2015-10-20 12:48:00

البابا فرنسيس: وافرة هي محبة الله للإنسان


"الله يعطي دائمًا نعمته بسخاء للبشر الذين يكيلون "العطاء بحسب الظروف"، إن فهم وفرة الحب الإلهي هو على الدوام ثمرة النعمة" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الثلاثاء في عظته مترئسًا القداس الإلهي في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان.

قال البابا: وافرة هي محبة الله للإنسان، وسخاؤه لا يمكن للإنسان أن يفهمه أبدًا لأن الإنسان يكيل مقدارًا معيّنًا عندما يقرر أن يعطي شيئًا مما يملك. استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من القراءة الأولى التي تقدمها لنا الليتورجية اليوم من رسالة القديس بولس إلى أهل روما وقال إن الخلاص الذي حمله يسوع، والذي يفوق سقطة آدم، هو علامة بذل الذات السخي، فالخلاص هو الصداقة التي تجمعنا به.

تابع البابا فرنسيس يقول كيف يعطينا الله الخلاص، أي صداقته في هذه الحالة؟ يعطيه كما يقول لنا إنه سيكافئنا عندما نقوم بعمل صالح: "سَتُعطَونَ في أَحضانِكُم كَيلاً حَسَناً مَركوماً مُهَزهَزاً طافِحاً"... يجعلنا هذا القول نفكر بالوفرة والسخاء إذ أنه يستعمل ثلاث كلمات ليشير إلى الكيل الذي سنناله. فالله يعطي على الدوام بوفرة وغزارة وهذا ما دفع القديس بولس للقول: "حَيثُ كَثُرَتِ ٱلخَطيئَةُ فاضَتِ ٱلنِّعمَ"، لا بل يفيض كل شيء. هذه هي محبة الله: محبة بلا مقياس، يعطي ذاته بالكامل.

أضاف الأب الأقدس يقول إن محبة الله لا تعرف الحدود تمامًا كمحبة الأب الذي يخبرنا عنه المثل في الإنجيل الذي كان يراقب الأفق يوميًّا في انتظار عودة ابنه إليه. إن قلب الله لا يُغلق أبوابه أبدًا بل يُشرّعها على الدوام، وعندما نأتي إليه، كذاك الابن، يغمرنا ويقبِّلنا ويفرح: إنه إله يفرح. الله ليس إلهًا تعيسًا أو بائسًا، بل هو إله يعطي كل شيء. كما وإنه ليس إلهًا يراوح مكانه: هو ينظر وينتظر إلى أن نتوب ونعود إليه. الله هو إله يخرج: يخرج ليبحث عن كل فرد منا. قد تسألونني: "هل هذا أمر أكيد؟"، نعم هو يبحث عنا يوميًّا، كما فعل سابقًا وكما يخبرنا في مثل الخروف الضائع والدرهم الضائع، هو يبحث عنا على الدوام.

تابع البابا فرنسيس يقول: "هكذا يَكونُ فرَحٌ فِي السَّمَاءِ بِخاطئٍ وَاحِدٍ يَتوب أَكثَرَ مِن تِسعَةٍ وَتِسعِينَ بَارًّا لاَ يَحتَاجُونَ إِلَى تَوبَة". هذه هي الحقيقة ولكن بالرغم من ذلك يصعب علينا أن نفهم هذا الأمر بحسب معاييرنا ومقاييسنا البشريّة المحدودة وبالتالي يصعب علينا أيضًا فهم محبّة الله، ولن نتمكن من فهمها إلا من خلال نعمة خاصة يمنحنا الله إياها بنفسه. وذكّر البابا في هذا الإطار بقصة إحدى الراهبات المسنات التي عاشت في أبرشيّته والتي بالرغم من سنها المتقدمة كانت تقضي نهارها في المستشفى تحدث المرضى عن محبة الله بابتسامة لا تفارق محيّاها. هذه الراهبة، قال البابا، قد نالت نعمة فهم هذا السرّ، سر وفرة محبة الله وسخائه الذي يصعب على كثيرين فهمه.

وختم الأب الأقدس عظته بالقول هذا صحيح! نحن معتادون على أن نكيل العطاء بحسب الظروف، لكن مكاييلنا ومقاييسنا صغيرة جدًّا؛ لذلك سيساعدنا جدًّا أن نطلب من الروح القدس نعمة أن نقترب ولو قليلاً من فهم محبة الله الوافرة هذه، ونعمة أن نتوق لعناقه وقبلاته التي لا تعرف مقياسًا ولا حدود.   








All the contents on this site are copyrighted ©.