2014-12-09 13:14:00

البابا فرنسيس: افتحوا الأبواب لعزاء الرب!


"إن فرح الكنيسة يكمن في كونها أمٌّ، وفي انطلاقها للبحث عن الخراف الضالة" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الثلاثاء في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان، وأكّد أن الكنيسة لا تحتاج لهيكل تنظيميّ كامل إذا كانت تعيسة ومنغلقة وإن لم تكن أُمًّا ولذلك دعا الأب الأقدس المؤمنين ليكونوا "مسيحيين فرحين" يحملون للآخرين "عزاء حنان يسوع".

قال البابا فرنسيس: "افتحوا الأبواب لعزاء الرب!". استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من القراءة الأولى التي تقدمها لنا الليتورجية اليوم من سفر النبي أشعيا والتي يخاطب فيها أشعيا الشعب في نهاية محنة شعب إسرائيل بعد السبي إلى بابل. قال البابا لقد كان الشعب يحتاج للعزاء وحضور الرب نفسه يعزّي، ولكننا غالبًا ما نهرب من العزاء ونفضل البقاء والاسترخاء في أمورنا، نقائصنا وخطايانا، على أرضنا لأنه عندما يأتي الروح القدس ويحمل لنا العزاء يجعلنا نستسلم بين يدي الرب ولعزائه.

أضاف الحبر الأعظم يقول إن العزاء الأكبر هو الذي يأتي من الرحمة والمغفرة، وأشار إلى الفصل السادس عشر من نبوءة حزقيال الذي يعُدّد فيه الرب خطايا شعبه ولكنه من ثمَّ يعود ويجدّد عهده معه كمن يقول له: "لن أتركك أبدًا، لا بل سأفعل أكثر من هذا أيضًا وهذا سيكون انتقامي: العزاء والمغفرة"، هكذا هو إلهنا! ولذلك ينبغي علينا أن نسمح له بأن يعزينا لأنه وحده القادر على فعله، لأن التعزيات الصغيرة التي يمكن أن نقدمها لأنفسنا لا تنفعنا ولا تفيدنا. وفي هذا الإطار انتقل البابا فرنسيس للحديث عن الإنجيل الذي تقدمه لنا الليتورجية اليوم من القديس متى والذي نقرأ فيه مثل الخروف الضال.

أتساءل ما هو العزاء في الكنيسة، تابع الأب الأقدس يقول، عندما يتعزى شخص ما ويشعر برحمة الرب ومغفرته تبتهج الكنيسة وتفرح لأنها قد خرجت من ذاتها لتعزّي ذلك الشخص، تمامًا كالراعي الذي يقدمه لنا إنجيل اليوم والذي خرج ليبحث عن الخروف الضال، كان بإمكانه أن يقول في نفسه: "لا زلت أملك تسعة وتسعين خروفًا ولا زال ربحي مرتفع فما همّي من ذلك الخروف الضال" ولكنه لم يكن يفكّر بحسابات ربح وخسارة وإنما بقلب راع صالح وبالتالي خرج بحثًا عن الخروف الضائع حتى وجده وعاد به فرحًا وأقام احتفالاً لأنه وجده.

أضاف البابا فرنسيس يقول إن فرح الخروج للبحث عن الإخوة والأخوات البعيدين هو فرح الكنيسة التي تصبح بخروجها هذا أُمًّا خصبةً. فعندما لا تخرج الكنيسة بحثًا عن البعيدين فهي تراوح مكانها وتنغلق على ذاتها وبالرغم من أن كلّ شيء فيها منظّم وكل شيء يعطى في وقته ومكانه، لكنها تبقى حزينة ينقصها الفرح والسلام فتفقد عندها ثقتها بالرب وتفقد أمومتها وتصبح كنيسة تعيسة عقيمة. ولكن هذه ليست الكنيسة! لأن الكنيسة فرحة وفرحها يكمن في منح الحياة، فرح الكنيسة هو في الخروج من ذاتها لإعطاء الحياة، فرحها هو أيضًا في الخروج بحثًا عن الخراف الضائعة لأن فرح الكنيسة هو في محبة الراعي وحنان الأم.

تابع الأب الأقدس يقول نقرأ في ختام القراءة الأولى التي تقدمها لنا الليتورجية اليوم من سفر أشعيا: "هُوَذا السَّيِّدُ الرَّبُّ يَأتي بِقُوَّة، وذِراعُه مُتَسَلِّطَة: هُوَذا جَزاؤُه معَه، وعَمَلَهُ قُدَّامَه. يَرْعى قَطيعَه كالرَّاعي؛ يَجمَعُ الحُمْلانَ بِذِراعِه، ويَحمِلُها في حِضنِه، ويَستاقُ المُرضِعاتِ رُوَيدًا" تعود إلينا مرة أخرى صورة الراعي الذي يرعى قطيعه ويجمعه وهنا يكمن فرح الكنيسة: في الخروج من ذاتها لتصبح خصبة!

وختم الأب الأقدس عظته بالقول ليمنحنا الرب نعمة أن نعمل ونكون مسيحيين فرحين في خصوبة الأم الكنيسة وليحفظنا من السقوط في مواقف أولئك المسيحيين التعساء الذين فقدوا صبرهم وثقتهم وسلامهم، والذين يعيشون بحسب هيكلية منظمة ومتكاملة ولكن تنقصهم الحياة! ليعزينا الرب بعزاء الكنيسة الأم التي تخرج من ذاتها وليعزينا بعزاء يسوع ورحمته عندما يغفر لنا خطايانا.          








All the contents on this site are copyrighted ©.