2015-01-16 09:37:00

البابا فرنسيس يلتقي بالسلطات والسلك الدبلوماسي في مانيلا


زار قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الجمعة بالتوقيت المحلّي القصر الرئاسي في مانيلا حيث التقى برئيس الجمهوريّة الفيليبيني بينينيو أكوينو الثالث في زيارة مجاملة ليلتقي بعدها بالسلطات والسلك الدبلوماسي في البلاد؛ وللمناسبة وجّه الأب الأقدس كلمة قال فيها: أيها السيّدات والسادة! أشكر السيد الرئيس على ترحيبه اللطيف وعلى تحيّته باسم السلطات والشعب الفيليبيني، وأعضاء السلك الدبلوماسي الموقّرين. أنا ممتن للدعوة لزيارة الفيليبين. إن زيارتي هي أولاً راعوية، وتتم في مرحلة تتحضر فيها الكنيسة في البلاد للاحتفال بالمئوية الخامسة لأول إعلان لإنجيل يسوع المسيح على هذه الشواطئ. إن الرسالة المسيحيّة قد أثّرت بشكل كبير على الثقافة الفيليبينية. أرجو أن يُظهر هذا العيد المهمّ خصوبته المستمرّة وقدرته على إلهام مجتمع يليق بطيبة وكرامة وطموحات الشعب الفيليبيني.

تابع البابا فرنسيس يقول تريد هذه الزيارة أن تُعبّر بشكل خاص عن قربي من إخوتنا وأخواتنا الذين تكبّدوا الآلام والأضرار والدمار التي سببها الإعصار يولندا. فقد تأمّلت، مع شعوب العالم بأسره، بطولة القوة والإيمان والمقاومة التي أظهرها العديد من الفيليبينيّين إزاء هذه الكارثة الطبيعية والعديد غيرها. تلك الفضائل المتجذّرة في الرجاء والتضامن والمشبعة بالإيمان المسيحي قد أدّت إلى انتشار الطيبة والسخاء خصوصًا من قبل العديد من الشباب. في مرحلة الأزمة الوطنية تلك، قدّم العديد من الأشخاص المساعدة لجيرانهم المحتاجين، وبتضحية كبيرة قدّموا وقتهم ومواردهم مكوّنين شبكة عون متبادل والتزام من أجل الخير العام.

أضاف الحبر الأعظم إن هذا المثال في التضامن في عمل إعادة البناء يقدِّم لنا درسًا مهمًّا. كعائلة، يستقي كل مجتمع من موارده العميقة ليواجه تحديات جديدة. والفيليبين اليوم، بالإضافة إلى بلدان أخرى في آسيا، تجد نفسها أمام ضرورة بناء مجتمع معاصر يقوم على أسس ثابتة – مجتمع يحترم القيم البشريّة الأصيلة ويحمي كرامتنا وحقوق الإنسان المؤسسة على الله، ويكون مستعدًّا لمواجهة مشاكل أخلاقية وسياسية جديدة ومعقّدة. كما تخبرنا العديد من الأصوات في بلادكم، من الأهمية بمكان، الآن أكثر من أي وقت مضى، أن يتميّز المسؤولون السياسيّون بالصدق والنزاهة والمسؤوليّة تجاه الخير العام. فيتمكنوا بهذا الشكل من الحفاظ على غنى الموارد البشرية والطبيعية التي بارك الله بها هذه البلاد. ويصبح بإمكانهم هكذا تأمين الموارد الأخلاقية الضرورية لمواجهة متطلّبات الحاضر، ونقل مجتمع عادل، متضامن ومسالم للأجيال المستقبليّة.

