2014-08-28 16:00:00

بطاركة الشرق: دعم الحضور المسيحي ودوره في حماية العيش المشترك


دعا البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إلى لقاء مع بطاركة الشرق بعد ظهر الأربعاء في الصرح البطريركي في بكركي ـ لبنان بحضور ممثل أمين عام الأمم المتحدة السفير ديريك بلامبلي، السفير البابوي المطران غابريلي كاتشا وسفراء الدول الخمس الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن. وفي ختام الاجتماع أصدر أصحاب الغبطة بيانًا بشأن الاعتداء القائم الآن على المسيحيين في عالمنا اليوم، ووضع حدّ للتنظيمات الأصولية التكفيرية، ودعم الحضور المسيحي من أجل حماية تعايش الأديان والثقافات والحضارات وتطورها السلمي.

ونقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية، جاء في نص البيان أنه بات معروفًا وموثَّقًا أن الاعتداء على المسيحيين يأخذ منحى خطيرا يهدد الوجود المسيحي في الكثير من الدول لاسيما في العالم العربي وبشكل أخص في مصر وسوريا والعراق حيث يتعرض المسيحيون في هذه البلدان لاعتداءات وجرائم بشعة تحملهم على الهجرة القسرية من أوطانهم التي هم فيها مواطنون أصليّون وأصيلون. وأضاف البيان: هذا مؤلم جدًّا، ولكن الأشد إيلاماً يبقى السكوت عمّا يجري وغياب الموقف الجامع إقليميا من المرجعيات الفاعلة في العالم، لاسيما المرجعيات الإسلامية، الروحية والسياسية والموقف الدولي الفاتر من هذه الأحداث. والكارثة الكبرى تحلّ اليوم بمسيحيي العراق، وعلى وجه التحديد بمسيحيي الموصل وبلدات سهل نينوى الثلاث عشرة، بالإضافة للايزيديين وسواهم من الأقليات. هؤلاء جميعاً اقتلعتهم ما تسمى بالدولة الإسلامية ـ داعش من بيوتهم قسرًا فغادروا مرعوبين تاركين كل شيء وراءهم، وانتهكت حرمة كنائسهم ومساجدهم ومعابدهم الدينية، وفخّخت منازلهم وزرعت طرقاتهم بالألغام.

وطالب البطاركة المجتمع الدولي بالعمل الدؤوب فيما الشتاء على الأبواب من أجل إيجاد مساكن تأويهم، ومساعدتهم على دخول المدارس والجامعات، وتحرير بيوتهم وممتلكاتهم وإعادتهم إليها بكرامة، وحماية حقوقهم وأمنهم بحكم المواطنة. إن الكارثة الإنسانية التي حلّت بمسيحيي العراق والايزيديين وسواهم من الذين هُجّروا من بيوتهم، تقتضي من المجتمع الدولي والاتحاد الأوروبي، بالتعاون مع حكومة العراق المركزية وحكومة إقليم كردستان: العمل العاجل والفعّال لتحرير بلدات سهل نينوى؛ تسهيل عودة النازحين إلى بلداتهم وبيوتهم في الموصل وسهل نينوى؛ توفير أمن هذه البلدات مع ضمانات دولية ومحلية من حكومتي بغداد وإقليم كردستان، للحؤول دون تهجيرهم إلى بقاع الأرض، وتذويب هويتهم التاريخية وتراثهم المجيد.

وفي ما يتعلق بوضع حدّ للتنظيمات الأصولية والإرهابية التكفيرية، جاء في البيان أنه لا يمكن أن تستمرّ الدول وخاصة العربية والإسلامية صامتة ومن دون حراك بوجه "الدولة الإسلامية ـ داعش" ومثيلاتها من التنظيمات الإرهابية التكفيرية التي تتسبّب بإساءة كبيرة لصورة الإسلام في العالم. فهي مدعوة لإصدار فتوى دينية جامعة تحرّم تكفير الآخر إلى أي دين أو مذهب أو معتقد انتمى، وإلى تجريم الاعتداء على المسيحيين وممتلكاتهم وكنائسهم في تشريعاتها الوطنية؛ ومن جهة ثانية، هي مدعوة لتحريك المجتمع الدولي والهيئات لاستئصال هذه الحركات الإرهابية بكل الوسائل التي يتيحها القانون الدولي.

ونقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية، أشار البيان إلى دعم الحضور المسيحي ودوره في حماية العيش المشترك، وأكد أن المسيحيين ملتزمون بالشركة في تكوين هوية وطنية على أساس المساواة والتعاون بين جميع مكوّنات المجتمع وعلى قاعدة التنوّع في الوحدة من دون أي تمييز عرقي أو ديني. وأضاف البيان: تقتضي الحلول معالجة الأسباب التي أنتجت مآسي بلدان الشرق الأوسط، فتصل إلى سلام عادل وشامل ودائم. ومن الواجب إعادة اللحمة بين مكوّنات هذه البلدان، والعمل على المصالحة بين الدين الواحد بمختلف مذاهبهم، والكف عن استعمال أصوليين إرهابيين وتكفيريين ومرتزقة، ودعمهم وتمويلهم وتسليحهم فيرتكبون الجرائم بحقّ الإنسانية وتجاه الله، فيما هم يقترفونها باسم الدين من أجل تبريرها.

وفيما يختص بسوريا، جاء في البيان أن النزيف السوري منذ ثلاث سنين ونصف لهو جدير أن يعالج بروح الحوار والحل السياسي السلمي، وهذا ما نودي به منذ بدء الأزمة في سوريا. ومن هنا دعوتنا لأن ينظر المجتمع الدولي بعين الحق لما يجري في هذا البلد من إرهاب وتكفير وتمدد لتيارات أصولية. انتظر السوريون طويلاً الجهود الدولية التي لطالما اصطدمت بحائط الفشل. والمسيحيون السوريون، كغيرهم من أبناء الطيف السوري الواحد، قد عانوا من الخطف والتهجير والقتل وتخريب أوابد العيش المشترك وأوابد المسيحية المشرقية والعالم يتفرج. يبقى ملف أخوينا مطراني حلب يوحنا ابراهيم وبولس يازجي المخطوفيْن منذ أكثر من سنة صورة قاتمة لما يجري وصورة عن عدم مبالاة العالم والمجتمع الدولي الذي يتناسى بصمت مريب خطفهما.

هذا وتضمن البيان نداء إلى الكتل السياسية ونواب الأمة في لبنان وجاء فيه: ندعو بإلحاح وبقوّة الكتل السياسية ونوّاب الأمّة لفصل انتخاب رئيس للجمهورية عن مسار الأوضاع والصراعات الإقليمية والدولية التي لم ترتسم أفقها بعد، والإسراع إلى التشاور الجدّي والتفاهم لانتخاب رئيس للجمهورية في أسرع ما يمكن، كي ينتظم عمل المجلس النيابي التشريعي، وتسهل مهمّات الحكومة وتستقيم الحياة العامّة لاسيما الاقتصادية والاجتماعية والأمنية. إن انتخاب الرئيس واجب قبل اتخاذ أي قرار بشأن استحقاق المجلس النيابي.

شارك في الاجتماع: الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بطريرك إنطاكيا وسائر المشرق للموارنة، والبطريرك يوحنا العاشر يازجي بطريرك أنطاكيا وسائر المشرق للروم الارثوذكس ممثّلاً بصاحبَي السيادة المطران باسيليوس منصور والمطران افرام كرياكوس، والكاثوليكوس آرام الأول كشيشيان، بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الأرثوذكس، والبطريرك غريغوريوس الثالث لحّام، بطريرك أنطاكيه وسائر المشرق والاسكندرية وأورشليم للروم الكاثوليك، والبطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، بطريرك السريان الإنطاكي، والبطريرك مار إغناطيوس أفرام الثاني، بطريرك إنطاكيا وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، والبطريرك لويس روفائيل الأول ساكو، بطريرك بابل على الكلدان، والبطريرك نرسيس بدروس التاسع عشر، كاثوليكوس بطريرك كيليكيا للأرمن الكاثوليك، والقس الدكتور سليم صهيوني رئيس المجمع الأعلى للطائفة الإنجيلية في لبنان وسوريا.

 








All the contents on this site are copyrighted ©.