2015-05-09 14:05:00

البابا فرنسيس يستقبل أساقفة موزمبيق في زيارتهم التقليدية للأعتاب الرسولية


استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم السبت في القصر الرسولي بالفاتيكان أساقفة موزمبيق في زيارتهم التقليدية للأعتاب الرسولية وللمناسبة رحّب الأب الأقدس بضيوفه وسلّمهم كلمة جاء فيها: أعبر لكم عن امتناني من أجل العمل الراعوي السخي الذي تقومون به في جماعاتكم الأبرشيّة وأؤكّد لكم وحدتي وتضامني الروحي وأسألكم ألا تنسوا أن تصلوا من أجلي لكي أتمكن من تقديم المساعدة التي يطلبها مني الرب للكنيسة.

تابع الأب الأقدس: لقد سأل الرب بطرس: "أتحبني؟" وصدى هذا السؤال لا يزال يتردد في قلوب خلفائه، وعلى ردّي الإيجابي له طلب مني قائلاً: "إرع خرافي"، وهذا بالتأكيد ما حدث معكم أنتم أيضًا. فالرب قد جعل من نفسه متسول حب وهو يسألنا السؤال الجوهري الوحيد لنرعى خرافه وكنيسته. فيسوع هو راعي الكنيسة الأسمى وباسمه وبحسب وصيّته ينبغي علينا أن نحرس حظيرته بجهوزيّة تامة حتى البذل الكامل لحياتنا. حافظوا في عنايتكم الراعويّة على مكان خاص لكهنتكم، فالله قد أوصانا بأن نحبّ قريبنا وأول قريب للأسقف هم كهنته، معاونيكم الذين لا غنى لكم عنهم والذين تبحثون عن مشورتهم ومساعدتهم وتهتمون بهم كآباء وإخوة وأصدقاء؛ وبالتالي فلتكن قلوبكم وأيديكم وأبوابكم مفتوحة لهم على الدوام.

أضاف الحبر الأعظم إن خصب رسالتكم، أيُّها الإخوة الأحباء في الكهنوت، لا يتعلق بعدد المعاونين أو بامتيازات المؤسسات أو بكميّة الموارد المتوفرة، وإنما المهمّ هو أن تكونوا مُشبعين بمحبة المسيح وتسمحوا للروح القدس بأن يقودكم ويُطعّم حياتكم بشجرة الحياة أي بصليب الرب، لأننا من الصليب، فعل الرحمة والحب الأعظم، نولد مجدّدًا كـ "خليقة جديدة". وفي هذا الإطار يعلمنا القديس بولس، مثال المرسل المسيحي، أنّه حاول التشبّه بيسوع بموته ليشاركه في قيامته، فقد اختبر في رسالته الألم والضعف والفشل ولكنه عاش أيضًا الفرح والعزاء. وهذا هو سرُّ يسوع الفصحيّ: سرّ الموت والقيامة، وهو القلب النابض لرسالة الكنيسة. فإن ثبتّم في هذا السرّ فسيحميكم من الافتخار بأنفسكم عند نجاح الرسالة ومن الإحباط عند التجارب والفشل.

تابع البابا فرنسيس يقول في سنة الحياة المكرّسة هذه، إرفعوا الشكر والتسبيح لله في جماعاتكم المسيحيّة من أجل شهادة الإيمان والخدمة التي يقدمها الرهبان والراهبات في مختلف قطاعات الحياة الكنسيّة والاجتماعيّة ومن بينها الاهتمام والعناية بالفقراء وبجميع أشكال البؤس الماديّة والأخلاقية والروحيّة. أيها الأساقفة الأحباء، أظهروا امتنانكم للحضور والخدمة التي يقدّمها المكرسون والمكرسات في موزمبيق؛ من الأهميّة بمكان أن يُصار إلى انخراط أبرشيّ سليم للجماعات الرهبانية فهي ليست مجرد موارد احتياط للأبرشية وإنما مواهب تُغنيها. إن خدمتكم الأسقفيّة تحملكم على توحيد وتنظيم القوى الكنسيّة في الأبرشيّة. أعرف ما تقومون به ولكن لا ينبغي أن تكون نشاطاتكم سببًا للانغلاق على أنفسكم وإنما لطبع دفع رسولي جديد في الجماعات المسيحيّة والتشجيع على ديناميكية الرسالة بالخروج والانطلاق لمرافقة الأشخاص – كما فعل يسوع مع تلميذي عماوس – فتوقظوا فيهم الرجاء فتتّقد قلوبهم وتولد فيهم الرغبة بالعودة إلى البيت أو العائلة أي الكنيسة حيث توجد ينابيعنا: الكتاب المقدس والتعليم المسيحي، الأسرار والجماعة، صداقة الرب ومريم والرسل.

