2015-09-21 17:02:00

البابا فرنسيس يحتفل بالقداس الإلهي في هولوغوين


ترأس قداسة البابا فرنسيس عند الساعة العاشرة والنصف بالتوقيت المحلّي من صباح الاثنين الحادي والعشرين من أيلول في ساحة "لاريفولوسيون" في هولوغوين القداس الإلهي بحضور عدد كبير من الأساقفة والرهبان والراهبات والعلمانيين المؤمنين وللمناسبة ألقى البابا عظة استهلّها بالقول: نحتفل بعيد القديس متى الإنجيلي والرسول، نحتفل بقصة ارتداد، فهو بخبرنا بنفسه كيف كان اللقاء الذي طبع حياته، ويدخلنا في "تبادل النظرات" الذي بإمكانه أن يبدل التاريخ.

تابع البابا فرنسيس يقول لقد كان يومًا كباقي الأيام، وبينما كان يجلس في بيت الجباية مرّ يسوع ورآه فاقترب منه وقال له: "اتبعني"، فقام وتبعه. لقد نظر إليه يسوع، وما أقوى الحب الذي حملته نظرة يسوع ليحرك متى كما فعل! وما أقوى تلك العينان اللتان جعلتاه يقوم! نعلم جيدًا أن متى كان عشارًا، والعشارون كانوا يعتبرون خطأة وبالتالي كانوا يعيشون منعزلين ومُحتقرين من الآخرين. لقد كان الشعب يعتبرهم خونة لأنهم يأخذون أموال شعبهم ويعطوها لآخرين. لكنّ يسوع توقف ونظر إليه بعين الرحمة؛ نظر إليه كما لم ينظر إليه أحد من قبل، وهذه النظرة فتحت قلبه وحررته وشفته، أعطته رجاء وحياة جديدة تماما كزكا وبرطيما ومريم المجدلية وبطرس وككل فرد منا أيضًا، حتى إن لم نكن نجرؤ على رفع أعيننا نحو الرب فهو سينظر إلينا أولاً.

أضاف الأب الأقدس يقول إنها قصة حياتنا الشخصية وكل فرد منا بإمكانه أن يقول أيضًا: أنا خاطئ ينظر إليه يسوع. وبالتالي أدعوكم لتتذكروا بامتنان وفرح تلك اللحظة التي أمال فيها الله نظرته الرحيمة على حياتنا. إن حبه يسبقنا، ونظرته تسبق احتياجاتنا، هو يعرف كيف ينظر أبعد من المظاهر والخطيئة والفشل والاستحقاق. يعرف كيف ينظر أبعد من الفئة الاجتماعية التي ننتمي إليها. فهو ينظر إلى كرامة الابن، التي تشوّهُها الخطيئة أحيانًا، ولكنها حاضرة في عمق نفوسنا على الدوام. لقد جاء ليبحث عن جميع الذين يشعرون بأنهم لا يستحقون الله والآخرين. لنسمح ليسوع بأن ينظر إلينا، لنسمح لنظرته بأن تسير في دروبنا، لنسمح لنظرته بأن تعيد إلينا الفرح والرجاء.

تابع الحبر الأعظم يقول بعد أن نظر إليه برحمة، قال الرب لمتّى: "اتبعني"، فقام وتبعه. بعد النظرة جاءت كلمة يسوع، وبعد الحب الرسالة. لم يعد متى الشخص عينه، لقد تغيّر داخليًّا. لقد حوّله اللقاء مع يسوع ومحبته الرحيمة. فترك بيت الجباية والمال وتهميشه. لقد كان ينتظر جالسًا ليجمع المال ويأخذ من الآخرين، أما الآن مع يسوع فينبغي عليه أن يذهب ليعطي ويقدّم ويبذل ذاته في سبيل الآخرين. لقد نظر إليه يسوع فوجد متى الفرح في الخدمة. إن نظرة يسوع تولد نشاطًا إرساليًّا، نشاط خدمة وتفان؛ فمحبته تشفي ضعف نظرنا وتحثنا على النظر أبعد وعلى عدم التوقف عند المظاهر. إن يسوع يسير قدمًا، يسبقنا ويفتتح الطريق ويدعونا لإتباعه. يدعونا لنسير يبطئ ونتخطى أحكامنا المسبّقة وتصدّينا للتغيير في الآخرين وفي أنفسنا. يتحدانا يومًا بعد يوم بالسؤال: هل تؤمن؟ هل تؤمن أنه بإمكان العشار أن يتحول إلى خادم؟ هل تعتقد أنه من الممكن أن يصبح الخائن صديقًا؟ هل تعتقد انه من الممكن أن يكون ابن النجار ابن الله؟ إن نظرته تحوّل نظرتنا، وقلبه يحول قلبنا. الله هو أب ويريد خلاص جميع أبنائه. لنسمح للرب بأن ينظر إلينا في الصلاة والافخارستيا والاعتراف، في إخوتنا لاسيما أولئك الذين يشعرون بأنهم متروكون ووحيدون. لنتعلّم أن ننظر إلى الآخرين كما ينظر إلينا. لنشارك حنانه ورحمته مع المرضى والمساجين والمسنين والعائلات التي تعيش في المحن. نحن مدعوون مرة أخرى لنتعلم من يسوع الذي يرى على الدوام أكثر ما هو حقيقيّ في كل شخص، أي صورة الآب.

أضاف البابا فرنسيس يقول أعرف الجهد والتضحية التي تعمل من خلالهما الكنيسة في كوبا لتحمل للجميع كلمة المسيح وحضوره. تجدر الإشارة إلى ما يُعرف بـ "بيوت الرسالة" التي، وبسبب نقص الكنائس والكهنة، تسمح للعديد من الأشخاص بالحصول على مكان للصلاة والإصغاء للكلمة، مكان للتعليم المسيحي والحياة الجماعية. إنها علامات صغيرة لحضور الله في أحيائنا ومساعدة صغيرة لإحياء كلمات القديس بولس الرسول: "أُناشِدُكم إِذًا، أَنا السَّجينَ في الرَّبّ، أَن تَسيروا سيرةً تَليقُ بِالدَّعوَةِ الَّتي دُعيتُم إِلَيها، سيرةً مِلؤُها التَّواضُعُ والوَداعَةُ والصَّبْر، مُحتَمِلينَ بَعضُكُم بَعضًا في المَحبَّة ومُجتَهِدينَ في المُحافَظَةِ على وَحدَةِ الرُّوحِ بِرِباطِ السَّلام" (أفسس 4، 1- 3).

وختم الأب الأقدس عظته بالقول أريد الآن أن أوجّه النظر نحو العذراء مريم، سيّدة المحبة في كوبريه، التي قبلتها كوبا بين ذراعيها وفتحت لها أبوابها على الدوام، وأسألها أن تميل نظرها الوالدي إلى كل فرد من أبناء هذه الأمة الشريفة، ولتكن عيناها الرحيمتين متنبهتان على الدوام على كل فرد منكم وبيوتكم فتحفظنا جميعًا كما حفظت يسوع في محبتها، ولتعلّمنا أن ننظر إلى الآخرين كما نظر يسوع إلينا.          








All the contents on this site are copyrighted ©.