2015-11-07 16:06:00

مقابلة البابا فرنسيس مع صحيفة هولندية


نشرت صحيفة "Straatnieuws" الهولنديّة صباح الخميس مقابلة أجرتها مع قداسة البابا فرنسيس تحدث فيها عن ذكريات طفولته وعن التزامه مع الفقراء في بوينوس آيرس في الأرجنتين وتضامن الكنيسة مع الفقراء.

بدأ البابا فرنسيس حديثه للصحيفة الهولندية بالحديث عن ذكريات طفولته وقال منذ سنواتي الأولى وحتى دخولي الاكليريكية عشت في الشارع عينه، في حي بسيط في بوينوس آيرس. أذكر جيّدًا أنني كنت أهرب من البيت لألعب كرة القدم مع أصدقائي بعد المدرسة. لقد كان أبي محاسبًا وأجدادي كانوا يسكنون على مقربة منا. أذكر جيّدًا أيضًا أسماء جميع الأشخاص في الحي، وعندما أصبحت كاهنًا كنت أزورهم لأمنحهم الأسرار، كانوا يتصلون بي وكنت أزورهم لأنني أحبّهم. هذه هي الذكريات العفوية التي تأتي إلى ذهني.

تابع الأب الأقدس متحدثًا عن التزامه الشخصي مع الفقراء وقال لقد أثرت بي امرأة – وهي إيطالية مثلنا – كانت تأتي إلى منزلنا ثلاث مرات في الأسبوع لتساعد أمّي في الأعمال المنزليّة وكانت فقيرة جدًا وحالتها قد أثرت بي، علمًا أننا لم نكن أغنياء ولكن لم تكن تنقصنا الأمور الضروريّة أما هي فبلا، لكنها تركت الأرجنتين وعادت إلى إيطاليا لفترة ثم رجعت إلى الأرجنتين وهي في التسعين من عمرها، وقد عدت والتقيت بها عندما أصبحتُ رئيس أساقفة بوينوس آيرس ورافقتها حتى مماتها وهي ابنة ثلاث وتسعين سنة. وفي أحد الأيام أعطتني أيقونة لقلب يسوع الأقدس ولا أزال أحملها معي حتى اليوم، إنها تذكار منها لكنها تساعدني أيضًا لكنها تذكرني بفقر تلك المرأة وبجميع الذين يعانون من الفقر.

وفي هذا السياق تابع البابا فرنسيس مجيبًا عن سؤال حول الرسالة التي تحملها الكنيسة للمشردين وقال هذا السؤال يحمل إلى ذهني أمرين الأول أن يسوع قد جاء إلى العالم كمشرّد وصار فقيرًا مثلنا. وثانيًا أن الكنيسة تريد أن تعانق الجميع وتقول لهم إنه من حق كل فرد أن يكون لديه سقفًا يحميه. إن الحركات الشعبية تعمل على ثلاثة نقاط العمل والبيت والأرض والكنيسة تُبشِّر بحق كل إنسان بالحصول على هذه الأمور الثلاثة. تابع الأب الأقدس مؤكدًا أنه لن يتعب من التذكير دائمًا بالانتباه والاهتمام بالفقراء واللاجئين لأنه ينبغي عليه أن يقول الحق ويشعر بأنه واجبه ويشعر به في داخله، وهكذا ينبغي أن يكون الأمر أيضًا بالنسبة لكل شخص. سأتوقف عند تجربتين نتعرض لهما تابع الحبر الأعظم يقول يجب على الكنيسة أن تتحدث بالحق والشهادة: من خلال شهادتها للفقر، إذ لا يمكن للمؤمن أن يتحدث عن الفقراء والمشردين وهو يعيش حياة غنى ورخاء، وهذه التجربة الأولى. أما التجربة الثانية فهي الاتفاقات التي يمكن أن تتم مع الدولة، من الجيد أن تتم هذه الاتفاقات لكن ينبغي أن تكون واضحة وشفافة كما وينبغي أن يكون هناك من يدقق لكي لا نقع في الفساد، لأن هناك على الدوام تجربة الفساد في الحياة العلنية السياسيّة أو الدينية.

وفي جوابه على السؤال إن كان يشعر بأنه حرٌّ داخل الفاتيكان قال البابا فرنسيس بعد أن تم انتخابي حبرًا أعظم توجّهت إلى البيت البابوي في القصر الرسولي، ليس بيتًا فخمًا لكنه كبير جدًا. لكن وبعد أن رأيته شعرت بأنني معزول عن العالم وفكرت في نفسي أنه لا يمكنني أن أعيش هنا ولاسيما لأسباب "عقليّة"، لأن العزلة ستسيء إليَّ، ولذلك طلبت أن أبقى في بيت القديسة مرتا وهذا الأمر يجعلني أشعر بالحريّة لأنني ألتقي بالأشخاص وآكل معهم وهذا الأمر يجعلني حرًّا لكنني أفتقد أيضًا للحياة في الشارع، لا أفتقد للقاء مع الناس لأنني ألتقي بهم أسبوعيًّا في المقابلة العامة وعندما أزور الرعايا وأنا أفرح بهذه اللقاءات.

بعدها أجاب الأب الأقدس على سؤال حول كنوز الكنيسة وإن كان هذا الأمر يزعجه بكونه قد اختار اسم القديس فرنسيس الذي اختار الفقر الجذري وباع كل شيء. قال الحبر الأعظم إنه سؤال صعب لكن هذه الكنوز ليست كنوز الكنيسة وإنما هي كنوز البشريّة، فعلى سبيل المثال تمثال الأم الحزينة لمايكال أنجلو ليس ملكًا للكنيسة، صحيح هو موجود في كنيسة ولكنه ملك للبشريّة. وهذه هي الحال أيضًا بالنسبة لكنوز الكنيسة الأخرى. لكننا نبيع كل الهدايا التي تقدم لي وما يُجنى من المبيع أُعطيه للمطران كرايفسكي رئيس مكتب الكرسي الرسولي المعني بأعمال المحبة. كما وأنه تم بيع جميع السيارات وقد استعمل ثمنها لمساعدة الفقراء، هناك أمور يمكننا بيعها ولكن هناك أمور أخرى لا يمكن بيعها. تابع البابا فرنسيس يقول إن قمنا بكتابة لائحة بخيور الكنيسة الزمنيّة نجد أن الكنيسة غنيّة، وهذا صحيح لأن ممتلكات الكنيسة غير المنقولة هي عديدة لكننا نستعملها لدعم المؤسسات الكنسية والعديد من أعمال المحبة في البلدان الفقيرة كالمستشفيات والمدارس.

بعدها أجاب الحبر الأعظم على السؤال إن كان قد زار هولندا وإن كان سيزورها؛ وقال البابا نعم عندما كنت رئيسًا لإقليم الرهبنة اليسوعية في الأرجنتين، وقد زرت فيخين حيث هناك دير الابتداء وديرًا آخرًا لليسوعيين في أمستردام، وأكّد البابا في هذا السياق انه لا يستبعد الزيارة إلى هولندا وأن الأبواب ليست مغلقة على هذه الإمكانية. وختم البابا فرنسيس حديثه  لصحيفة "Straatnieuws" الهولنديّة بالقول أريد عالمًا بدون فقراء وينبغي علينا أن نكافح لأجل هذا الأمر. لكنني أعلم أن الأمر قد يكون صعبًا بسبب الخطيئة التي يحملها كل منا في داخله ومن ثم هناك الجشع وغياب التضامن والأنانية. لكن ينبغي أن نكافح من على الدوام من أجل هذا الأمر.          

 

 

 








All the contents on this site are copyrighted ©.