2015-02-27 12:53:00

الرياضة الروحية: لا نخافنَّ من أن نفقد اعتباراتنا من أجل الإنجيل!


هل نستعمل عصا القساوة والفئات المحدّدة إزاء من يواجه الصعوبات أم أننا نستعمل عناق الرحمة؟ حول هذا السؤال تمحورت عظات الأب برونو سيكوندين عصر الأربعاء وصباح الخميس في الرياضة الروحية التي يقيمها بمشاركة الأب الأقدس وأعضاء الـ "كوريا" الرومانية.

استهل الأب برونو سيكوندين تأمّله في إطار موضوع "السماح لله بأن يدهشنا" انطلاقًا من الفصل السابع عشر من سفر الملوك الأول الذي يخبرنا عن إيليا وأرملة صرفت (1 ملوك 17، 2- 24) ومن الفصل الرابع من سفر الملوك الثاني الذي يخبرنا عن أليشاع الذي يقيم ابن الشونميّة (2 ملوك 4، 25- 37)، إطار جعله يتوقّف عند جانب أساسيّ من حياة الإيمان ألا وهو أنه بإمكان الفقراء أن يبشّروننا. لقد استقبلت الأرملة الفقيرة إيليا بالرغم من أنه لم يكن عندها "رغيف إلا ملء راحة دقيقًا في الجرّة ويسيرًا من الزيت في القارورة" مقدّمة بهذا الشكل مناسبة للنبي لينمو داخليًّا. لقد كان إيليا رجلاً صعب المزاج، وفي تعليقهم على هذا النص البيبلي يكتب آباء الكنيسة: من خلال هذا الحدث يحاول الله أن يصلح إيليا ويلجمه، وبالتالي أرسله إلى أرملة صرفت الفقيرة ليتعلّم منها كيف يواجه الفقر والموت بكرامة.

تابع الأب سيكوندين يقول من خلال معجزة الدقيق والزيت ظهر إيليا كالشافي العظيم، لكن موت ابن الأرملة حمله إلى بعد آخر: شعر بضعفه وبأنه لم يبق لديه إلا أن يتوسّل إلى الله، وأن يستسلم له ويعترف بأنه وحده القادر على استجابة صراخه ودعائه. وإزاء تصرفات إيليا واعترافه بضعفه اكتشفت الأرملة وجه الله الآخر: الله الشفوق والرحوم، الله الذي يعانقنا ويأخذ جراحنا على نفسه. يدعونا هذا الحدث ليتساءل كل منا عن تاريخه الشخصيّ: هل نحن قادرون على لقاء الفقراء لنصل إلى لقاء الحقيقة؟ أم أننا نخاف من أن نفقد اعتبارنا وكرامتنا؟؛ هل نعرف كيف نعانق من يحمل في قلبه "طفلاً ميتًا" بسبب عنف أو ظلم أو صدمات طفولة...؟ هل كلمتنا هي كلمة الشافي المغرور أم هي كلمة من يصلّي ويتوسّل؟ إزاء ظروف الألم والصعوبات هل نستعمل القوانين والعصا أم نستعمل ذراعينا لنعانق؟

بعدها انتقل الأب سيكوندين بتأمله ليتوقف عند حدث آخر من الفصل الحادي والعشرين من سفر الملوك الأول والذي نقرأ فيه عن الملك أحآب الذي أراد أن يأخذ كرم نابوت اليزراعيلي المتواضع، لكنه رفض أن يعطيه إياه لأنه ميراث آبائه. عندها قامت الملكة الغدارة إيزابل باستدعاء الشيوخ والأشراف وأجلست رجلين لا خير فيهما وشهدا على نابوت أنه لعن الله والملك فأخرجوه ورجموه بالحجارة فمات، فنزل أحآب إلى الكرم ليرثه. للحال كلّم الله إيليا ليحمل لأحآب حكمه، فلما سمع أحآب كلام الرب مزّق ثيابه وجعل على بدنه مسحًا وصام. فلما رأى الله كيف ذلّ أحآب أمامه لم يجلب الشرّ في أيامه.

تابع الأب برونو سيكوندين يقول كم من مرّة نستعمل عناصر مقدّسة كغطاء لأساليب شريرة وظالمة؟ فجوات عنف حقيقيّة تُفتح باسم الله حتى بيننا نحن المسيحيين فتسود "غفوة" الضمير. بعدها توقّف الأب سيكوندين عند العنف الذي يضرب أفريقيا والشرق الأوسط وقال إن الكتاب المقدّس يسائلنا بقوة: ينبغي علينا أن نقف في صف جميع الأشخاص الذين كـ "نابوت" في العالم، فندافع عن حقوقهم، ونستقبل الضحايا، نوقظ الضمائر لأن الأرض لله وهي عطيّة حياة للجميع بدون استثناء وليست عرضة لنزوات البعض. يعلّمنا الكتاب المقدّس أيضًا أسلوب التربية من خلال التصرفات الصغيرة وبالتالي ينبغي علينا أن يبدأ كلّ بنفسه فنرتد عن أسلوب حياتنا ونعيد النظر في الإسراف والاستهلاك، ونعتمد الوضوح في تصرفاتنا ونتمّم واجباتنا بصدق ولا نمارس السلطة كمصدر للامتيازات والتسلّط.

وختم الأب برونو سيكوندين تأمله بالقول ينبغي علينا أن نستعيد قوّة نشيد مريم ونتحلّى بالشجاعة على الاستنكار لأن الرب لا يحتمل المقتدرين. فلنسأل أنفسنا إذًا هل نعرف كيف نقترب من المتواضعين وضحايا العنف ونعايشهم أم أننا نخاف أن نفقد اعتبارنا من أجل الإنجيل؟

 








All the contents on this site are copyrighted ©.