تابع الأب الأقدس يقول: من الضرورة بمكان لتحقيق هذه الأهداف الوطنية الارتكاز إلى الواجب الخلقي في ضمان العدالة الاجتماعيّة واحترام الكرامة البشريّة. يفرض التقليد البيبلي الكبير على جميع الشعوب واجب الإصغاء إلى صوت الفقراء وكسر سلاسل الظلم والقمع التي تسبب عدم مساواة اجتماعية بشكل فاضح. إن إصلاح الهيكليات الاجتماعيّة الذي يحافظ على الفقر وإقصاء الفقراء، يتطلب قبل كل شيء ارتداد في الذهنية والقلب. لقد طلب أساقفة الفيليبين أن يتمَّ إعلان هذه السنة "سنة الفقير". أتمنى أن يولّد هذا الطلب النبوي في كل فرد منكم، وفي المجتمع على جميع مستوياته، الرفض القاطع لأي شكل من أشكال الفساد الذي يحرم الفقراء من الموارد، ويحرّك الرغبة للقيام بجهد ملموس لإدماج كل رجل وامرأة وطفل في حياة الجماعة.

ومضى الحبر الأعظم إلى القول: في تجديد المجتمع تلعب العائلة بالطبع دورًا أساسيًّا ولاسيما الشباب. وبالتالي سيشكل لقائي مع العائلات والشباب هنا في مانيلا جانبًا خاصًا من هذه الزيارة. فرسالة العائلات هي جوهريّة في المجتمع. في العائلة يُربى الأطفال على القيم السليمة والمثل العليا والانتباه الصادق نحو الآخرين. ولكن كجميع عطايا الله يمكن أيضًا للعائلة أن تُشوّه وتُدمّر، وهي بحاجة لدعمنا. نعرف كم هو صعب اليوم لأنظمتنا الديمقراطية أن تحافظ على هذه القيم الإنسانية الأساسيّة وتدافع عنها، وأن تحترم كرامة كل شخص بشري التي لا يمكن انتهاكها، وتحترم حقوق حرية الضمير والدين، وحق الحياة غير القابل للتصرُّف  بدءًا من حياة الأطفال الذين لم يولدوا بعد وصولاً إلى حياة المسنّين والمرضى. لذلك ينبغي تشجيع العائلات والجماعات المحليّة ومساعدتها في جهودها لتنقل للشباب القيم والرؤية التي تساعد على تعزيز ثقافة صدق – لتكون الطيبة والصراحة، الأمانة والتضامن، أسسًا ثابتة ولُحمةً خلقيّة تُحافظ على وحدة المجتمع.

وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول: السيّد الرئيس، السلطات الموقّرة، أيها الأصدقاء الأعزاء، في بداية زيارتي لهذه البلاد، لا يمكنني ألا أذكر دور الفيليبين المهمّ في تعزيز التفاهم والتعاون بين دول آسيا، كما أيضًا المساهمة، التي غالبًا ما تُهمّش، والتي يقدّمها الفيليبينيّون في المهجر لحياة ورفاهيّة المجتمعات التي يعيشون فيها. وفي ضوء الإرث الثقافي والديني الغني الذي تفتخر به أمّتكم أترك لكم تحدّيًا وتشجيعًا. لتستمرّ قيم الشعب الفيليبيني الأكثر عمقًا بإيجاد تعبير في الجهود لتقدم لمواطنيكم نموًّا إنسانيًّا شاملاً. وبهذا الشكل يصبح كلّ إنسان قادر على تحقيق قدراته ويساهم بحكمة وإيجابية في مستقبل هذه البلاد. أثق بأن الجهود الحميدة لتعزيز الحوار والتعاون بين أتباع مختلف الديانات ستحمل ثمارًا في تحقيق هذا الهدف النبيل. بشكل خاص أعبّر عن ثقتي بأن يولّد التقدّم الذي تمّ في حمل السلام لجنوب البلاد حلولاً مناسبة بالاتفاق مع المبادئ الأساسية للأمة وفي احترام حقوق الجميع غير القابلة للتصرّف بما فيها حقوق الشعوب الأصليّة والأقليات الدينية. عليكم وعلى كل رجل وامرأة وطفل في هذه الأمة الحبيبة ابتهل من الله فيض البركات.       








All the contents on this site are copyrighted ©.