2015-04-12 13:30:00

البابا يترأس القداس الإلهي ويعلن القديس غريغوريوس الناريكي ملفانًا للكنيسة الجامعة


ترأس قداسة البابا فرنسيس صباح الأحد القداس الإلهي في بازيليك القديس بطرس وأعلن خلاله القديس الأرمني غريغوريوس الناريكي ملفانًا للكنيسة الجامعة. وألقى الأب الأقدس عظة استهلها بالقول إن القديس يوحنا الذي كان حاضرا في العلية مع باقي التلاميذ مساء ذاك اليوم، يوم الأحد، يُخبرنا بأن يسوع جاء وقام بينهم وقال لهم "السلام عليكم" و"أراهم يديه وجنبه" (20، 19 ـ 20)، وأراهم جراحاته. فعرفوا هكذا أنه الرب، فامتلأوا فرحًا. وبعد ثمانية أيام، جاء يسوع مجددا إلى العلية، وأرى جراحاته لتوما كي يلمسها كما كان يريد، ليؤمن ويصبح هو أيضا شاهدًا للقيامة.

أضاف البابا فرنسيس: في هذا الأحد الذي أراد القديس يوحنا بولس الثاني تكريسه للرحمة الإلهية، يُظهر الرب اليوم جراحاته لنا أيضا من خلال الإنجيل. إنها جراحات رحمة. جراحات يسوع هي جراحات رحمة. ومضى الأب الأقدس قائلا إن يسوع يدعونا للنظر إلى هذه الجراحات، يدعونا للمسها، كما فعل توما، ليشفي شكّنا. إنه يدعونا قبل كل شيء للدخول في سر هذه الجراحات، سر محبّته الرحيمة. فمن خلالها ـ قال البابا ـ نستطيع أن نرى كل سرّ المسيح والله: آلامه، حياته الأرضية ـ الممتلئة شفقة إزاء الصغار والمرضى ـ وتجسّده في حشا مريم. ويمكننا استرجاع كل تاريخ الخلاص. وأشار إلى أنه يمكننا رؤية كل ذلك من خلال جراحات يسوع المصلوب والقائم من الموت، ويمكننا أن نُعلن على مثال مريم في نشيدها تعظّم نفسي الرب أن "رحمته من جيل إلى جيل". وأضاف البابا فرنسيس أنه ـ وأمام الأحداث المأساوية للتاريخ البشري ـ نبقى أحيانا وكأننا مسحوقون ونتساءل "لماذا؟"، وأكد أن الله وحده يستطيع أن يملأ الفراغات التي يفتحها الشر في قلوبنا وتاريخنا. وتابع الأب الأقدس أن المسيح الذي صار إنسانا ومات على الصليب هو الذي يردم هوّة الخطيئة بفيض رحمته، وأشار إلى أن القديسين يعلموننا أن العالم يتبدّل انطلاقًا من ارتداد القلب، ويحصل ذلك بفضل رحمة الله، وختم البابا فرنسيس عظته قائلا: من خلال تثبيت النظر إلى جراحات يسوع القائم من الموت، نستطيع أن ننشد مع الكنيسة "إن للأبد محبته"، إن رحمته للأبد. بهذه الكلمات المنطبعة في القلب، لنَسر على دروب التاريخ، ويدنا في يد ربّنا ومخلّصنا، حياتنا ورجائنا.