أضاف الأب الأقدس: أيها الإخوة الأحباء في الأسقفيّة، كونوا حاضرين وسط مؤمنيكم حتى في ضواحي أبرشياتكم وفي جميع "الضواحي الوجوديّة" حيث الألم والوحدة والانحطاط البشري. فالأسقف الذي يعيش وسط مؤمنيه تكون أذناه مفتوحتين ليصغي: "لما يقوله الروح للكنائس" و"لصوت الخراف"، حتى من خلال المنظمات الأبرشيّة التي من واجبها أن تنصحكم وتساعدكم في تعزيز حوار صادق وبنّاء: كالمجلس الكهنوتي والمجلس الراعوي والمجلس الاقتصادي، إذ لا وجود للأسقف بدون هذه المنظمات الأبرشيّة، لأنها تشكّل أيضًا جزءًا من حضوره بين الشعب. نحن قد نلنا جميعنا مياه المعمودية ونتشارك الافخارستيا نفسها ونلنا الروح القدس عينه الذي يذكرنا بما علمّنا إياه يسوع؛ وأول ما علمنا إياه يسوع هو اللقاء والمساعدة. فاللقاء بالآخر يوسع القلب ويزيد قدرتنا على الحب. إن رعاة ومؤمني موزمبيق بحاجة للانخراط أكثر في ثقافة اللقاء، فيسوع يطلب منكم أمرًا واحدًا وهو أن تنطلقوا وتذهبوا للقاء الأشد عوزًا. وأخيرًا، تابع الأب الأقدس يقول، بالنظر إلى البلاد بأسرها نرى بأن التحديات الحاليّة التي يواجهها موزامبيق تتطلب تعزيزًا أكبر لثقافة اللقاء. فالتوترات والنزاعات قد دمّرت النسيج الاجتماعي والعائلة وخصوصًا مستقبل ملايين الشباب. وبالتالي فالمسيرة الأفضل والأكثر فعاليّة لمواجهة ذهنيّة التسلط وعدم المساواة والانقسامات الاجتماعيّة هي من خلال الاستثمار في حقل تربية تعلّم الشباب التفكير بأسلوب نقدي وتقدم لهم مسيرة نضوج في القيم. أيها الأساقفة الأعزاء، استمروا في دعم شبيبتكم وخصوصًا من خلال خلق فسحات تنشئة إنسانيّة ومهنيّة.

وختم البابا فرنسيس كلمته يا كنيسة الله الحبيبة التي تحج على أرض موزمبيق، أيها الإخوة الأحباء في الأسقفيّة، إن يسوع لم يقل لكم "إذهبوا ودبّروا أموركم!" وإنما: "إذهبوا... وأنا معكم طَوالَ الأَيَّامِ إِلى نِهايةِ العالَم". هذه هي قوتنا وتعزيتنا: فعندما ننطلق حاملين الإنجيل بروح رسولي حقيقي، هو يسير معنا ويسبقنا، وهذا أمر أساسيّ بالنسبة لنا: فالله يسبقنا على الدوام. غالبًا ما يعترينا الخوف عندما ينبغي علينا أن ننطلق نحو الضواحي البعيدة ولكن لا يوجد أي سبب لخوفنا هذا! في الواقع إن يسوع هناك وينتظرنا في قلوب هؤلاء الإخوة بأجسادهم الجريحة وحياتهم المُثقّلة بالأحمال وأرواحهم التي تفتقد للإيمان. إن يسوع موجود هناك في ذاك الأخ وهو يسبقنا على الدوام فلنتبعه!   








All the contents on this site are copyrighted ©.