2015-01-10 13:26:00

البابا فرنسيس يستقبل المشاركين في مؤتمر حول هاييتي


استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم السبت في قاعة كليمينتينا في القصر الرسولي بالفاتيكان المشاركين في المؤتمر الذي يُنظمه المجلس البابوي قلب واحد "كور أونوم" بالتعاون مع اللجنة الحبرية لأمريكا اللاتينية وأساقفة هاييتي الكاثوليك في الفاتيكان حول موضوع "شركة الكنيسة: ذكرى ورجاء لهاييتي بعد خمس سنوات على الزلزال"، وللمناسبة ألقى الأب الأقدس كلمة رحّب بها بضيوفه وشكرهم على المساعدات التي قدموها لهاييتي إزاء هذه الكارثة وقال أتوجه بامتنان أيضًا إلى جميع المؤمنين الذين أرادوا أيضًا مساعدة الشعب الهاييتي بطرق عديدة بعد تلك المأساة التي خلّفت وراءها الموت والدمار واليأس. من خلال المساعدة التي قدمناها لإخوتنا وأخواتنا في هاييتي أظهرنا أن الكنيسة هي جسد كبير حيث تهتم الأعضاء المتعددة بعضها ببعض (راجع 1 كور 12، 25). ففي هذه الشركة التي يحركها الروح القدس تجد خدمة المحبة التي نقوم بها معناها العميق.

تابع الأب الأقدس يقول: لقد تم فعل الكثير خلال هذه المرحلة لإعادة بناء البلاد! ولكن على الرغم من هذا فنحن لا نخفي أنه لا يزال هناك الكثير من العمل. ولكن كل ما قمنا به وما سنتمكن من تحقيقه بمعونة الرب يقوم على ثلاثة أعمدة أساسية: الشخص البشري، الشركة الكنسية والكنيسة المحليّة. فالشخص البشري هو في محور عمل الكنيسة. لقد احتفلنا منذ أيام قليلة بعيد الميلاد، وسرّ التجسّد يخبرنا عن مدى أهميّة الإنسان بالنسبة لله الذي أراد أن يأخذ الطبيعة البشريّة. لذلك ينبغي أن يكون اهتمامنا الأول مساعدة الإنسان، كل إنسان، ليعيش كيانه بملئه. فلا وجود لإعادة بناء حقيقية للبلاد بدون إعادة بناء للإنسان بملئه. وهذا الأمر يعني بأن يحصل كل شخص في هاييتي على الضروريّ من وجهة النظر الماديّة وإنما في الوقت عينه أن يتمكن من عيش حريته ومسؤوليته وحياته الروحية والدينية. وأشار الحبر الأعظم إلى أن الشخص البشري يملك أفقًا متساميًا خاصًا به، ولا يمكن للكنيسة أن تُهملَ هذا الأفق الذي من خلاله يلتقي الإنسان بالله. لذلك وفي مرحلة إعادة البناء هذه ينبغي على النشاط الإنساني أن يكمّل النشاط الراعوي ليساهما معًا في هاييتي بتنشئة أشخاص ناضجين ومسيحيين يمكنهم بدورهم أن يبذلوا حياتهم من أجل خير إخوتهم.

أضاف البابا يقول هناك أيضًا جانب أساسي ثاني وهو الشركة الكنسيّة. لقد رأينا في هاييتي تعاونًا جيّدًا بين مختلف المؤسسات الكنسية- الأبرشيّة والمؤسسات الرهبانية والمنظمات التي تُعنى بأعمال المحبة وإنما أيضًا بين العديد من المؤمنين، كل بميزته قدّم مساهمته القيّمة، وهذه التعددية في أساليب المساعدة هي عامل إيجابي لأنها علامة على حيويّة الكنيسة وسخاء الكثيرين. ولذلك نشكر الله الذي يولّد في العديد الرغبة في الاقتراب من الآخر وإتباع شريعة المحبة، جوهر الإنجيل. لكن المحبّة تُصبح أكثر حقيقية وفعّالية عندما تُعاش في الشركة. فالشركة تشهد بأن المحبة ليست فقط مساعدة الآخر وإنما هي أيضًا بُعد يطبع الحياة برمتها ويحطّم حواجز الفردانيّة التي تمنعنا من اللقاء. المحبة هي حياة الكنيسة الحميمة وتظهر من خلال الشركة الكنسيّة. شركة بين الأساقفة ومع الأساقفة، المسؤولون الأوائل عن خدمة المحبة. شركة بين مختلف المواهب ومؤسسات الأعمال الخيرية إذ ما من أحد يعمل من أجل ذاته فقط وإنما باسم المسيح الذي أظهر لنا درب الخدمة. هذا وأكّد البابا فرنسيس أنه لا يمكننا أن نعيش المحبة منفصلين ودعا الجميع لتعزيز جميع الأساليب التي تسمح بالعمل معًا وقال ينبغي على الشركة الكنسيّة أن تنعكس أيضًا في التعاون بين سلطات البلاد والمؤسسات الدولية فيبحث الجميع معًا عن تقدم أصيل للشعب الهاييتي في إطار الخير العام.

وأخيرًا، تابع الأب الأقدس يقول، أرغب بالتأكيد على أهميّة الكنيسة المحليّة إذ تُصبح في داخلها الخبرة المسيحية ملموسة. من الأهمية بمكان أن تصبح الكنيسة في هاييتي أكثر حيويّة وخصوبة لتشهد للمسيح وتساهم في تقدُّم البلاد. ولذلك أرغب بتشجيع أساقفة هاييتي مع الكهنة وجميع العاملين الراعويين لكي يولّدوا في المؤمنين، بحماسهم وشركتهم الأخويّة، التزامًا متجدّدًا في التنشئة المسيحية والبشارة الفرِحَة والمُثمرة. إن شهادة المحبة الإنجيليّة تُصبح فعّالة عندما تعضدها العلاقة الشخصيّة مع يسوع في الصلاة والإصغاء لكلمة الله والمشاركة في الأسرار. فهنا تكمن قوة الكنيسة المحليّة.

وختم البابا فرنسيس كلمته للمشاركين في المؤتمر الذي يُنظمه المجلس البابوي قلب واحد "كور أونوم" بالتعاون مع اللجنة الحبرية لأمريكا اللاتينية وأساقفة هاييتي الكاثوليك في الذكرى الخامسة لزلزال هاييتي بالقول: وإذ أجدد شكري لكل فرد منكم، أشجعكم على متابعة المسيرة التي بدأتم بها مؤكدًا لكم صلاتي الدائمة وبركتي. لترافقكم مريم العذراء أمنا وتحفظكم. وأسألكم أن تصلّوا من أجلي.  

                 








All the contents on this site are copyrighted ©.