2014-12-08 09:39:00

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


وفي الشَّهرِ السَّادِس، أَرسَلَ اللهُ المَلاكَ جِبرائيلَ إِلى مَدينَةٍ في الجَليلِ اسْمُها الناصِرَة، إِلى عَذْراءَ مَخْطوبَةٍ لِرَجُلٍ مِن بَيتِ داودَ اسمُهُ يوسُف، وَاسمُ الفتاة مَريَم. فدَخَلَ إلَيها فَقال: "السّلامُ عليكِ، أَيَّتُها المُمتَلِئَةُ نِعْمَةً، الرَّبُّ مَعَكِ". فداخَلَها اضطرابٌ شَديدٌ لِهذا الكَلامِ وسأَلَت نَفسَها ما مَعنى هذا السَّلام. فقالَ لها المَلاك: "لا تخافي يا مَريَم، فقد نِلتِ حُظوَةً عِندَ الله. فَستحمِلينَ وتَلِدينَ ابنًا فسَمِّيهِ يَسوع. سَيكونُ عَظيمًا وَابنَ العَلِيِّ يُدعى، وَيُوليه الرَّبُّ الإِلهُ عَرشَ أَبيه داود، ويَملِكُ على بَيتِ يَعقوبَ أَبَدَ الدَّهر، وَلَن يَكونَ لِمُلكِه نِهاية" فَقالَت مَريَمُ لِلمَلاك: "كَيفَ يَكونُ هذا وَلا أَعرِفُ رَجُلاً؟" فأَجابَها المَلاك: "إِنَّ الرُّوحَ القُدُسَ سَينزِلُ عَليكِ وقُدرَةَ العَلِيِّ تُظَلِّلَكِ، لِذلِكَ يَكونُ المَولودُ قُدُّوسًا وَابنَ اللهِ يُدعى. وها إِنَّ نَسيبَتَكِ أَليصابات قد حَبِلَت هي أَيضًا بِابنٍ في شَيخوخَتِها، وهذا هو الشَّهرُ السَّادِسُ لِتِلكَ الَّتي كانَت تُدعى عاقِرًا. فما مِن شَيءٍ يُعجِزُ الله". فَقالَت مَريَم: "أَنا أَمَةُ الرَّبّ فَليَكُنْ لي بِحَسَبِ قَوْلِكَ". وَانصرَفَ المَلاكُ مِن عِندِها (لوقا 1، 26- 38).

للتأمّل

نحتفل اليوم بأحد أكثر أعياد العذراء شعبية ورونقًا: عيد سيدة الحبل بلا دنس. فمريم لم ترتكب أي خطيئة وحسب، بل حُفظت من إرث الجنس البشري المشترك الذي هو الخطيئة الأصلية. وهذا بفضل الرسالة التي أعدها الله لها منذ البدء: أي أن تكون أم المخلص. كل هذا تتضمنه حقيقة “الحبل بلا دنس” الإيمانية. أما الأساس الكتابي لهذه العقيدة فنجده في الكلمات التي وجهها الملاك إلى إبنة الناصرة: "إفرحي، يا ممتلئة نعمة، الرب معك" (لو 1، 28). “ممتلئة نعمة”: هو أجمل أسماء مريم، اسم أعطاها إياه الله نفسه ليظهر أنها منذ الأزل وإلى الأبد: المحبوبة، المختارة، المنتخبة مسبقًا لتقبل العطية السامية، يسوع، “حب الله المتجسد” (الرسالة الرسولية Deus Caritas Est، 12).

قد نتساءل: لماذا اختار الله، من بين جميع النساء، مريم الناصرية؟ الجواب محجوب في سر الإرادة الإلهية الذي لا يسبر. ومع ذلك، فهناك دافع يقدمه الإنجيل وهو: تواضع مريم. فالعذراء نفسها في نشيد التعظيم (Magnificat)، نشيد تسبيحها، تقول: "تعظم نفسي الرب… لأنه نظر إلى تواضع أمته" (لو 1، 46. 48). نعم، انجذب الله إلى تواضع مريم التي وجدت نعمة أمام عينيه، وأصبحت هكذا أم الله، رمزًا ونموذجًا للكنيسة، المختارة من بين الأمم لتقبل بركة الرب وتوزّعها على العائلة البشرية جمعاء. هذه "البركة" ما هي إلا المسيح يسوع نفسه. فهو نبع النعمة، التي امتلأت مريم منها منذ اللحظة الأولى من وجودها. تقبلت يسوع بإيمان ومحبة ووهبته للعالم. هذه هي دعوتنا ورسالتنا نحن أيضًا، دعوة ورسالة الكنيسة: أن نقبل يسوع في حياتنا ونهبه للعالم، لكي "يخلص العالم به" (يو 3، 17).

إن عيد اليوم، عيد الحبل بلا دنس، ينير كمنارة زمن المجيء الذي هو زمن انتظار واثق ومتيقظ للمخلص. وإذ نتقدم للقاء الرب الآتي، ننظر إلى مريم التي "تزهو على هذه الأرض علامةَ العزاء والرجاء الأكيد لشعبِ الله السائر نحو لقاء الرب". (نور الأمم، 68). وإليها نرفع اليوم صلاتنا في هذا العيد

 

 








All the contents on this site are copyrighted ©.