ هذا الرجل يقف هنا أمامكم صحيحًا معافى باسم يسوع المسيح الناصري الذي صلبتموه أنتم، وأقامه الله من بين الأموات. هذا هو الحجر الذي رفضتموه أيها البناؤون، فصار رأسًا للزاوية. فلا خلاص إلا بيسوع، وما من اسم آخر تحت الشمس، وهبه الله للناس، نقدر به أن نخلص" (أعمال 4: 1 ـ 21)." وما جعل بولس الرسول، الذي اختبر القيامة بارتداده بنعمتها من مضطهِد المسيح والكنيسة إلى خادم المسيح ورسول الكنيسة، أن يجزم قائلا: "إن كان المسيح لم يقم، فتبشيرنا باطل وإيمانكم أيضًا باطل وأنتم بعد في خطاياكم، وكنا أشقى الناس جميعًا".

مما جاء في رسالة عيد الفصح للبطريرك الماروني "يحتاج عالم اليوم إلى شهود قيامة وسط الجماعة السياسية وحكام الدول. شهود يختبرون قيامة القلوب بمشاعر الإنسانية والعدالة والسلام. فالقوى السياسية الإقليمية والدولية تفرض الحروب المدمّرة للحجر والبشر في بلدان الشرق الأوسط وبخاصة في فلسطين والعراق وسوريا وسواها، وتوقد نارها وتموّلها وتمدّها بالسلاح وترسل إليها الإرهابيين والمرتزقة وتغطّيها سياسيًا، من أجل مآرب سياسية، ومصالح اقتصادية، وأهداف إستراتيجية. هؤلاء هم أشخاص ماتت المشاعر الإنسانية في قلوبهم، بل قلوبهم ماتت. إننا نصلي من أجل أن تمسّها نعمة القيامة المنتصرة على الموت".

وأضاف البطريرك الراعي: "وللكتل السياسية والنيابية في لبنان التي ترمي سدّة رئاسة الجمهورية في الفراغ منذ سنة وعشرة أشهر، وتحجم عن واجبها الدستوري بانتخاب رئيس للبلاد منذ سنتين كاملتين من دون مبرّر، وتتسبّب بشلّ المجلس النيابي وتعثّر عمل الحكومة وتفشّي الفساد، نرجو أيضًا قيامة القلوب، رحمةً بلبنان وشعبه ومؤسساته. ونرجوها لكي يصبح الخطاب السياسي والديني والاجتماعي خطابَ سلام وتلاقٍ واحترام. نرجوه خطابًا حياتيًّا قائمًا على التعاون والمشاركة المتوازنة في الحكم والإدارة، المرتكزة على التعددية، البعيدة عن الروح المذهبية والفئوية."

أشار البطريرك الماروني في رسالة عيد الفصح 2016 إلى أن "لبنان بحاجة إلى قيامة قلوب أبنائه لكي نحافظ عليه كما يراه المجتمع :"لبنان ـ الرسالة"، مع القديس البابا يوحنا بولس الثاني؛ "لبنان النموذج في القيم الحضارية"، مع المدير السابق للأونيسكو السيد رينيه ماهو؛ "لبنان رئة الحرية والحداثة" بالنسبة لمحيطه العربي، مع رئيس الحكومة القطرية السابق الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني؛ "لبنان العيش المشترك" مع الرأي العام الخارجي، الذي يؤدي دورًا كبيرًا في تظهير الصورة الحقيقية للعالم العربي، وتطوير علاقاته بالعالم الأوروبي؛ "لبنان المنارة للعروبة المتنوّرة" مع جورج نقاش. يستطيع لبنان أن يحافظ على هويّته هذه بمقدار ما تتربّى أجياله عليها، وبمقدار ما يتحصّن نظامه السياسي بالحياد الملتزم بقضايا العدالة والسلام والنموّ في محيطه، والبعيد عن الانخراط في المحاور الإقليمية والدولية، ما يجعله واحةَ تلاق وحوار وسلام".

"وفيما نجدد لكم جميعًا تهانينا بالفصح المجيد ـ ختم البطريرك الماروني رسالته لعيد الفصح 2016 ـ نسأل الله أن يفيض عليكم وعلى أبرشياتكم ورعاياكم ورهبانياتكم ومؤسساتكم، ثمار الفداء وأنوار القيامة". المسيح قام! حقًا قام! هللويا!








All the contents on this site are copyrighted ©.