2014-10-14 14:19:00

البابا فرنسيس: الحياة المسيحية تقوم على الإيمان العامل بالمحبة!


"هل حياتنا المسيحيّة هي مجرّد مظاهر أم أنها حياة إيمان يعمل في المحبة؟" هذا هو السؤال الذي تمحورت حوله عظة البابا فرنسيس في القداس الإلهي الذي ترأسه صباح اليوم في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان وأكّد أنه لا يكفي أن نتلو قانون الإيمان لنكون مسيحيّين وإنما علينا أيضًا أن نبتعد عن "النهب" و"الخبث" ونتعلّم كيف نتصدّق ونحسن للآخرين وخصوصًا للفقراء.

قال الحبر الأعظم: الإيمان لا يحتاج للمظاهر وإنما يحتاج لأن يُعاش. الإيمان لا يحتاج لأن يحتجب وراء اللطافة الزائفة والنفاق وإنما يحتاج لقلب باستطاعته أن يحب حقًّا. استهل الأب الأقدس عظته انطلاقًا من الإنجيل الذي تقدمه لنا الليتورجية اليوم من القديس لوقا والذي يخبرنا فيه عن دعوة أحد الفريسيّين ليسوع إلى الغداء عنده، فدخل يسوع وجلس للطعام دون أن يغتسل، وللحال تعجب الفريسيّ فقال له الرب موبِّخًا: "أَيُّها الفِرِّيسِيُّون، إِنَّكُم تُطَهِّرونَ ظَاهِرَ الكَأسِ والصَّحفَة، وباطِنُكم مُمتَلِئٌ نَهبْا وخُبْثًا". وبالتالي نجد يسوع يكرّر اليوم مرّة أخرى توبيخه للفريسيّن والكتبة وإدانته لهم على "الأمان الذي خلقوه لأنفسهم" والقائم على تطبيق الشريعة الصرف.

تابع البابا فرنسيس يقول: فيسوع يدين هذه الروحانية القائمة على المظاهر، وحب الظهور بمظهر الأخيار والصالحين بينما الحقيقة الداخليّة هي مختلفة تمامًا! يسوع يدين الأشخاص ذوي التصرفات الظاهرية الصالحة ولكنهم يخفون عادات سيئة. إنهم أشخاص يهتمون فقط بالمظاهر، يحبون أن يصلوا واقفين في المجامع وفي زوايا الشوارع ليراهم الناس ويقطبون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين... ويسوع يدين هذه المظاهر، ونراه في هذا النص من الإنجيل يستعمل كلمتين قاسيتين ويقول: "تُطَهِّرونَ ظَاهِرَ الكَأسِ... وباطِنُكم مُمتَلِئٌ نَهبْا وخُبْثًا".

أضاف الحبر الأعظم يقول: نسمع يسوع في نص آخر يقول لهم: "ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تشبهون قبورا مبيضة تظهر من خارج جميلة، وهي من داخل مملوءة عظام أموات وكل نجاسة"، ويقول لهم أيضًا في موقع آخر: "أَيُّها الأَغبياء، أَلَيسَ الَّذي صَنعَ الظَّاهِرَ قد صَنَعَ الباطِنَ أَيضاً؟ فتَصَدَّقوا بِما فيهِما، يَكُن كُلُّ شَيءٍ لكُم طاهِراً". هذا وأكّد البابا أن الصدقة بحسب الكتاب المقدس في عهديه توازي العدالة، وقال إن القديس بولس يكتب بهذا الصدد في رسالته إلى أهل غلاطية ويدين بدوره هؤلاء الأشخاص على تعلُّقهم بالشريعة ويقول: "إِنَّ المسيحَ قد حَرَّرَنا لنكون أحرارًا. فاثبُتوا إِذًا ولا تَعودوا إِلى نِيرِ العُبودِيَّة. فهاءَنَذا بولُسُ أَقولُ لَكم: إِذا اختَتَنتُمِ، فلَن يُفيدَكُمُ المسيحُ شَيئًا... فلا قِيمةَ لِلخِتانِ ولا لِلقَلَف في المسيحِ يسوعَ، وإِنَّما القِيمةُ لِلإِيمانِ العامِلِ بِالمَحبَّة"، فالإيمان وحده لا يكفي والشريعة وحدها لا تُخلّص!

تابع البابا فرنسيس يقول: إن الإيمان مهم، ولكن أي إيمان؟ ذلك العامل بالمحبة! وهذا أيضًا ما أراد يسوع أن يُفهمه للفريسيّين. فالإيمان ليس تلاوة قانون الإيمان، إذ أننا جميعًا نؤمن بالآب والابن والروح القدس وبالحياة الأبديّة... ولكن هل إيماننا هذا هو حي وعامل؟ من الأهميّة بمكان أن يكون إيماننا بالمسيح يسوع عاملاً بالمحبة، أي أن يقودنا إلى التصدق وعمل الخير. فالصدقة هي أيضًا بمعنى آخر الابتعاد عن عبادة المال التي تُبعدنا عن يسوع المسيح!

وختم البابا فرنسيس عظته متسائلاً: هل حياتنا المسيحيّة هي مجرّد مظاهر أم أنها حياة إيمان يعمل في المحبة؟ وقال إن يسوع يطلب منا أمرين فقط الأول "إِذا تَصدَّقْتَ فلا يُنْفَخْ أَمامَكَ في البوق" والثاني "لا تعطي أبدًا مِنَ الفاضِلِ عن حاجاتِك" تمامًا كتلك الأرملة التي "مِن حاجَتِها أَلْقَت جَميعَ ما تَملِك، كُلَّ رِزقِها".    








All the contents on this site are copyrighted ©.