2015-11-21 16:25:00

البابا فرنسيس يستقبل المشاركين في مؤتمر مجمع التربية الكاثوليكية


استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر هذا السبت المشاركين في مؤتمر ينظمه مجمع التربية الكاثوليكية تحت عنوان "التربية اليوم وغدًا" في إطار إحياء مناسبتين اثنتين وهما الذكرى الخمسون للقرار المجمعي في التربية المسيحية والذكرى الخامسة والعشرون للدستور الرسولي حول الجامعات الكاثوليكيّة، وللمناسبة وجّه بعض المشاركين أسئلة للأب الأقدس تمحورت حول أزمة التربية الكاثوليكيّة وحول كيفيّة عيش الروابط بين العائلة والمدرسة والدولة في إطار تربية حول ثقافة اللقاء وماذا يعني هذا الأمر بالنسبة للأشخاص الملتزمين في قطاع التربية وأخيرًا حول التحديات التي يواجهها المربون اليوم في زمن الحروب هذا.

في جوابه على السؤال حول أزمة التربية الكاثوليكية قال البابا فرنسيس نحن المسيحيون أقليّة ويأتي إلى ذهني في هذا السياق ما قاله مفكر كبير: "التربية هي إدخال الشخص في ملء الحقيقة" وبالتالي فلا يمكننا أن نتحدث عن تربية كاثوليكية بدون التحدث عن الإنسانية، وأشار الأب الأقدس في هذا السياق أن الهوية الكاثوليكية هي الله الذي صار بشرًا، وبالتالي فعيش المواقف والقيم الإنسانية بملئها يفتح الباب على بذار المسيحيّة ومن ثم يأتي الإيمان. تابع الحبر الأعظم مؤكّدًا أن التربية الكاثوليكية ليست التعليم المسيحي فقط وإنما هي تربية الأطفال والشباب على القيم الإنسانية بملئها وبجميع أشكالها وأحد هذه الأشكال هو التسامي. والأزمة التي تعاني منها التربية اليوم هي انغلاقها على هذا التسامي، نحن منغلقون على التسامي وبالتالي ينبغي علينا أن نحضّر القلوب لظهور الرب بملئه أي في ملء بشريّته التي تملك أيضًا هذا البعد المتسامي. ينبغي علينا أن نربي تربية إنسانيّة وإنما بآفاق مفتوحة، لأن الانغلاق لا يفيد التربية.

تابع الأب الأقدس مجيبًا على السؤال حول كيفيّة عيش الروابط بين العائلة والمدرسة والدولة في إطار تربية على ثقافة اللقاء وماذا يعني هذا الأمر بالنسبة للأشخاص الملتزمين في قطاع التربية وأشار البابا إلى أن الروابط التربوية قد انقطعت وبأن التربية قد أصبحت انتقائية وللنخبة، وأصبح يبدو أن التربية ليست من حق الجميع، وأكّد في هذا السياق أنه لواقع معيب لأنه يحملنا على عيش الانتقاء البشري الذي وبدلاً من أن يقرب الأشخاص والشعوب من بعضهم البعض هو يبعدهم. تابع البابا مشيرًا إلى أن الروابط التربوية بين العائلة والدولة قد انقطعت أيضًا وبالتالي نجد أن العمال الذين يتقاضون أسوء الأجور هم المربين وهذه إشارة إلى أن الدولة لا تهتم بالتربية وإلا لكانت الأمور مختلفة. تابع البابا فرنسيس مشجعًا على البحث عن دروب جديدة في التربية على مثال القديس يوحنا بوسكو الذي خلق في زمنه ما يسمّى بـ "تربية الطوارئ"، واليوم نحن بحاجة لـ "تربية الطوارئ" هذه، ينبغي علينا أن نخاطر بتربية غير "مألوفة" تخرج من الهيكليات المعتادة؛ وأشار الحبر الأعظم في هذا السياق إلى أن الرياضة والفن هم أيضًا مجالات للتربية وبالتالي ينبغي أن ننفتح على أساليب ونماذج جديدة، أساليب تربية لا تقوم فقط على تربية العقل على أفكار ومفاهيم معينة لأن التربية لا تحاكي العقل فقط وإنما القلب واليدين أيضًا ولذلك ينبغي على التربية أن تشمل هذه الأبعاد الثلاثة وبطريقة متناغمة فتصبح عندها تربية إدماج بشري للجميع، لأن العالم لا يمكنه أن يمضي قدمًا في تربية انتقائيّة.

أضاف البابا فرنسيس يقول في المدرسة لا نتعلّم فقط بل نتربى أيضًا على العادات والقيم وأشار في هذا الإطار إلى أن انقطاع الروابط الذي نعيشه اليوم بين المدرسة والعائلة هو أمر خطير لأنه إشارة إلى عدم وجود الحوار وعلى وجود نوع من القساوة، وحيث تكون القساوة لا وجود للأنسنة وبالتالي فيسوع أيضًا لا يمكنه أن يدخل. وماذا يعني هذا الأمر بالنسبة للأشخاص الملتزمين في قطاع التربية؟ تابع البابا متسائلاً، هذا يعني أنه ينبغي على المربي أن يخاطر، لأن الشخص الذي لا يعرف أن يخاطر لا يصلح لأن يربي لأن التربية هي كتعليم المشي لطفل صغير، والمربي الحقيقي يعرف كيف يخاطر.

أما على السؤال الأخير حول التحديات التي يواجهها المربون اليوم في زمن الحروب هذا فأجاب البابا مؤّكدًا أن التحدي الأول يكمن في التوجه إلى الضواحي حيث لا يوجد عدد كاف من المربين والانطلاق نحو المعوزين والفقراء، والذين يعانون الجوع والظلم ليس بسبب ذنب اقترفوه وإنما بسبب واقع اجتماعي أليم، هؤلاء الأشخاص مجروحون في إنسانيتهم، وإذ أننا ننال خلاصنا من جراح رجل مات على الصليب، يمكن للمربين أيضًا أن ينالوا الحكمة من جراح هؤلاء الأشخاص. تابع البابا فرنسيس مشيرًا إلى تحدٍّ آخر وهو الجدران إذ أنها علامة الفشل الأكبر بالنسبة للمربي وللتربية بذاتها، فلا يمكن أن نربي داخل الجدران: جدران ثقافة انتقائيّة أو جدران قطاع اجتماعي يعيش رفاهيّته. وختم البابا فرنسيس بالقول أعطيكم فرضًا تقومون به لدى عودتكم إلى بيوتكم: فكروا بأعمال الرحمة الأربعة عشرة وبكيفيّة عيشها داخل إطار التربية والتربية عليها. فكروا جيّدًا كيف يمكنكم أن تعيشوا أعمال الرحمة، أعمال محبّة الآب وكيف يمكن لمحبة الآب هذه أن تصل للآخرين من خلال عملكم كمربين.  








All the contents on this site are copyrighted ©.