2015-04-18 13:37:00

البابا يستقبل المشاركين في الدورة العامة للأكاديمية الحبريّة للعلوم الاجتماعيّة


استقبل قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم السبت في قاعة الكونسيستوار في القصر الرسولي بالفاتيكان المشاركين في الدورة العامة للأكاديمية الحبريّة للعلوم الاجتماعيّة وللمناسبة وجه الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وقال: أُحييكم جميعًا وأؤكّد لكم امتناني لما تقوم به هذا الأكاديميّة لتعميق معرفة أشكال العبوديّة الجديدة ولاستئصال الاتجار بالكائنات البشريّة في محاولة خدمة الإنسان ولاسيما الأشخاص المهمّشين والمستبعدين.

تابع البابا فرنسيس يقول: كمسيحيين، تشعرون بأنّكم مُطالبون من قبل عظة الرب يسوع على الجبل ومن الـ "بروتوكول" الذي سنحاكم على أساسه في نهاية حياتنا، بحسب إنجيل القديس متى الفصل الخامس والعشرين: "طوبى لِفُقراءِ الرُّوح، طوبى لِلوُدَعاء، طوبى لِلْمَحزُونين، طوبى لِلْجياعِ والعِطاشِ إِلى البِرّ، طوبى لِلرُّحَماء، طوبى لأَطهارِ القلوب، طوبى لِلمُضطَهَدينَ على البِرّ: إِنَّهم يرِثونَ الأَرض، إِنَّهم أَبناءَ اللهِ يُدعَون، إِنَّهم يُشاهِدونَ الله" (راجع متى 5، 3- 10). إن "مباركي الآب"، أبناءه الذين يشاهدونه هم الذين يهتمون بالأخيرين ويحبون الأصغر بين إخوتهم: " كُلَّما صَنعتُم شَيئاً مِن ذلك لِواحِدٍ مِن إِخوتي هؤُلاءِ الصِّغار، فلي قد صَنَعتُموه"، يقول الرب (راجع متى 25، 40).

واليوم، أضاف الحبر الأعظم يقول، بين هؤلاء الإخوة الأشدّ عوزًا هناك الذين يعانون مأساة أشكال العبوديّة الجديدة في العمل القسري وفي الدعارة، في الإتجار بالأعضاء والمخدرات. إن القديس بيترو كلافير – وفي لحظة تاريخيّة كانت فيها العبوديّة منتشرة ومقبولة اجتماعيًّا – شعر بكلمات الرب هذه تُسائله فكرّس نفسه ليكون "عبدًا للعبيد". كما وأن العديد من القديسين والقديسات، كالقديس جوفانّي دي ماتا على سبيل المثال، قد حاربوا العبوديّة مُتّبعين وصيّة القديس بولس: "لا عبدًا أو عبدةً بعد اليوم بل أخًا وأختًا في المسيح" (راجع فيليمون 16).

نعلم أن الإبطال التاريخي للعبوديّة كهيكليّة إجتماعيّة هو نتيجة مباشرة لرسالة الحريّة التي حملها المسيح إلى العالم بملء النعمة والحقيقة والحب بواسطة التطويبات. إن اليقين المتجدّد لهذه الرسالة عبر التاريخ هو عمل روح المسيح ومواهبه التي يتشاركها ويتقاسمها مع قديسيه ومع العديد من الرجال والنساء ذوي الإرادة الطيبة، الذين لا يمتثلون بمعتقد ديني معيّن، بل يلتزمون لتحسين الحالة البشريّة.

تابع الأب الأقدس يقول: وفي نظام اقتصادي عالمي يسيطر عليه الربح، نمَت للأسف، أشكال عبوديّة جديدة أسوء من القديمة، وبالتالي – وبإتباعنا لرسالة الرب الخلاصيّة – نحن مدعوون اليوم أكثر لإدانتها ومحاربتها. فقبل كل شيء ينبغي علينا أن نُنمّي إدراكًا أكبر إزاء هذا الشر الجديد الذي يُراد إخفاؤه لأنه مُشين و"غير لائق سياسيًّا". لا أحد يحب أن يعترف أن هناك في مدينته، منطقته أو بلده أشكال عبوديّة جديدة، فيما نعرف أن هذه الآفة تطال جميع البلدان تقريبًا. علينا أن ندين هذا الوباء الرهيب في خطورته.

أضاف البابا فرنسيس يقول لقد أدان البابا بندكتس السادس عشر بحزم كل انتهاك للكرامة المتكافئة بين الكائنات البشريّة. أما من جهتي فقد أعلنت مرات عديدة أن أشكال العبودية الجديدة هذه – الإتجار بالكائنات البشريّة، العمل القسري، الدعارة وتجارة الأعضاء – "هي جرائم خطيرة جدًّا وآفة في جسد البشريّة المعاصرة". إن المجتمع بأسره مدعوٌّ للنمو في هذا الإدراك واليقين، لاسيما في ما يتعلّق بالتشريع الوطني والدولي بشكل يؤكّد تسليم المتاجرين إلى العدالة واستثمار أرباحهم غير المشروعة لإعادة تأهيل الضحايا. نحن مدعوون لتحسين أساليب تحرير الضحايا وإدماجهم الاجتماعي، وتجديد القوانين حول حقّ اللجوء. كما وينبغي أيضًا تعزيز الوعي لدى السلطات المدنية حول خطورة هذه المأساة التي تسبب انحلالا في البشريّة.

وختم قداسة البابا فرنسيس كلمته للمشاركين في الدورة العامة للأكاديمية الحبريّة للعلوم الاجتماعيّة بالقول: أيها الأصدقاء الأعزاء، أشجّعكم على الاستمرار في عملكم هذا الذي تساهمون من خلاله في جعل العالم أكثر وعيًا وإدراكًا لهذا التحدي. إن نور الإنجيل هو مرشد كل من يضع نفسه في خدمة حضارة المحبة حيث تجد التطويبات صدى اجتماعيًّا وحيث يوجد إدماج حقيقيّ للأخيرين. من الأهميّة بمكان أن نبني مدينتنا الأرضية في ضوء التطويبات فنسير هكذا نحو السماء بصحبة الصغار والأخيرين. أبارككم جميعًا وأبارك عملكم ومبادراتكم. أُرافقُكم بصلاتي وأسألُكم ألا تنسوا أن تصلوا من أجلي!                           








All the contents on this site are copyrighted ©.