2015-08-14 14:05:00

الكاردينال بارولين: الرب يبني فقط من خلال أيدينا وعقولنا وقلوبنا وإرادتنا الصالحة


ترأس أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين مساء أمس الخميس القداس الإلهي في ديلي في تيمور الشرقيّة مع الرهبان والراهبات والكهنة وللمناسبة ألقى الكاردينال بارولين عظة استهلّها بالقول: "طوبى لِمَن يَسمَعُ كَلِمَةَ اللهِ ويَحفَظُها!" (لو 11، 28). كم تناسبنا كلمات يسوع هذه نحن الرهبان والراهبات والكهنة، ففي إعلانه لهذه الكلمات أوضح لنا الرب مصدر الفرح المسيحي الذي يأتينا من سماع كلمة الله وعيشها.

تابع الكاردينال بارولين يقول إن احتفالنا في هذا المساء يأتي بين حدثين مهمّين في حياة الكنيسة، الأول إذ تحتفل الكنيسة الجامعة بسنة الحياة المكرّسة والثاني احتفال كنيسة تيمور الشرقية بالذكرى المئوية الخامسة للبشارة. لقد لعب الرهبان والراهبات خلال هذه السنوات دورًا مهمًا في إعلان الإنجيل ونشر الإيمان والاهتمام بالأشخاص وبالتالي يمكننا أن نسأل أنفسنا كيف سيكون وضع الكنيسة في هذه البلاد الحبيبة بدونكم؟ بفضل سخائكم وجهودكم ترسّخت الكنيسة في هذه الأرض ويمكننا أن نرى ثمارها بوضوح.

أضاف أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان يقول إن الرب نفسه هو مصدر هذه الثمار لأنه "إن لم يبنِ الرب البيت فعبثًا يتعب البناؤون" (مز 127، 1). فالرب يبني فقط من خلال أيدينا وعقولنا وقلوبنا وإرادتنا الصالحة، ولكي يتمّ هذا الأمر ينبغي علينا أن نسمع كلمته ونعيشها. فالرب يعلمنا: " فمَثَلُ مَن يَسمَعُ كَلامي هذا فيَعمَلُ به كَمَثَلِ رَجُلٍ عاقِلٍ بَنى بيتَه على الصَّخْر... ومَثَلُ مَن سَمِعَ كلاَمي هذا فلَم يَعْمَلْ بِه كَمَثَلِ رَجُلٍ جاهِلٍ بَنى بَيتَه على الرَّمْل. فنزَلَ المطَرُ وسالتِ الأَودِيةُ وعَصَفَتِ الرِّياح، فضَرَبَت ذلكَ البيتَ فسَقَط، وكان سُقوطُه شديداً". وأشار الكاردينال بارولين في هذا الإطار إلى أن سماع صوت الرب هو الوقوف في حضرة المسيح، لأن اللقاء بالكلمة يؤثر على حياتنا بأسرها إذ تلمسنا وتدخل إلى أعماق قلوبنا، فتنعشنا وتسكن فينا. هذه هي خبرة تلميذي عماوس، عندما وفي مساء يوم الأحد، وإذ كان حزن ويأس الجمعة العظيمة لا يزالان مخيّمان على أولئك الذين كانوا قد سلّموا كل شيء ليسوع، ظهر لهما كلمة الله وشرح لهما معاني الكتب "وبَدأَ مِن مُوسى وجَميعِ الأَنبِياء يُفَسِّرُ لَهما جميعِ الكُتُبِ ما يَختَصُّ بِه" (لو 24، 27). وبعد أن تأملا بشرحه قالا: "أَما كانَ قلبُنا مُتَّقِداً في صَدرِنا، حينَ كان يُحَدِّثُنا في الطَّريق ويَشرَحُ لنا الكُتُب؟" (لو 24، 32). إن اللقاء بالكلمة يحرّك في قلوبنا الحماس والفرح، لأنه عندما تلمسنا الكلمة لا يمكننا أن نبقى غير مبالين وإنما نحن مدعوون للتفاعل والإجابة.

تابع الكاردينال بارولين يقول إن الكتاب المقدس مليء بالأمثلة حول الأشخاص الذين سمعوا كلمة الله وأطاعوها وأولهم هي العذراء مريم التي بدأنا اليوم باحتفالات عيد انتقالها إلى السماء بالنفس والجسد، إنها مثالنا في قبول الكلمة والطاعة لها وإعلانها. فعندما ظهر لها الملاك جبرائيل ونقل إليها مخطط الله لها وبأنها ستصبح أمًا لابنه كان ذلك خلال الصلاة، ويمكننا أن نعتبر أن لقاءها بالملاك قد تمّ في إطار تفاعلها مع الكتب المقدّسة، وعندما يقول لنا الإنجيل "كانَت مَريمُ تَحفَظُ جَميعَ هذهِ الأُمور، وتَتَأَمَّلُها في قَلبِها" (لو 2، 9) فهذه إشارة إلى أنها كانت تعرف الكتب وتتأمل بها وبأنها قد سمحت لها أن تحوّل حياتها. وبالتالي فإن قبول الكلمة والطاعة لها قد سمحا لمريم بأن تعلنها، وقد أعلنتها من خلال بشارتها الخاصة عندما قالت للخدم في عرس قانا "مهما قال لكم فافعلوه" ومن خلال مثلها بالتتلمذ عندما وقفت عند أقدام الصليب ولم تترك ابنها.

وختم أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين عظته بالقول وماذا يقول الله لكم كرهبان وراهبات؟ ما هي الكلمة التي ينبغي عليكم أن تسمعوها وتحفظوها؟ في كلمته لأعضاء جمعية قلب يسوع الأقدس قال البابا فرنسيس "إن الحياة الرهبانيّة هي حياة إنجيلية بامتياز لأنها تحقق التطويبات بشكل ملموس"، وفي التطويبات يمكننا أن نجد أشكالاً ملموسة لعيش الرحمة التي دُعيت الكنيسة في هذه الأيام لعيشها بشكل مرئي وملموس. فالتطويبات هي ما طلبه الرب من تلاميذه وهي ما ينتظره منكم، إنها تمثل كلماته لنا إن أردنا إتباعه، فهي تعلمنا باختصار أن نحب كل شيء ونعطي كل شيء ونسامح كل شيء وألا نحكم على أحد سوى على أنفسنا. أيها الرهبان والراهبات الأعزاء هذا ما فعلتموه خلال هذه السنوات الخمسمائة من خلال قبولكم للكلمة وطاعتكم وإعلانكم لها. لقد خرجتم إلى الضواحي وشفيتم وغفرتم، لقد اعتنيتم بالمنسيين وعلّمتم وعزّيتم لقد حملتم للناس رحمة المسيح ومحبته التي يتوق إليها العالم. لذلك استمرّوا في خدمتكم وكونوا أسخياء في جوابكم لسماع كلمة الله وشجعانًا في عيشها.

 

 

                      








All the contents on this site are copyrighted ©.