2015-08-13 13:36:00

الكاردينال بارولين يحتفل بالقداس الإلهي بمناسبة المئوية الخامسة للبشارة في تيمور الشرقيّة


ترأس أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين القداس الإلهي في الاكليريكية الكبرى في تيمور الشرقيّة في ذكرى المئويّة الخامسة للبشارة وللمناسبة ألقى الكاردينال بارولين عظة استهلّها بالقول: "لقد أعطيتني الحياة بحبك ولذلك سأعمل مشيئتك"، قبل أن نعلن الإنجيل رتّلنا هذه الكلمات التي تحمل معنى جوهريًّا لدعوتنا الكهنوتيّة. نعم، فالله قد اختارنا لأنه أحبّنا، تمامًا كما كتب النبي إرميا: "قبل أن أصوّرك في البطن عرفتك وقبل أن تخرج من الرحم قدّستك وجعلتك نبيًّا للأمم" (إرميا 1، 5). وينبغي أن تترسّخ هذه القناعة في قلوبكم طوال حياتكم: فالله هو الذي يدعوكم، والرب هو الذي اختاركم وهو يمسك بيدكم ويقودكم لتصبحوا عمالاً في كرمه.

تابع أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان يقول لنتمسّك معًا بهذه الحقيقة المهمّة بأن الله هو الذي يختارنا، وكما قال البابا فرنسيس في لقائه مع كهنة الإكوادور: "لنجدد يوميًّا قناعتنا بأن كل شيء هو عطيّة وبأن اختيارنا هو أيضًا عطيّة وليس لأننا نستحقه". وأضاف الكاردينال بارولين يقول سأتوقف عند كلمتين من نصيحة الأب الأقدس هذه وهما "كل يوم"، وأسألكم أن تعيشوا "كل يوم" حياتكم الاكليريكية بمسؤوليّة ومثابرة. إذ يُطلب منكم أولاً أن تغوصوا في مسيرة التنشئة بالتزام وصدق، فالله قد دعاكم وأنتم قد أجبتم بشجاعة وإيمان، لقد جئتم إلى الاكليريكية لتروا وتفهموا وتميّزوا هذه الدعوة وبالتالي يأتي السؤال الأول: "هل يدعوني الرب حقًّا؟"

إن الجواب على هذا السؤال، تابع الكاردينال بييترو بارولين يقول، يأتي فقط إذا تكرّستم "كل يوم" لعيش مسيرة التنشئة التي تقدمها لكم الاكليريكية. فعلى المستوى البشري ينبغي عليكم أن تنمّوا ميزات اجتماعيّة لاسيما من خلال علاقتكم مع الأشخاص. على المستوى الفكري ينبغي أن تنمّوا قدرتكم على نهل المعرفة ولاسيما أن تكتسبوا القدرة على فهم التحديات وحلّها. وعلى المستوى الروحي ينبغي عليكم أن تنمّوا علاقتكم بالله ولاسيما من خلال تعميق الحوار معه بالحديث معه والإصغاء إليه. لاسيما وأن هدف التنشئة هو تحوّل القلب، ولذلك ينبغي علينا "كل يوم" أن نطهّر قلوبنا ونزيل منها كل الشوائب التي تمنعنا من إتمام هدفين أساسيين: محبّة الله والجهوزية لنحبّ بلا تردّد شعب الله الذي يوكل إلينا ككهنة. فالتنشئة الكهنوتية هي في الأساس نمو في التتلمذ للرب الذي يتطلّب منا علاقة حميمة مع المعلم، يسوع المسيح نفسه، ورغبة متّقدة بالانطلاق للخدمة. لذلك هذا ما ينبغي أن تكون عليه صلاتنا وعملنا في "كلّ يوم"، لنصبح ما يسمّيه أبونا السماوي "تلاميذ مرسلين".

تابع أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين يقول أن نكون تلاميذ مرسلين يبدأ باكتشافنا لحضور المسيح في حياتنا. وبالتالي ينبغي على تنشئتكم أن تتمحور حول العلاقة مع الرب الذي لا يخيّب أبدًا الذين يغامرون بإتّباعه، وهذه العلاقة ستقودكم لتكتشفوا حقيقة يسوع "وجه رحمة الآب" التي تصوغنا وتصقلنا لنصبح تلاميذًا للرحمة. لذلك من الأهميّة بمكان أن نشعر "كلّ يوم" في أعماق قلوبنا أن الله "الذي يُظهر لنا محبته كأب وأم محبّين" قد لمسنا ونستعدّ كتلاميذه لنحمل للآخرين محبّته ورحمته. فالتتلمذ ليس علاقة فرديّة خاصة، بل على العكس لأنه في كل مرّة نتعمّق في العلاقة مع المسيح تدفعنا محبّته للسير قدمًا لنكون مرسلين ونحمل ما نلناه من محبة الله ورحمته للآخرين الذين يقيمون في ضواحي المجتمع وللمهمّشين والمنسيين.

أضاف الكاردينال بارولين يقول: نعم! هذا هو جوهر خدمتنا الكهنوتيّة، أن نخرج نحو الذين يعيشون في الضواحي "الجسديّة والاجتماعيّة والنفسيّة والروحيّة" أي نحو المنبوذين والمهمّشين المُجبرين على العيش بعيدًا عن الآخرين فنعيدهم إلى كنف عائلة الله والمجتمع الذي ينتمون إليه. هذا هو جوهر تنشئتكم والمثال الذي ينبغي عليكم أن تسعوا إليه "كل يوم" لتصبحوا تلاميذًا مرسلين، وهذا الأمر يتطلّب منكم مسؤولية وواجبات كبيرة. إنها بالطبع مسيرة تتطلب وقتًا وصبرًا ولكن تأكّدوا أن الله معكم هو يقودكم ويغمركم ويسير معكم. فحضور المسيح ليس فكرة وهميّة بل هو يتجسّد من خلال شخص مرشدكم الروحي الذي هو لكم الأب والمرشد. وبالتالي كونوا مستعدّين على الدوام للحديث معه بحريّة وصدق متأكدين أنه سيوجّهكم في الطريق الدرب الصحيح وسيساعدكم في تمييزكم ويشجّعكم في تنشئتكم.

وختم أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين عظته في ذكرى المئويّة الخامسة للبشارة تيمور الشرقيّة بالقول نعم أيها الإخوة الأعزاء إن "كل يوم" هو مهمّ في حياة الاكليريكية، لأنه بقدر ما تجتهدون في الدراسة وتتبعون نمط حياة الاكليريكية وتتحدثون بصدق مع مرشدكم الروحي ستنفتح حياتكم بأكملها على فرح عظيم، فرح أن تصبحوا كهنة وتقدّموا أنفسكم للآخرين. فالله قد دعاكم قبل أن تولدوا، لتكونَ أياديكم التي قدسها للخدمة علامة لقرب الله الذي ينتظره العديد من الناس. أَكِلُكم إلى شفاعة مريم أم يسوع وسلطانة الرسل، فلا تخافوا من أن تلجئوا يوميًّا إليها بمحبة وإيمان كبيرين سائلينها أن تحوّلكم على صورة ابنها يسوع المسيح الكاهن الأعظم والراعي الصالح لأن العبادة لمريم العذراء تعني "اكتشاف يسوع المسيح ومحبّته بحنان وخدمته بإيمان".








All the contents on this site are copyrighted ©.