2016-01-13 12:14:00

في مقابلته العامة مع المؤمنين البابا يتحدث عن الرحمة ويطلق نداء من أجل ضحايا اعتداء اسطنبول


أجرى البابا فرنسيس صباح اليوم الأربعاء مقابلته العامة المعتادة مع وفود الحجاج والمؤمنين في قاعة بولس السادس بالفاتيكان وتمحور تعليم البابا حول الرحمة، وبدأه بقراءة من سفر الخروج "فنَزَلَ الرَّبُّ في الغَمام وَوقَفَ معَه هُناكَ. ومَرَّ الرَّبُّ قُدَّامَه فنادى: "الرَّبُّ الرَّبّ! إِلهٌ رَحيمٌ ورَؤُوف، طَويلُ الأَناةِ كَثيرُ الَرَّحمَة والوَفاء، يَحفَظُ الَرَّحمةَ لأُلوَف، وَيحتَمِلُ الإثمَ والمَعصِيَةَ والخَطيئَة" (خروج 34، 5-7). قال البابا إننا نبدأ اليوم سلسلة التعاليم حول الرحمة من المنظار البيبلي كي نتعلم الرحمة مصغين لما يعلمنا إياه الله نفسه من خلال كلمته.

ولفت البابا إلى أن العهد القديم في الكتاب المقدس يُعدنا ويقودنا إلى الوحي التام بيسوع المسيح والذي تجلت فيه رحمة الآب. وقد قدّمت الكتابات المقدسة الرب على أنه "إله رحيم" وهذا هو الاسم الذي كشف به عن وجهه وقلبه. ويروي لنا سفر الخروج أن الله وعندما كشف عن نفسه لموسى قال له إنه "إِلهٌ رَحيمٌ ورَؤُوف، طَويلُ الأَناةِ كَثيرُ الَرَّحمَة والوَفاء" (خروج 34، 6). وتوجد هذه الصيغة نفسها في نصوص كتابية أخرى تختلف بعض الشيء لكنها تركز على رحمة ومحبة الله الذي لا يكل من المغفرة.

بعدها توقف البابا عند العبارات من الكتاب المقدس التي تحدثنا عن الله.  وقال إن الرب "رحيم" لافتا إلى أن هذه الكلمة تعبر عن الحنان كحنان الأم حيال طفلها، وهذه الصورة تقدم لنا إلها يتأثر ويحن علينا كما تفعل الأم عندما تحمل طفلها بين ذراعيها وتريد فقط أن تحبه وتحميه وتساعده وهي مستعدة لتقديم كل شي، حتى ذاتها. كما أن الكتاب المقدس يصف الله بالـ"رؤوف" الذي يرأف بعظمته وينحني على من هو ضعيف وفقير وهو مستعد دوما لاستقباله وتفهمه ومسامحته، تماما كمثل الأب في إنجيل القديس لوقا (راجع لوقا 15، 11–32): إنه أبٌ لا يغضب من ابنه الذي تركه، بل على العكس بقي ينتظره، ثم ذهب إليه مسرعا وعانقه، ولم يتركه يُنهي اعترافاته وكان كبيرا جدا فرح إيجاده من جديد. بعدها ذهب هذا الأب ودعا أيضا ابنه البكر الذي لم يشأ أن يحتفل بعودة أخيه، هذا الابن الذي مكث دائما في البيت لكنه عاش كخادم لا كابن. وقد انحنى عليه أيضا أبوه ودعاه إلى الدخول وحاول أن يفتح قلب ابنه على المحبة، كي لا يُستثنى أحد من عيد الرحمة.

مضى البابا إلى القول إن الله الرحيم هو أيضا "طويل الأناة"، أي أنه قادر على الاحتمال كثيرا. إن الله يعرف كيف ينتظر وأوقاته ليست كأوقات البشر التي تفتقر إلى الصبر. إنه كالمزارع الحكيم الذي يعرف كيف ينتظر ويعطي الوقت اللازم للبذور الطيبة كي تنمو على الرغم من الزوان (راجع متى 13، 24-30). ويقول الرب عن نفسه أيضا إنه "كثير الرحمة والوفاء". كم هي جميلة هذه العبارة ـ قال البابا فرنسيس ـ لأنها تختصر كل شيء. إن الله عظيم وقدير، بيد أنه يحبنا بعظمته وقدرته، على الرغم من صغرنا وضعفنا. إن محبته تعني عطفه، نعمته وطيبته.

إنها المحبة التي تخطو الخطوة الأولى، والتي لا تعتمد على ما يفعله البشر بل ترتكز إلى مجانية كبيرة جدا. إنها تعرف كيف تتخطى الخطيئة وتتغلب على الشر وتسامح. وذكّر البابا المؤمنين بما يقول صاحب المزامير الذي يصف الرب بالحارس الذي لا ينعس ولا ينام بل يسهر علينا دائما "لا تَرَكَ قَدَمَكَ تَزِلُّ ولا نامَ حارِسُكَ! ها إِنَّ حارِسَ إسرائيلَ لا يَغْفو ولا يَنام ... يَحرُسُكَ الرَّبُّ مِن كُلِّ سوء هو يَحرُسُ نَفسَكَ. الرَّبُّ يَحرُسُكَ في ذَهابِكَ وإِيابِكَ مِنَ الآنَ وللأبدِ". (مزمور 121: 3-4، 7-8).

ختم البابا تعليمه الأسبوعي قائلا إن الله الرحيم أمين لرحمته، مذكرا بكلمات بولس الرسول الذي يؤكد أن الله يبقى أمينا لأنه لا يمكن أن يتنكر لذاته. إن الرب يبقى دائما موضع ثقة. إنه حضور صلب وراسخ وهذا هو يقين إيماننا. ودعا المؤمنين إلى التوكّل على الله بالكامل خلال يوبيل الرحمة هذا كي نختبر فرح أن نكون محبوبين من قبل "إِله رَحيم ورَؤُوف، طَويل الأَناةِ كَثير الَرَّحمَة والوَفاء". في ختام مقابلته العامة مع المؤمنين قرأت على وفود الحجاج القادمين من إيطاليا وأنحاء العالم كافة ملخصات بلغات عدة عن تعليم البابا الأسبوعي لهذا الأربعاء. بعدها أطلق البابا نداء غداة الهجوم الإرهابي الذي وقع في اسطنبول بتركيا يوم أمس الثلاثاء وقال: قبل أن نختم لقاءنا هذا الذي تأملنا فيه معا برحمة الله، أدعوكم إلى الصلاة على نية ضحايا الاعتداء الذي وقع بالأمس في اسطنبول. ليهب الرب الرحيم السلام الأبدي للقتلى، والعزاء لعائلاتهم وليمنح وقفة تضامنية في المجتمع وليحمل قلوب من يمارسون العنف على الارتداد. 








All the contents on this site are copyrighted ©.