2015-11-14 15:03:00

البيان الختامي للدورة التاسعة والأربعين لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان


عقد مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان دورته السنوية التاسعة والأربعين في الصرح البطريركي في بكركي، من التاسع إلى الرابع عشر من شهر تشرين الثاني 2015، برئاسة صاحب الغبطة والنيافة، الكردينال مار بشاره بطرس الراعي، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق، وبمشاركة أصحاب الغبطة البطاركة الكاثوليك، وأصحاب السيادة المطارنة، وقدس الرؤساء العامين والرؤساء الأعلين، وحضرات الرئيسات العامات أعضاء المكتب الدائم للرهبانيات النسائية. وشارك في جلسة الافتتاح سيادة السفير البابوي، المطران غبرياليه كاتشا.

ونقلاً عن الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية تمحورت الدورة حول موضوع "التعاون الراعوي بين الكنائس الكاثوليكية في لبنان". وقد توقف الآباء عند وثائق ثلاث صدرت عن قداسة البابا فرنسيس خلال هذه السنة، الأولى عن إعلان السنة اليبويلية تحت شعار "كونوا رحماء كما أن أباكم السماوي رحيم"، والثانية رسالة "لك التسبيحّ" عن البيئة، والإرادة الرسولية "يسوع العطوف والرحيم" حول أصول المحاكمات في دعاوى بطلان الزواج . فبالنسبة إلى السنة اليوبيلية تداول الآباء في كيفية عيش المؤمنين روحانية هذه السنة اليوبيلية في الرحمة. وعن موضوع البيئة والاعتناء بالأرض، "بيتنا المشترك"، قرّر الآباء إدراج الموضوع بين مهام اللجنة الأسقفية لراعوية الصحة لتصبح "راعوية الصحة والبيئة". أمّا بالنسبة إلى الإرادة الرسولية، فقد استمع المجلس إلى سيادة المونسنيور بيو  فيتو بينتو، عميد محكمة الروتا الرومانية، الذي شرح التعديلات التي أدخلتها الإرادة الرسولية على أصول المحاكمات في دعاوى بطلان الزواج، بهدف مساعدة أساقفة الأبرشيات والمحاكم الروحية على تطبيقها ابتداءً من الثامن من كانون الأول المقبل.

كما واطّلع المجلس على تقارير اللجان الأسقفية والهيئات التابعة له، وناقشوا أعمالها، وأعطوا بشأنها التوجيهات الملائمة، تعزيزًا لنشاطها ورسالتها في خدمة الكنيسة والمجتمع. وفيما يتعلّق بالأوضاع في لبنان والمنطقة فقد عبّر الآباء عن ألمهم الكبير إزاء العمل الإجرامي بتفجيرين متتاليين في برج البراجنة اللذين أوقعا عشرات القتلى والجرحى من المواطنين الأبرياء، ورفعوا الصلاة إلى الله لراحة نفوس الضحايا وتعزية أهلهم، ملتمسين الشفاء العاجل للجرحى، وأعربوا عن إدانتهم الكبيرة لهذا العمل الإجرامي، داعين الجميع إلى تضافر الجهود والقوى للمحافظة على الوحدة الداخلية، ولمحاربة الإرهاب. وإزاء العملية الإجرامية الهائلة التي ضربت العاصمة الفرنسية في أكثر من مكان ليلة أمس وأوقعت مئات القتلى والجرحى يفوق المائتين. أدان الآباء أشدّ الإدانة هذه العملية الإرهابية، وقدّموا تعازيهم للدولة الفرنسية، رئيسًا وشعبًا، وأهل الضحايا، رافعين الصلاة إلى الله لراحة نفوس القتلى وشفاء الجرحى وإحلال السلام. وطالبوا المجتمع الدولي بوضع حدّ للإرهاب والحروب والكفّ عن استغلال التنظيمات الإرهابية لمآرب خاصة.

