2015-09-07 14:38:00

البابا فرنسيس يستقبل أساقفة البرتغال في زيارتهم التقليدية للأعتاب الرسولية


استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الاثنين في القصر الرسولي بالفاتيكان أساقفة البرتغال في زيارتهم التقليدية للأعتاب الرسولية وللمناسبة رحّب الأب الأقدس بضيوفه وسلّمهم كلمة جاء فيها: أرى برجاء نمو المجمعيّة الأسقفيّة فيما بينكم كخيار حياة في كنائسكم الخاصة لاسيما وأنّكم تسعون لإشراك أكبر عدد من أعضائها في العمل المستمر للبشارة وتقديس البشر، وبالتالي أرغب بالتعبير عن تقديري لحماسكم الراعوي وللمبادرات العديدة التي تقومون بها كأفراد وكمجلس أساقفة.

تابع البابا فرنسيس يقول لقد تمكنت من قراءتي لتقاريركم أن ألاحظ بفرح كبير أن الأنوار تتخطى الظلمات: فالكنيسة التي تعيش في البرتغال هي كنيسة مسالمة تقودها الحكمة وتصغي لها غالبية الشعب والمؤسسات الوطنيّة حتى وإن كانوا لا يتبعون صوتها على الدوام. فشعب البرتغال هو شعب مضياف، كريم ومتديّن، يحب السلام ويريد العدالة، أساقفته متحدون بالأخوّة، كهنته محضّرون روحيًّا وثقافيًّا ويريدون على الدوام تقديم شهادة حياة صادقة بحسب الإنجيل متجذّرة بالصلاة والمحبّة. ومؤمنوه العلمانيين يعبّرون من خلال حياتهم عن حضور الكنيسة الفعال من أجل نمو الأمّة إنسانيًّا واجتماعيًّا كما يذكّرنا المجمع الفاتيكاني الثاني: "إن قِوامَ الرسالة في البيئة المجتمعية إنّما هو السعيُ إلى تلقيح الذهنية، والأخلاقية، والتشريع، وهيكل الجماعة التي يعيش فيها المرء، بلقاحِ الروح المسيحي. وهذا العمل من شأنِ العلمانيين ومسؤوليتهم، بحيثُ لا قِبَلَ لأحدٍ البتة أن يقومَ فيه مقامَهم على وجهٍ يُجدي. ففي هذا القطاع يستطيع العلمانيون سبيلاً إلى العمل الرسولي من مِثل لمثل، وفيه يُتمّون شهادة الحياة بشهادة الكلمة؛ وهم فيه أكثرُ الناس قدرةً على خدمة إخوتهم في مختلف هذه المجالات: العمل، والمهنة، والدروس، والمسكن، وأسباب الترفيه، والجمعيات" (قرار مجمعي في رسالة العلمانيين، عدد 13). وبالتالي أدعوكم في هذا الإطار في محاولاتكم لعيش الشركة في الكنيسة والمساهمة في حضورها في المجتمع لتفسحوا المجال للمبادرات المناسبة لاسيما للذين يرغبون في اختبار حياة التطوّع في مجال التعليم المسيحي والثقافة والعناية بإخوتهم الفقراء والمهمّشين والمسنين.

