2015-02-16 14:23:00

رسالة الصوم للبطريرك الماروني: زمن الصوم الكبير زمن الجوع والعطش إلى البِر


وجه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي رسالته لزمن الصوم الكبير استهلها بالقول "زمن الصوم الكبير هو زمن الجوع والعطش إلى البِرّ وزمن الشّبع من حضور الله ونعمه. نستوحي هذا الموضوع لرسالة الصوم الكبير 2015 من التطويبة الرابعة في إنجيل التطويبات، المعروف بدستور الحياة المسيحيّة "طوبى للجياع والعطاش إلى البِرّ، فإنَّهُم سيُشبَعون". تنطوي هذه التطويبة على أبعاد حياة الإنسان الروحية والمعنوية والماديّة. فيجوع ويعطش للخبز والماء، للعزاء والتشجيع، للصحة والشِّفاء، للعدالة والإنصاف، للخروج من حالة الفقر والعوز، للسلام والترقّي، للحقيقة والحرّية، للمحبة والرّحمة؛ كما يجوع ويعطش للعلم والتربية وتحقيق الذات في وطنه، وفقا لمواهبه وأحلامه وتطلّعاته؛ ويجوع ويعطش لإرضاء الله بحياة بارَّة في الشركة الروحيّة معه، والأمانة لحالته ودعوته ومسؤولياته، ولرؤية وجه الله الآب في ختام رحلته على وجه الأرض والتنعُّمِ بمجدِ السماء من جودة الله ورحمته.

ونقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية توقف غبطته عند أهمية الصيام والصلاة والصدقة، وقال: الصيام تعبير عن التوبة الداخلية. فالامتناع عن الطعام وعن أكل اللّحم والبياض وما يرافقه من إماتات وأفعال محبة ورحمة إنّما يندرج في مبادرات التكفير والتعويض عن الأخطاء والخطايا والشّرور التي اقترفناها. والصيام تدريب للإرادة والنفس والجسد، من أجل تحقيق الانتصار على الذات في ضعفها وانحرافها، وبلوغ حرية القلب. أما الصلاة فهي مكوِّن ثان لزمن الصوم الكبير، يعود فيه كلّ مؤمن ومؤمنة إلى الله بروح التوبة الداخلية من أجل تصحيح العلاقة معه، ومع الذات والناس. فالصلاة، بالنسبة إلى القديسة تريز الطفل يسوع، هي "ارتفاع القلب بنظرة نحو السماء، وهي صرخة امتنان وحب لله في المحنة كما في الفرح". ويرى فيها القديس يوحنا الدّمشقي "ارتفاع النفس إلى الله، والتماس الخيرات المناسبة". إن الصلاة وقبل أن تكون كلمات، هي إصغاء لكلام الله وإلهاماته، وحالة مناجاة من القلب إلى القلب ونشيد تسبيح وشكر وتمجيد، واستغفار وتشفّع.

تابع البطريرك الراعي أن الصدقة وهي أعمال المحبة والرحمة هي المكوِّن الثالث لزمن الصوم الكبير بعد الصيام والصلاة. هذه الثلاثة هي شريعة الإنجيل الجديدة وأفعال فضيلة التديّن، تجعل من الصّوم الكبير زمن تجدّد في المؤمنين وفي الكنيسة، لأنها وسائل لنيل مغفرة الخطايا من خلال التوبة والمصالحة مع الإخوة والاهتمام بخلاصهم، وعيش المحبة الاجتماعية نحو "أخوة يسوع الصّغار": الجائع والعطشان والعريان والغريب والمريض والسَّجين، ماديا وروحيا، ثقافيا ومعنويا، اقتصاديا واجتماعيا.

قال غبطته: تعلمون أيّها الأخوة والأخوات الأحباء، كم هي متزايدة حاجات شعبنا في لبنان وسوريا والعراق ومصر والأراضي المقدّسة بسبب الحروب والدمار والنزوح والتهجير والإفقار، بسبب الأزمات الاقتصادية والمعيشيّة المتزايدة والبطالة وضآلة فرص العمل. فلا بدَّ من مواجهتها بالتضامن وتوحيد القوى في عيش المحبة الاجتماعية. وختم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي رسالته لزمن الصوم الكبير بالقول: نتمنّى لكم جميعا صوما مباركا نجدِّد فيه معًا، علاقاتنا مع الله والذات بالصلاة والتوبة الداخليّة، ونرمِّم علاقات الأخوّة مع من نحن في حالة نزاع معهم بالغفران والمصالحة، ومع "أخوة يسوع الصغار" بأفعال محبة ورحمة.








All the contents on this site are copyrighted ©.