2015-04-05 08:00:00

رسالة البطريرك الماروني لعيد الفصح: لقد قام وليس هو هنا


تحت عنوان "لقد قام وليس هو هنا" وجّه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي رسالته لعيد الفصح، استهلها بالقول: ملاك الرب الذي دحرج الحجر عن باب قبر يسوع وجلس عليه، وهو بثياب بيض كالثلج، أعلن البشرى للنسوة اللواتي أتينا في فجر يوم الأحد، ومعهنّ طيوب لتطييب جسد يسوع، قائلا "لا تخفن! أنتنّ تطلبن يسوع المصلوب! لقد قام، وليس هو هنا"(متى28: 5). وسلّمهنّ هذه البشرى لينقلنَها إلى التلاميذ. وانتشرت على مدى ألفَي سنة وما زالت تتَسع شيئًا فشيئًا لتشمل جميع شعوب الأرض. وها نحن نؤكّدها بشرى نلتزم نشرها في كلّ مكان: المسيح قام! حقًّا قام!

ومما جاء في الرسالة نقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية: إنّنا نختبر اليوم في لبنان، بنوع خاص، نوعًا من الموت السياسي الذي يتحكّم بمصيرنا كشعب وبمصير الدولة، ويُنبئ أحيانًا بأن لا قيامة لهذا الوطن، ولا أمل فيه لأجياله الطالعة. هذا ما أحدثه الفراغ في سدّة رئاسة الجمهورية منذ ما يزيد على العشرة أشهر. لا يوجد أي مبرّر دستوري لا لمقاطعة الجلسات الانتخابية بالتغيّب بغية إحداث عدم اكتمال النصاب، للحيلولة دون انتخاب الرئيس، ولا للتلكؤ عن اتّخاذ أي مبادرة عملية للخروج من حالة الفراغ، وكأنّ الجميع باتوا ينتظرون من الخارج كلمة السرّ.

إنّنا لا ننفكّ نخاطب، بالنداء تلو النداء، ضمائر الكتل السياسية ونواب الأمّة وندعوهم جميعًا للحضور إلى المجلس النيابي، والقيام بواجبهم الدستوري بانتخاب رئيس للجمهورية. والنداء إيّاه وجَّهته القمّة الروحية التي عقدها رؤساء الطوائف المسيحية والإسلامية في بكركي الاثنين الماضي. ثمّ أطلقته أول من أمس الجمعيات الأهلية والمؤسسات المدنية، في ساحة رياض الصلح، باسم الشعب اللبناني، وقد نظّمته "طاولة حوار المجتمع المدني". ونحن نشجّعها ونشجّع أمثالها. هذا فضلا عن النداءات الفردية والجماعية، الخاصة والرسمية، من الداخل ومن الخارج. ولكن ما زال السياسيّون المعنيّون يُحكمون سيطرتهم على الحجر الذي دحرجوه على باب القصر الجمهوري منعًا لانتخاب رئيس. وهذا أمر مرفوض بالمطلق من الشعب كلّه ويستوجب إدانة التاريخ الصارمة والضمير الوطني. لكن القيامة هي مصدر الرجاء وضمانته. بفضلها لنا رجاء وطيد، على المستوى الوطني، يأتي من الشعب اللبناني المؤمن بميثاق العيش معًا، مسيحيين ومسلمين بالمساواة والتعاون في بناء الدولة والوطن. فهو لا يريد الانزلاق نحو حرب مذهبية كتلك الدائرة في المنطقة، بكل أسف وألم.

ومن هذا الكرسي البطريركي ـ أضاف البطريرك الراعي في رسالته لعيد الفصح ـ نعلن عن قربنا وتضامننا مع أبناء كنيستنا وبناتها، رعاة وشعبًا، ومع سائر المسيحيّين، في بلدان الشرق الأوسط ولاسيما الذين يعانون من مآسي الحرب والهدم والإرهاب والعنف في فلسطين والعراق وسوريا. ونعرب أيضًا عن قربنا وتضامننا مع جميع المواطنين في هذه البلدان وفي اليمن. فنلتمس من المسيح "أمير السلام"(أش 9: 6)، أن يَمَسّ ضمائر المسؤولين عن هذه الحروب، أكان من دول الشرق أو الغرب، ويكفّ يدهم عن مدّ المتقاتلين بالمال والسلاح والمرتزقة والدعم السياسي، ويتّقوا الله في عباده. ونناشد الأسرة الدولية إيجاد السبل السلمية، السياسيّة والدبلوماسية، لإيقاف الحروب، وتوفير عودة النازحين إلى بيوتهم وممتلكاتهم بكرامة وبحق المواطنة، وتوطيد السلام العادل والشامل والدائم في هذه البلدان.

وفيما نحيّي كل الذين غادروا لبنان وبلدان هذا المشرق إلى عالم الانتشار، وهم في حالة قلق وبحث عن عمل واستقرار، وقد سُلخوا عنوة عن عائلاتهم وأهلهم ومحيطهم، فإنّنا نسأل لهم سلام المسيح وعزاءه وقوة قيامته. ونتوجّه إلى مطارنة أبرشياتنا في بلدان الانتشار وكهنة الرعايا والرهبان والراهبات، بالتهاني بالعيد وبأخلص التمنيات، آملين منهم اتّخاذ مبادرات محبة وتضامن وتعاون من أجل حماية الحضور المسيحي في لبنان وبلدان الشرق الأوسط، حيث أساس المسيحية العالمية وجذورها؛ ومن أجل تعزيز رسالة المسيحيين في هذه الأوطان، وهم فيها منذ عهد المسيح والرسل، من اجل استمرارية إعلان إنجيل المحبة والأخوّة والعدالة والسلام في هذه الأرض العطشى إليه.

وإليكم أيّها الشباب، في لبنان وبلدان المشرق ـ قال البطريرك الماروني  ـ أوجه نداء الرجاء "المسيح قام! حقًّا قام! فلا تخافوا من الصمود في أرضكم. كونوا أقوى من قوى الشر، وأقوى من الصعوبات والمحن. فالعاصفة تمرّ وتنتهي. الكنيسة معكم ولكم بكلّ إمكانيّاتها، بكنائسها وأديارها، بأبرشياتها ورهبانياتها، بمؤسساتها التربوية والاستشفائية والاجتماعية، وبكل وسائلها. انفتحوا عليها وعلى محبة المسيح. وفيما نحيّي بالتقدير الكبير كلّ المؤسسات المدنية، الخاصة والرسمية، التي تُعنى بشبيبتنا. فإنّا نطالب المسؤولين في الدولة بأن يضعوا قضيّة الشباب في أولوية اهتماماتهم. فالشباب مستقبل البلاد الضامن. 








All the contents on this site are copyrighted ©.