2015-11-20 13:50:00

البابا فرنسيس: بشهادة حياتنا يمكننا أن نجعل الآخرين يختبرون جمال حياة مُعاشة بحسب الإنجيل


استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الجمعة في القصر الرسولي بالفاتيكان المشاركين في مؤتمر يُنظمه في روما مجمع الإكليروس في الذكرى الخمسين على صدور القرارين المجمعيين "في التنشئة الكهنوتيّة" و"في حياة الكهنة ورسالتهم" وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه مؤكّدًا أن هذين القرارين هما البذرة التي زرعها المجمع الفاتيكاني الثاني في حقل حياة الكنيسة وأشار إلى أنهما يشكلان نصفين لواقع فريد: تنشئة الكهنة.

تابع البابا فرنسيس يقول وبما أن الدعوة الكهنوتية هي عطيّة من الله للبعض من أجل خير الجميع أريد أن أتشارك معكم بعض الأفكار انطلاقًا من العدد الثالث من القرار المجمعي "في حياة الكهنة ورسالتهم" حيث نقرأ: "لقد أُخذ الكهنة من الناس وأقيموا لأجل الناس في ما هو لله، ليقربوا تقادم وذبائح عن الخطايا، ويعيشوا مع سائر البشر كإخوةٍ لهم". سنتوقف عند ثلاث نقاط: "أُخذوا من الناس"، "أُقيموا لأجل الناس" و"يعيشون مع سائر البشر".

أضاف الحبر الأعظم يقول إن الكاهن هو إنسان ويولد في إطار بشري يتعلّم فيه القيم ويتشرّب روحانيّة الشعب ويعتاد على العلاقات. لذلك من الأهميّة بمكان أن يتذكر الكهنة والمنشِّئون هذا الأمر ويأخذوا بعين الاعتبار القصة الشخصية لكل فرد خلال مسيرة التنشئة. أحب أن أذكّر في هذا السياق بـ "المركز الراعوي للدعوات" وهو العائلة، الكنيسة البيتيّة، وأول مكان للتنشئة الإنسانيّة حيث تنمو في الشباب الرغبة في حياة كمسيرة دعوة للحياة الكهنوتيّة يسيرونها بالتزام وسخاء. ففي العائلة وفي الأطر الجماعية الأخرى نتعلّم أن نقيم علاقات مع أشخاص حقيقيين، فتصقلنا هذه العلاقات ونصبح ما نحن عليه بفضلها.

إن الكاهن الصالح، تابع البابا فرنسيس يقول، هو قبل كل شيء إنسان يعيش ملء إنسانيّته، وبالتالي يمكننا أن نفهم ضرورة التنشئة الإنسانية للكهنة لكي يتعلّموا ألا يسمحوا لمحدوديتهم بأن تسيطر عليهم وإنما أن يجعلوا مواهبهم تثمر. على الكاهن أن يكون رجل سلام يعرف كيف ينشر الطمأنينة من حوله وينقل جمال العلاقة مع الرب. فنحن الكهنة رسل للفرح، نعلن الإنجيل أي "البشرى السارة" بامتياز؛ لسنا نحن من يعطي القوة للإنجيل وهذا أمر أكيد ولكن يمكننا أن نعزز أو نعيق لقاء الأشخاص بالإنجيل. فإنسانيتنا هي "إناء الخزف" الذي نحمل فيه كنز الله، إناء ينبغي علينا أن نعتني به لننقل جيّدًا محتواه الثمين. كما وأنه لا يمكن للكاهن أن يفقد جذوره، لأنه يبقى على الدوام رجلاً من الشعب والثقافة اللذين ولد منهما؛ إن جذورنا تساعدنا لنتذكر من نحن وأين دعانا المسيح. فالله قد دعانا، أخذنا من الناس ليقيمنا لأجل الناس. وهذه النقطة الثانية.

تابع الأب الأقدس يقول هنا نجدُ النقطة الأساسيّة لحياة الكهنة وخدمتهم. فبالإجابة على دعوة الله نصبح كهنة لخدمة الإخوة والأخوات. إن الصور التي نستند عليها كمرجع لخدمة الكهنة هي واضحة: هو "الكاهن الأعظم" وفي الوقت عينه هو قريب من الله والبشر؛ هو "الخادم" الذي يغسل الأرجل ويقترب من الأشد ضعفًا؛ هو "الراعي الصالح" الذي يهتم بالقطيع على الدوام. إنها الصور الثلاثة التي ينبغي علينا أن ننظر إليها عندما نفكّر بخدمة الكهنة الذين دعوا لخدمة البشر، ليحملوا لهم رحمة الله ويعلنوا لهم كلمة الحياة. فنحن لسنا كهنة لأنفسنا وقداستنا مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بقداسة شعبنا. وبالتالي أن نعرف ونتذكر على الدوام أننا "أُقمنا لأجل الشعب" يساعدنا نحن الكهنة على عدم التفكير بأنفسنا ونكون ثابتين وفرحين، بمعنى آخر رعاة ولا أجراء.

أضاف الحبر الأعظم يقول وختامًا ما يولد من الشعب ينبغي عليه أن يبقى مع الشعب؛ فالكاهن يعيش على الدوام مع سائر البشر؛ هو لا يزاول مهنة في العمل الراعوي أو في البشارة، يقوم بما عليه فعله ومن ثم يعود ليعيش حياة منفصلة. يصبح المرء كاهنًًا ليعيش بين البشر. فالخير الذي يمكن للكهنة تقديمه يولد بشكل خاص من قربهم ومن محبّتهم للأشخاص، هم ليسوا مجرّد أجراء وإنما هم آباء وإخوة. قرب ورحمة ومحبّة: بشهادة الحياة هذه يمكننا أن نبشّر ونجعل الآخرين يختبرون جمال حياة مُعاشة بحسب الإنجيل ومحبة الله التي تُصبح ملموسة من خلال خدّامه.

وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول لقد ترك المجمع الفاتيكاني الثاني للكنيسة "لآلئ ثمينة"، وكالتاجر الذي يخبرنا عنه إنجيل متى نحن نذهب اليوم بحثًا عنها لنستخرج منها دفعًا جديدًا وأدوات جديدة للرسالة التي يوكلها الرب إلينا. أنا واثق أن ثمار أعمال هذا المؤتمر يمكنها أن تُقدّم للكنيسة كتأوين لتعاليم المجمع وتحمل مساهمة لتنشئة الكهنة لكي وإذ يتشبّهون بالرب على الدوام يصبحون كهنة صالحين بحسب قلبه.








All the contents on this site are copyrighted ©.