2015-06-13 12:43:00

تأمّل البابا فرنسيس في الرياضة الروحية العالمية الثالثة للكهنة


جمال الكنيسة، الوحدة والرحمة، تاريخ ثابت لعيد الفصح، آسيا مستقبل الكنيسة هذه هي بعض المواضيع التي طرحها البابا فرنسيس عصر أمس الجمعة في بازيليك القديس يوحنا اللاتيران في لقائه المشاركين في الرياضة الروحية العالمية الثالثة للكهنة. توقف الأب الأقدس في حديثه أيضًا عند أهميّة حضور النساء في الكنيسة وعن زيارته المقبلة إلى أفريقيا.

شدّد الأب الأقدس في تأمله على أهميّة الحوار والصدق اللذين يعطيان حيويّة للكنيسة، وعبّر عن فرحه لرؤيته لكهنة قدموا من ضواحي العالم يجلسون معًا بالقرب من الأساقفة منوّهًا بجمال الكنيسة وتمنى أن يتحلوا فيما بينهم على الدوام بعلاقة حوار وصدق. بعدها تطرّق الحبر الأعظم إلى أهميّة المرأة في الكنيسة، وقال إن العبقريّة النسائيّة في الكنيسة هي نعمة لأن الكنيسة هي امرأة أيضًا، هي عروسة المسيح وأمّ شعب الله الأمين. والنساء الحاضرات في الكنيسة هن على صورة ومثال الكنيسة وأمنا العذراء مريم.

بعدها توجّه الأب الأقدس بحديثه للكهنة وتمنى أن يسمحوا للحب الثالوثي بأن يحوّلهم وقال نحتفل اليوم بعيد قلب يسوع الأقدس وليس الأمر مجرّد صدفة لأنه اليوم الذي يريدنا الرب أن نتأمل خلاله حول محبة الآب الرحيمة واللامتناهية التي عبّر لنا عنها من خلال قلب ابنه يسوع وقوة الروح القدس المحيية. تابع الحبر الأعظم يقول لذلك وفي أسوء لحظات حياتكم، حتى وإن تخاصمتم مع الرب أو خنتم الأمانة فلا تخافوا! اقتربوا من الرب في بيت القربان وافتحوا قلوبكم واغتسلوا بدموع اليقين بأن الله قد غفر لكم من خلال سرّ الاعتراف.

أضاف البابا فرنسيس يقول إن شعب الله يعرف كيف يميّز بين الكاهن الذي يحب يسوع والكاهن الذي يعيش كمجرّد أجير يعمل لدوام معيّن أو كشخص يطبّق الشريعة بحرفيّتها. وأضاف: أسألكم ألا يكون هناك ازدواجية في قلوبكم وألا يسكن فيها الرياء وإنما الحب والحنان والرحمة. إن أول دافع للبشارة هو محبة يسوع التي نلناها وخبرة الخلاص الذي حققه لنا. فكل كاهن يشعر في قلبه أن الرب يضعه في خدمة شعبه، بالرغم من نواقصه وعدم أمانته، وهذا أمر رائع. وأشار البابا في هذا الإطار إلى نضوج الحب مع مرور السنين مؤكدًا أنه كما في الحب الزوجي هكذا أيضًا في حياة الكاهن فإذ يسير قدمًا في محبّته للرب يشعر شيئًا فشيئًا بلمسة معلّمه بطريقة متجددة يوميًّا فيبحث عنه بدوره ويبادله الحب. ليس بالأمر السهل، قال الأب الأقدس ولكن اسمحوا له بأن يحبّكم، افتحوا له قلوبكم ولا تتأملوا به فقط بل اسمحوا له هو أيضًا أن يتأمل بكم وينظر إليكم بمحبّته.

وعندما تكون في حضرة الرب في سرّ القربان المقدس، تابع البابا فرنسيس يقول، فلا تقلق إن غفوت، بل اسمح له بأن يحبّك وينظر إليك! اذهب إليه إلى بيت القربان ولا تتركه أبدًا... تأمل به فهناك تجد الحب، وإن لم تعرف ما يجب عليك أن تقوله له لا تقلق، فإن كنت تعبًا أخبره عن تعبك وإن شعرت بالنعاس يمكنك أن تنام واسمح له بأن ينظر إليك واترك الروح القدس أن يصلّي من أجلك... سيكون حديثك معه في تلك اللحظات حديث حبٍّ، حديث صامت بدون كلام...

ثم انتقل الحبر الأعظم للحديث عن العظات وحثَّ الكهنة على أن تُخاطب عظاتهم قلوب المؤمنين مؤكّدًا أنه بإمكان العظة أن تكون فكرة أو صورة أو حتى شعور وقال: لا تنسوا أن العظة ليست محاضرة ولا درس تعليم مسيحي بل هي شيء مقدّس وبالتالي فلا تُفزعوا شعب الله الأمين بعظاتكم ولا تجعلونهم يهربون، ولا تطيلوا الكلام مضيعين الوقت بل حدِّثوهم عن يسوع وعن فرح الإيمان الراسخ والمبني على يسوع المسيح. وتابع البابا فرنسيس يقول أشعر بأسى كبير عندما أعرف أن كاهنًا ما لم يمنح سرّ العماد لطفل أمٍّ وحيدة أو أب قد تزوّج مرة أخرى. أقول لكم: لا يحق له أن يمنع عنه العماد! وعندما يحصل هذا الأمر يكون قلب هذا الكاهن قلبًا بيروقراطيًّا متعلِّقًا بالتطبيق الحرفي للقانون وبتصرّفه هذا يحول الكنيسة من أمٍّ إلى "زوجة أب"! وبالتالي أسألكم أن تُظهروا على الدوام أمومة الكنيسة. ثمَّ انتقل الأب الأقدس في هذا الإطار للحديث عن الرحمة التي علّمنا إيّاها يسوع والتي أظهرها في محبّة لا تنغلق على الشريعة بل تنفتح على الإنسان، وإذ ذكّر بقول يسوع "سبعين مرة سبع مرات" قال: لا تخافوا من أن تظهروا الرحمة في سرّ الاعتراف لأن الحب يحول ويعدي!

