2015-05-11 14:06:00

البابا يستقبل تلامذة المدارس الإيطالية المشاركين في "مصنع السلام"


استقبل البابا فرنسيس ظهر اليوم الاثنين في قاعة البابا بولس السادس بالفاتيكان تلامذة المدارس الإيطالية المشاركين في المبادرة المعروفة باسم "مصنع السلام". وجه البابا لضيوفه كلمة حاول من خلالها الرد على بعض الأسئلة التي طُرحت عليه وأكد أن السلام ليس غياب الحرب وحسب، لافتا إلى ضرورة عدم الوقوع في تجربة الحرب مجددا إذا ما انتهت الحروب يوما ما، من هنا تبرز ضرورة العمل على بناء السلام. وتابع البابا قائلا إن السلام ليس سلعة تُنتج في المصنع، إنها حرفة يدوية إذا صح التعبير، إذ تُبنى يوما بعد يوم من خلال العمل والحياة، ومن خلال المحبة والقرب من الآخرين. السلام يُبنى يوميا. هذا ثم أكد البابا فرنسيس أن تواجده اليومي بين الناس لا يُتعبه لافتا إلى أن المكوث مع الآخرين لا يحرم المرء من السلام، إن ما يزيل السلام هو عندما لا يُحب الأشخاص بعضهم بعضا، ما يزيل السلام هو الغيرة والحسد والبخل والاستحواذ على أملاك الآخرين.

وفي رد على سؤال بشأن تقاعس أقوياء العالم عن مساعدة المدرسة، قال البابا أود الإجابة على سؤال أوسع نطاقا "لماذا لا يريد أقوياء الأرض السلام؟" لأنهم يعيشون على الحروب، على صناعة السلاح وهذا أمر في غاية الخطورة. إنهم يبيعون السلاح لهذا البلد الذي يقاتل بلدا آخر، إنها صناعة الموت! فالجشع يضر بالبشر. من خلال الحروب تُجنى الأرباح المادية بيد أن الناس يموتون وتُدمّر الثقافة وتُفقد أشياء كثيرة. بعدها حث البابا المجتمع على الاعتناء بالمرضى لاسيما الأطفال المتألمين والاهتمام بتربية هؤلاء، ثم تطرق في كلمته إلى تلامذة المدارس الإيطالية إلى أهمية احترام حرية الأشخاص الذين لا يريدون التواصل معنا. وقال: يجب أن نصلي من أجل هؤلاء لكن ينبغي ألا نفكر إطلاقا بالثأر منهم.

وفي سياق حديثه عن السلام عاد البابا فرنسيس ليؤكد مجددا أن السلام لا يتحقق عندما تغيب الحروب والصراعات قبل كل شيء، وعندما يعم الفرح والصداقة بين الجميع، وعندما تُخطى كل يوم خطوة إلى الأمام في طريق إحلال العدالة كي لا يبقى أطفال جائعون وأطفال مرضى لا يحصلون على العلاج والرعاية الصحية. العمل من أجل هذه الأمور كلها هو صنع السلام. بناء السلام يعني أن نعمل كي يحصل الكل على حلول لمشاكلهم واحتياجاتهم. ختاما أكد البابا أن الدين يساعد الناس على تحقيق السلام لأنه يجعلهم يسيرون في حضرة الله ويحثهم على محبة القريب مشددا على أن كل الأشخاص متساوون ولا بد من تحقيق العدالة لأنه عندما تغيب العدالة يغيب السلام!

 

وكان البابا قد سلّم ضيوفه خطابا أعده للمناسبة استهله شاكرا إياهم على الدعوة التي وجهوها له للمشاركة في هذا المشروع الذي يهدف إلى بناء مجتمع خال من الظلم والعنف يتمكن فيه كل طفل وفتى من النمو بمحبة. وأكد البابا أن عالمنا يحتاج اليوم بشدة إلى "مصانع السلام"، لافتا إلى أن الحرب هي ثمرة الحقد والأنانية والرغبة في اقتناء المزيد والتسلط على الآخرين. وأكد أن المشاركين في هذه المبادرة يسعون إلى التصدي للحرب من خلال نشر ثقافة المصالحة والتلاقي، مشيرا إلى أن هذا المشروع يشهد مشاركة أطفال وفتيان ينتمون إلى مختلف المدارس ومن ديانات وأعراق مختلفة بالإضافة إلى المعلمين والوالدين وزارة التعليم الإيطالية ومجلس أساقفة إيطاليا. ورأى البابا أن هذه المسيرة تتطلب الشجاعة والتعب كي يعي الجميع ضرورة تبدل الذهنية من أجل ضمان أمن أطفال الأرض، لاسيما أولئك المقيمين في مناطق تشهد الحروب ومن يعانون من الاضطهاد.

بعدها تطرق البابا فرنسيس إلى عبارة "مصنع السلام" وقال إن كلمة "مصنع" توحي لنا بأن السلام هو شيء ينبغي صنعه، ينبغي بناؤه بحكمة وحزم. لكن بغية بناء عالم مسالم لا بد أن نبدأ من عالمنا، أي من البيئات التي نعيش فيها حياتنا اليومية: العائلة، المدرسة، قاعة الرياضة، الرعية، الخ. كما يجب أن نعمل مع الأشخاص القريبين منا: الأصدقاء ورفاق المدرسة والوالدون والمربّون. إننا نحتاج إلى مساعدة الجميع من أجل بناء مستقبل أفضل. ولفت البابا أيضا إلى ضرورة أن يحفز البالغون والمؤسسات الفتيان والأطفال ويربونهم على القيم الحقيقة، مؤكدا أن كل بادرة يقوم بها هؤلاء الصغار والفتيان يمكنها أن تساهم في بناء السلام. وتساءل: كيف يمكن أن تنتهي الحروب من العالم إن لم نكن قادرين على تخطي سوء التفاهم والخلافات الصغيرة؟ إن أعمال الحوار والمصالحة والمغفرة هي الحجارة اللازمة لتشييد بناء السلام.

هذا ثم أشار البابا فرنسيس إلى أن "مصنع السلام" لا يعرف حدودا لكونه موجها إلى أشخاص ينتمون إلى بلدان وأعرق وتقاليد وديانات مختلفة. كما لا بد من الاهتمام بالفقراء والمتألمين والمنبوذين حتى البعيدين منهم. وقال إنه يفكر بالمسيحيين الذي يُطردون من بيوتهم ويُقتلون لمجرد كونهم مسيحيين. وأكد البابا أيضا أن السلام هو هبة من الله، لا بد من طلبها من خلال الصلاة. لذا من الأهمية بمكان أن نكون شهود صلاة أيضا ... إن طيبة الله تجاهنا تدفعنا لأن نكون نحن أيضا رحماء تجاه أخوتنا وأن نغفر لهم عندما يسيئون إلينا. كما أن للسلام وجها وقلبا. إنهما وجه وقلب يسوع ابن الله الذي مات على الصليب وقام من الموت ليهب السلام لكل رجل وامرأة وللإنسانية برمتها.








All the contents on this site are copyrighted ©.