2015-04-17 12:37:00

البابا فرنسيس: قبول الذل واحتماله باسم الإنجيل يجعلنا شبيهين بيسوع


"الإذلال بحدّ ذاته هو تلذذ بالألم، لكن الذل الذي يتعرّضُ له الشخص ويحتمله باسم الإنجيل يجعلك شبيهًا بيسوع" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الجمعة في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان ودعا المسيحيين لعدم تغذية مشاعر الحقد وإنما لإعطاء أنفسهم الوقت ليكتشفوا في داخلهم مشاعر ومواقف ترضي الله كالمحبة والحوار.

قال البابا فرنسيس: هل يمكن للإنسان أن يتعامل مع حالة صعبة بحسب أساليب الله؟ نعم، وهي مجرّد مسألة وقت! الوقت الضروري لنسمح لمشاعر يسوع بأن تطبعنا. استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من القراءة الأولى التي تقدمها لنا الليتورجية اليوم من أعمال الرسل والتي تقدّم لنا محاكمة الرسل أمام المجلس لأنهم كانوا "يُعلِّمونَ ويُبَشِّرونَ بِأَنَّ يسوعَ هو المسيح" وهذا ما لم يكن علماء الشريعة يريدون الاستماع إليه. ومع ذلك قامَ في المَجلِسِ فِرِّيسيٌّ اسمُه جِملائيل، وبطريقة بسيطة اقترح على علماء الشريعة – مستشهدًا بأحداث ماضية مشابهة – بأن يكُفُّوا عن هؤُلاءِ الرِّجال، ويترُكوهم وَشأنَهم، فَإِن يَكُنْ هذا المَقصَدُ أَوِ العَمَلُ مِن عِندِ النَّاس فإِنَّه ليَنتَقِض؛ وإِن يَكُنْ مِن عِندِ الله، فلا يستطيعون أَن ينقُضوه. وبالتالي فسيجدون أَنفُسَهم يحارِبونَ الله؛ فأَخَذوا بِرَأيِه. أي قرروا أن يأخذوا وقتًا وألا يتصرفوا بكراهية بحسب ردّة فعل غريزيّة، وهذه هي الوصفة والعلاج الملائم لكل كائن بشريّ.

تابع الأب الأقدس يقول: أعط وقتًا للوقت. إنه أمر ينفعنا عندما تخالجنا أفكار سيئة تجاه الآخرين أو مشاعر سيئة كالنفور والكراهيّة فلا نسمح لها بالنمو ونوقفها ونعطي وقتًا للوقت. فالوقت يعيد التناغم للأمور ويرينا الصالح والمستقيم في الأمور. ولكن إذا تصرّفت بغضب في تلك اللحظة فلن تكون عادلاً بالتأكيد! لن تكون عادلاً وستؤذي نفسك! وبالتالي فالنصيحة هي: الوقت! أعط وقتًا للوقت عند التجربة.

عندما نكتم استياءً في داخلنا، تابع البابا يقول، فلا بدّ له من أن ينفجر. وعندما ينفجر ينفجر بالإهانات والحرب، وبهذه المشاعر الشريرة ضد الآخرين نحن نحارب الله بينما الله يحب الآخرين ويحب التناغم، يحب المحبة والحوار ويحب أن نسير معًا. أضاف الحبر الأعظم يقول وهذا أمر يحدث معي أيضًا، عندما أجد نفسي إزاء أمر لا يعجبني فشعوري الأول لا يكون أبدًا من الله بل هو سيئ دائمًا. ولذلك ينبغي علينا أن نتوقّف ونفسح المجال للروح القدس لكي يجعلنا نصل إلى الصالح وإلى السلام، تمامًا كما حصل مع الرسل الذين بعد أن ضربوهم بالعصي انصَرَفوا مِنَ المَجلِسِ مَسرورين بِأَنَّهم وُجِدوا أَهلاً، لأَن يُهانوا مِن أَجْلِ اسم يسوع.

إن الكبرياء الناتج عن شعورك الأوّل يحملك إلى الرغبة بقتل الآخرين، لكن التواضع وحتى الإذلال يحملك إلى التشبه بيسوع. وهذا أمر غالبًا ما لا نفكر به. في هذه اللحظات التي يُقتل فيها العديد من الإخوة والأخوات من أجل اسم يسوع، هم يعيشون حالة الفرح هذه لأنهم يهانون ويتألمون ويموتون من أجل اسم يسوع. وحدها درب انفتاح القلب على التواضع تساعدنا على الهروب من كبرياء المشاعر الأولى ولكن لا يمكننا الوصول إلى التواضع إلا عبر طريق الإذلال؛ وهذا أمر يصعب منطقيًّا فهمه لأنه نعمة ينبغي أن نطلبها.

وختم البابا فرنسيس عظته بالقول: نعمة التشبه بيسوع. تشبه لا يشهد له شهداء اليوم فقط بل العديد من الرجال والنساء أيضًا الذي يتعرضون للإذلال يوميًّا من أجل خير عائلاتهم فيسكتون ويحتملون كل شيء محبة بيسوع. هذه هي القداسة في الكنيسة، هذا الفرح النابع من الإذلال، ليس لأن الإذلال جميل وإلا لأصبح الأمر مَرَضيًّا، وإنما لأنك تتشبّه بذلك الإذلال بيسوع. وبالتالي فهناك موقفان: موقف الانغلاق الذي يحملك على الكراهية والغضب والرغبة بقتل الآخرين؛ وموقف الانفتاح على الله وعلى درب يسوع الذي يجعلك تقبل الذل والسوء بهذا الفرح الداخلي الذي ينبع من الثقة بأنك سائر على درب يسوع.          








All the contents on this site are copyrighted ©.