بعدها انتقل البابا للحديث عن المسكونيّة وعن انقسام المسيحيين وقال إن المسكونيّة ليس مهمة إضافيّة يجب أن نقوم بها بل هي وصيّة يسوع لنا وبالتالي ينبغي علينا أن نسعى لنوحّد جسد المسيح الذي انقسم بسبب خطايانا. وشدّد بالتالي على أنه ينبغي علينا أن نطلب المغفرة لأننا جرحنا الكنيسة الأم المقدّسة. ثم تحدث البابا عن الشهداء كدرب نحو الوحدة من خلال دم الرجال والنساء الذين يموتون اليوم من أجل يسوع المسيح وأشار البابا في هذا الإطار إلى مسكونيّة الدم التي نعيشها في يومنا هذا.

ثم تحدثّ الحبر الأعظم عن النعمة وعمل النعمة في حياة المؤمنين حثّ الكهنة على الرسالة من خلال تجدّد المواهب وقال غالبًا ما نتعرض لتجربة بأن نعتقد أنفسنا أسياد النعمة وننسى أننا قد مُسحنا لنوزّعها، فالنعمة لا تُشترى، بل هي مجانيّة ولذلك تُدعى نعمة. ثم شجّع الكهنة على إعطاء دور أكبر للعلمانيين في الكنيسة وشجّعهم على الاهتمام بالفقراء وإعلان الإنجيل والشهادة له في الأماكن الأشدّ فقرًا. بعدها تابع البابا فرنسيس في الخط عينه داعيًا الكهنة لعدم التعلق بالمال والغنى مذكّرًا أن يسوع قد بشّرنا بالتطويبات وبالتالي ينبغي علينا أن نعلن الإنجيل وسط الفقراء وقال إن شعب الله الأمين لا يسامح أبدًا كاهنًا متعلِّقًا بالمال ويعامل الناس بطريقة سيئّة، ولذلك لا ينبغي علينا أن ننسى أبدًا أن الشيطان يدخل من الجَيب وما إن يدخل يحملنا مباشرة إلى الكبرياء والغرور.

بعدها تحدث الأب الأقدس عن حاجة القارة الأفريقيّة للكهنة مشيرًا أيضًا إلى أهميّة أساتذة التعليم المسيحي كعمود فقري في الكنيسة الأفريقيّة وإلى ضرورة تنشئتهم وقال إن أفريقيا في الوقت الحالي هي أرض مُعرّضة للإفتقار لأن المقتدرين يذهبون إلى هناك ويأخذون الأخشاب والذهب والمعادن ويعودون إلى بلادهم وبالتالي فالقارة الأفريقيّة تحتاج للتطوّر والتعزيز الاجتماعي. وبالنظر إلى العديد من الأشخاص الذين يهاجرون من أفريقيا إلى أوروبا أشار البابا فرنسيس إلى أنه لا يكفي استقبال هؤلاء المهاجرين في أوروبا إذ أن هذا الاستقبال هو ضروري وهو جانب مُلِحّ في الإطار الحالي وإنما من الأهميّة بمكان أيضًا أن تذهب أوروبا إلى أفريقيا أي لا أن تُسلب أفريقيا من مواردها بل أن يُصار إلى استثمار في أفريقيا يسمح للأشخاص بإيجاد فرص عمل وظروف حياة أفضل فلا يُضطروا إلى المغادرة والهجرة. وشدّد الأب الأقدس في هذا الإطار أيضًا على ضرورة التنشئة الثقافيّة والرعاية الصحيّة اللتين تلتزم بهما الكنيسة في القارة الأفريقية واللتان ينبغي أن تستمرا بفضل مساعدة المسيحيين من مختلف أنحاء العالم.

ثم انتقل البابا للحديث عن آسيا كمستقبل للكنيسة وأشار إلى أنه قد عيّن خلال الكونسيستوارين الماضيين كرادلة من آسيا ليكونوا شهودًا لكنائسهم في كنيسة روما. وتحدث في هذا الإطار عن الغنى الروحي الذي يميّز بلدان آسيا والذي يظهر من خلال الدعوات الرهبانية والكهنوتية فيما يسير الغرب نحو النسبيّة والمتعيّة والاستهلاكية الذين يدمرونه. وختم البابا تأمله متحدثًا عن التطرّف الديني الموجود في بعض البلدان وأشار إلى العديد من الشهداء الذين استشهدوا في كوريا واليابان وتايلاند وقال هؤلاء الشهداء ومن خلال سفك دمائهم يرسمون لنا طريق شهادة.

    

     








All the contents on this site are copyrighted ©.