2015-09-16 13:06:00

البابا فرنسيس: الله يريد أن يجعلنا جميعًا إخوة في عالم يولد من العائلة


أجرى قداسة البابا فرنسيس صباح الأربعاء مقابلته العامة مع المؤمنين في ساحة القديس بطرس واستهل تعليمه الأسبوعي بالقول هذا هو تأملنا الختامي حول موضوع الزواج والعائلة. نحن في عشيّة أحداث جميلة ومًُلزمة ترتبط بشكل مباشر بهذا الموضوع الكبير: اللقاء العالمي للعائلات في فيلادلفيا وسينودس الأساقفة هنا في روما. حدثان ذات طابع عالمي ينسجم مع البعد الشامل للمسيحية وإنما أيضًا مع القدرة العالميّة لهذه الجماعة البشريّة الأساسيّة والتي لا يمكن استبدالها والتي هي العائلة.

تابع البابا فرنسيس يقول إن التبدل العالمي للحضارات يبدو مطبوعًا بنتائج طويلة الأمد لمجتمع تقوده التكنوقراطيّة الاقتصادية. وإخضاع الأخلاق لمنطق الربح يملك وسائل هائلة ودعمًا إعلاميًا كبير. في هذا الإطار، يصبح العهد الجديد بين الرجل والمرأة أساسيًّا من أجل تحرير الشعوب من استعمار المال. ينبغي على هذا العهد أن يوجّه مجدّدًا السياسة والاقتصاد والتعايش الحضاري! فهو يُقرّر صلاحية السكن في الأرض، ونقل معنى الحياة وروابط الذكرى والرجاء. وبالتالي يمكننا القول إن هذه الجماعة الزوجيّة – العائليّة بين الرجل والمرأة تشكّل القاعدة المولِّدة لهذا العهد الذي يستقي الإيمان من حكمة الله الخالقة الذي أوكل العائلة مشروع تحويل العالم إلى "بيت". إن العائلة هي في أساس هذه الثقافة العالميّة التي تُخلّصنا من العديد من الهجمات والدمار والاستعمار، كاستعمار المال والإيديولوجيات التي تهدد العالم.

أضاف الأب الأقدس مشيرًا إلى أنه استوحى تأملات الأربعاء حول العائلة من كلمة الكتاب المقدس حول الخلق، وأكّد أن الخلق ليس مجرّد مقدِّمة فلسفيّة بسيطة بل هو الأفق الشامل للحياة والإيمان، وبأنه ليس هناك أي مخطط إلهي غير الخلق وخلاصه. إذ إنه ومن أجل خلاص الخليقة – كل خليقة – صار الله بشرًا: "من أجلنا ومن أجل خلاصنا" كما نقول في فعل الإيمان، ويسوع القائم من الموت هو "بكر كلِّ خليقة" (قولوسي 1، 15). والعالم المخلوق قد أوكل إلى الرجل والمرأة: وما يحصل بينهما يطبع كل شيء. فرفضهما لبركة الله يقود على نحو مُهلك إلى هذيان تسلُّط يدمّر كل شيء، وهذا ما نسميه "الخطيئة الأصليّة". وجميعنا نأتي إلى هذا العالم مع إرث هذا المرض.

وبالرغم من هذا، تابع البابا فرنسيس، لسنا ملعونين ولا متروكين لأنفسنا. لأن الرواية القديمة لحب الله الأول للرجل والمرأة قد كُتبت بأحرف من نار: "وأجعل عداوةً بينك وبين المرأة وبين نسلِكِ ونسلِها" (تكوين 3، 15). هذه هي الكلمات التي وجهها الله للحية المخادعة، ومن خلال هذه الكلمات يطبع الله المرأة بستر وقائي ضدّ الشرّ، أي أن المرأة تحمل بركة سريّة وخاصة لتدافع عن خليقتها من الشرير! تمامًا كالمرأة في سفر الرؤيا التي هربت لتُخبّئ ابنها من التنين، والله قد حماها (راجع رؤيا 12، 6). فكروا بعُمق ما يُفتح أمامنا هنا! هناك فسحات عديدة وأحيانًا مسيئة أيضًا حول المرأة المُحرّضة على الخطيئة والتي توحي بالشر. ولكن هناك أيضًا فسحة لللاهوت حول المرأة التي تستحق بركة الله هذه لها ولنسلها. إن حماية الله الرحومة تجاه الرجل والمرأة، تبقى ثابتة على الدوام. ولا ينبغي علينا أبدًا أن ننسى هذا الأمر! وتخبرنا لغة الإنجيل الرمزيّة بأن الله قد صنع للرجل والمرأة أقمصة من جلد وألبسهما قبل أن يطردهما من الجنة. إن تصرُّف الحنان هذا يعني أيضًا أنه حتى في تبعات خطيئتنا الأليمة لا يريدنا الله أن نبقى عراةً ومتروكين لمصيرنا مصير الخطأة. هذا الحنان الإلهي وهذه العناية بنا نراهما متجسِّدَين في يسوع الناصري، ابن الله "المولود من امرأة" (غلاطية 4، 4). ويقول القديس بولس على الدوام: "بأن المسيح قد مات من أجلنا إذ كنّا خاطئين" (روما 5، 8). فالمسيح المولود من امرأة هو لمسة حنان الله على جراحنا وأخطائنا وخطايانا لكن الله يحبنا كما نحن ويريد أن يحملنا قدمًا في مسيرتنا في مخططه هذا، والمرأة هي الأقوى لإتمام هذا المخطط. 

وختم البابا فرنسيس تعليمه الأسبوعي بالقول إن الوعد الذي يقطعه الله للرجل والمرأة، في بدء التاريخ، يشمل جميع الكائنات البشريّة وصولاً إلى نهاية التاريخ. فإن كنا نملك الإيمان الكافي فستعترف عائلات شعوب الأرض في نفسها بهذه البركة. ولذلك، كل من يتأثر بهذه النظرية، بغض النظر إلى الشعب أو البلد أو الديانة التي ينتمي إليها ليَنطلق في المسيرة معنا وسيكون أخانا وأختنا. لنسر معًا تحت هذه البركة، هذا هو هدف الله أن يجعلنا جميعًا إخوة في الحياة في عالم يسير ويولد من العائلة ومن الاتحاد بين الرجل والمرأة. ليبارككم الله يا جميع عائلات الأرض! 








All the contents on this site are copyrighted ©.