أضاف الأب الأقدس يقول لكن هناك عدد كبير من الشباب الذين يبتعدون عن ممارسة الحياة المسيحية بعد نوالهم لسرّ التثبيت، مما يُخلِّف فراغًا في الرعايا في إطار التنشئة المسيحية للشباب التي بإمكانها أن تساهم في المستقبل في تجنُّب حالات عائليّة غير منتظمة ولذلك هناك حاجة لارتداد شخصي وراعوي، رعاة ومؤمنين، لكي يتمكن كل فرد من أن يعلن بالحقيقة والفرح: الكنيسة هي بيتنا. أيها الإخوة الأعزاء، لا يمكننا ألا نقلق إزاء تشتت الشباب هذا الذي يحصل في المرحلة التي ينبغي عليهم فيها أن يمسكوا بزمام الأمور في حياتهم. ولذلك ينبغي علينا أن نسأل أنفسنا: هل الشباب يبتعدون لمجرّد خيار؟ أم أنهم يبتعدون لأنهم لا يهتمون بما يقدم لهم؟ وإذا كانوا لا يهتمون فهل هذا لأنهم لا يجدون الأجوبة على الأسئلة التي تقلقهم؟ حتى يسوع، صديقهم، عندما نما وأمسك زمام الأمور في حياته واجه نوعًا ما بعض من عدم التفهُّم من قبل والديه لكنّه عانق المخطط الإلهي وتممه باستسلام كامل بين يدي الآب. لنتذكر أيضًا عندما عاش لحظات شك وصعوبات شملت أيضًا أصدقاءه وأتباعه الذين قرروا أن يرتدّوا عنه وينقطعوا عن السير معه، فقالَ عندها يسوعُ لِلاثْنَيْ عَشَر: "أَفلا تُريدونَ أَن تَذهبَوا أَنتُم أَيضاً؟" فأَجابَهُ سِمْعانُ بُطُرس: "يا ربّ، إِلى مَن نَذهَب وكَلامُ الحَياةِ الأَبَدِيَّةِ عِندَك؟ ونَحنُ آمَنَّا وعَرَفنا أَنَّكَ قُدُّوسُ الله". لقد أقنعهم ما يقدّمه لهم يسوع، ولكنّ الذي نقدّمه نحن اليوم للشباب عن يسوع لا يقنعهم. أعتقد أن صورة وحياة يسوع المسيح واضحتين في كتيّبات التعليم المسيحي لكن الصعوبة تكمن في غيابهما في شهادة حياة أساتذة التعليم المسيحي والجماعة بأسرها التي ترسل وتعضد على أساس كلمات يسوع: "هاءنذا معَكم طَوالَ الأَيَّامِ إِلى نِهايةِ العالَم" (متى 28، 20). إن يسوع حاضر وهذا أمر غير قابل للشك ولكن أين نخفيه؟ ففي الواقع إن كان يسوع المسيح المصلوب والقائم من الموت هو ما يقدّمه فعلاً أساتذة التعليم المسيحي والجماعة للشباب، فيسوع هذا سيسير معهم ويحدث قلوبهم التي ستتقّد حبًّا له بالتأكيد!

تابع البابا فرنسيس يقول إن الكنيسة في البرتغال تحتاج لشباب قادرين على الإجابة على الله الذي يدعوهم ليؤسسوا عائلات مسيحيّة راسخة وخصبة أو ليكونوا رجالاً ونساء يتركون كل شيء من أجل ملكوت السماوات أو كهنة يقدمون ذواتهم ذبائح من أجل إخوتهم وأخواتهم. وبالتالي نحن بحاجة لتعزيز بُعد الدعوة في مسيرة التعليم المسيحي ليشمل جميع مراحل حياة الكائن البشري فتصبح جميعها إجابة على دعوة الله الصالح الذي يدعو الإنسان منذ الحشا الوالدي إلى الحياة وقد دعانا لنحيا ونتمكن جميعًا في ختام حياتنا الأرضيّة من سماع كلمته لنا: "أَحسَنتَ أَيُّها الخادِمُ الصَّالِحُ الأَمين! كُنتَ أَميناً على القَليل، فسأُقيمُكَ على الكَثير: أُدخُلْ نَعيمَ سَيِّدِكَ" (متى 25، 21).

وختم البابا فرنسيس كلمته لأساقفة البرتغال في زيارتهم التقليدية للأعتاب الرسولية بالقول وإذ تعودون إلى بلادكم، جددوا التزامكم في مسيرتكم واحملوا للجميع تضامني الأخوي ومحبتي. أشارككم رغباتكم وانتظاراتكم، قلقكم وأفراحكم وأستودعكم لشفاعة مريم العذراء التي تتوق إليها قلوبكم على الدوام بمحبة بنويّة، ولا تنسوا أن تصلّوا من أجلي!








All the contents on this site are copyrighted ©.