هذا وأعرب الآباء عن ارتياحهم لانعقاد جلسة للمجلس النيابي في اليومين السابقين لإقرار ضرورات مالية ونقدية ووطنية لا تتحمّل التأجيل مع التأكيد على عدم إمكانية هذا المجلس أن يشرّع بغياب رئيس للجمهورية. وأثنوا على الجهود التي بذلتها القوى السياسية المسيحية لتوحيد الرؤية والمطلب، ولتأمين انعقاد هذه الجلسة. وقد تبيّنت قيمة وحدة هذه القوى على الصعيد الوطني العام. كما وذكّر الآباء في البيان الختامي بأنّ انتخاب الرئيس يشكّل الباب للعبور نحو الخير العام الذي يشمل النمو الاقتصادي والشؤون المعيشية والأمنية، وذلك من خلال ممارسة واعية ومتجددة للسلطات التشريعية والتنفيذية والإدارية والقضائية. فلا يمكن القبول، بأي شكل من الأشكال، أن تُمارَس هذه السلطات على مقياس المصالح الشخصية والفئوية والمذهبية، أو أن تُرْهَن بالنزاعات القائمة في المنطقة وفي الداخل بانتظار مصيرها ونتائجها.

وفي هذا السياق يؤكّد الآباء في البيان أن الكنيسة تضمّ جهودها إلى الإمكانات العامة الأخرى، من خلال إمكاناتها في ملاقاة الناس في أحوالهم الصعبة، فتفعّل مؤسساتها الراعوية والتربوية والإستشفائية والاجتماعية لهذه الغاية، ولن تتوانى عن واجب المحبة هذا، متّكلة على جودة الله. وهي تعرب عن تقديرها للمتطوعين والعاملين والعاملات في مؤسساتها وللمحسنين ولكل الذين يقومون بمبادرات شخصية لمساعدة الإخوة في حاجاتهم، بل ولكل المؤسسات الخيرية التي تخفف عن كاهل العائلات. وفي الوقت عينه تطالب الكنيسة الدولة، وهي المسؤولة الأولى عن توفير العيش الكريم لمواطنيها وعن ضمان أمنهم الاجتماعي والاقتصادي، لتقوم بواجبها الأساس هذا وبدفع ما يتوجب عليها من مترتبات مالية للمدارس المجانية والمستشفيات والمؤسسات الاجتماعية والإنسانية التي تتفانى الكنيسة من خلالها لخدمة الإنسان.

وفي ما يخص أمن المنطقة يرى الآباء أن تفاقم الأزمات والحروب في بلدان عدة من الشرق الأوسط، وما يتسبّب عنها من ويلات ومصائب بات مسؤولية دولية تتخطّى أحجام دول المنطقة وشعوبها. فإنهم، إذ يجددون إدانتهم العنف الذي يطال المسيحيين والمكوّنات الصغرى الأخرى في العراق وسوريا، يناشدون المجتمع الدولي والدول المعنية لإيقاف الحرب وإحلال السلام في منطقتنا، والتوصل إلى حلول سياسية سلمية، بالاستناد إلى القوانين الدولية التي تحفظ حقوق الشعوب والدول، وتصون وحدة أراضيها. كما يثمّنون مواقف الدول التي تستقبل النازحين من المنطقة، ودور الكرسي الرسولي والدول التي تحرص على الحفاظ على الحضور المسيحي في هذا الشرق، أو تدافع عن حقوق المسيحيين فيه كمواطنين أصيلين متساوين، وعودة النازحين إلى ديارهم، مع التعويض عما فقدوه، والعيش آمنين كرماء في أوطانهم.

وفي اختتام البيان أمل مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان أن تكون ذكرى الاستقلال القريبة مناسبة خيّرة تلهم الجميع للعمل على أن يستعيد لبنان عافيته فتتأمّن لشعبه ظروف الازدهار والرخاء. وفيما تعيش الكنيسة زمن الميلاد المجيد، رفع الآباء دعاءهم إلى المسيح، وجه الآب الرحيم، كي يُنعم على لبنان والمنطقة والعالم بالسلام.








All the contents on this site are copyrighted ©.