هذا وقد وجه البابا فرنسيس قبل بداية القداس الإلهي تحية للمؤمنين الأرمن الذين غصت بهم بازيليك القديس بطرس، واستهلها بالقول إنه تكلّم في مناسبات عديدة عن هذا الزمن كزمن حرب، حرب عالمية ثالثة "بشكل متجزئ". وللأسف نسمع اليوم أيضا صراخ العديد من الإخوة والأخوات العزّل، الذين، ولإيمانهم بالمسيح أو لانتمائهم العرقي يُقتلون بعنف أو يُجبرون على ترك أرضهم. وأضاف الأب الأقدس أننا نعيش اليوم أيضا نوعًا من الإبادة بسبب اللامبالاة العامة والجماعية، الصمت المتواطئ لقايين "وما همّي أنا؟" أحارِسٌ لأخي أنا"؟ كما لفت البابا إلى أن البشرية شهدت خلال القرن المنصرم ثلاث مآس فظيعة: الأولى وهي التي تُعتبر كـ"أول إبادة في القرن العشرين" (يوحنا بولس الثاني وكاراكين الثاني، إعلان مشترك، اتشميادزين، 27 أيلول سبتمبر 2001) ضربت شعبكم الأرمني، فيما ارتُكبت المأساتان الأخريان على يد النازية والستالينية. كما وأشار البابا إلى ما حصل أيضا في كمبوديا، رواندا، بوروندي، والبوسنة، وذكّر بما قاله خلال زيارته ريديبوليا في إيطاليا في أيلول سبتمبر الفائت "لم نتعلّم بعد أن الحرب هي ضرب من الجنون". وقال الأب الأقدس في تحيته للمؤمنين الأرمن: نتذكّر اليوم بقلب يخترقه الألم ولكنه مفعم بالرجاء في الرب القائم من الموت، المئوية الأولى لذاك الحدث المأساوي الذي قاساه أسلافكم بشدة، وأكد أن تذكارهم ضروري، لا بل هو واجب. إن إخفاء أو نفي الشر هو وكأن نترك جرحا ينزف بدون تضميده! وختم البابا فرنسيس كلمته شاكرا رئيس جمهورية أرمينيا السيد سيرج ساركيسيان على حضوره، ووجه تحية حارة أيضا للبطاركة والأساقفة الحاضرين وقال: لنعش معا هذا الاحتفال ونظرنا موجه إلى يسوع المسيح القائم، غالب الموت والشر! 

وفي ختام القداس الإلهي صباح الأحد في بازيليك القديس بطرس، سلّم قداسة البابا فرنسيس رسالة للأرمن، استهلها بالقول: قرن مضى على تلك المذبحة الفظيعة، وأضاف أن ما مِن عائلة أرمنيّة لم تفقد أحدًا من أحبائها: لقد كان حقًا "الشر الأعظم" كما سميّتم تلك المأساة. وعبّر الأب الأقدس عن قربه من الشعب الأرمني وقال: أرغب في الاتحاد روحيا مع الصلوات التي ترتفع من قلوبكم، عائلاتكم وجماعاتكم. وأضاف أنه أُعطيت لنا فرصة سانحة للصلاة معا في هذا الاحتفال ونُعلن فيه القديس غريغوريوس الناريكي معلمًا للكنيسة، شاكرا على حضور كاراكين الثاني كاثوليكوس عموم الأرمن، وآرام الأول كاثوليكوس بيت كيليكيا، ونرسيس بدروس التاسع عشر بطريرك كيليكيا للأرمن الكاثوليك. ومما جاء في الرسالة التي سلمها قداسة البابا فرنسيس للأرمن، أن دعوتهم المسيحية هي قديمة جدا وتعود للعام 301، العام الذي أرشد فيه القديس غريغوريوس المنوّر أرمينيا إلى التوبة والمعمودية، وهي الأولى بين الأمم التي على مر العصور عانقت إنجيل المسيح. وطبع ذاك الحدث الروحي بشكل لا يُمحى الشعب الأرمني، ثقافته وتاريخه، حيث تحتل الشهادة مكانا كبيرا مشيرا إلى القديس فارتان ورفاقه في القرن الخامس. وأضاف البابا أيضا أن الشعب الأرمني المستنير بنور المسيح ونعمته تخطّى العديد من المحن والآلام، ينعشه الرجاء النابع من الصليب، وذكّر بهذا الصدد بما قاله القديس يوحنا بولس الثاني: إن تاريخكم، تاريخ الألم والشهادة، هو لؤلؤة ثمينة تفتخر بها الكنيسة الجامعة. كما وأشار الأب الأقدس في رسالته إلى أن الإيمان بالمسيح قد رافق وساند شعبكم أيضا في الحدث المأساوي لمائة سنة خلت والذي "يُعتبر عامة كأول إبادة في القرن العشرين" (يوحنا بولس الثاني وكاراكين الثاني، إعلان مشترك، اتشميادزين، 27 أيلول سبتمبر 2001)، وأضاف البابا أن تذكار ما حدث لهو واجب ليس فقط للشعب الأرمني وللكنيسة الجامعة، إنما أيضا للعائلة البشرية كلها، كي يجنّب التنبيه الآتي من هذه المأساة الوقوع في أهوال مماثلة تسيء إلى الله والكرامة البشرية.








All the contents on this site are copyrighted ©.