2014-08-14 12:54:30

البابا فرنسيس يلتقي رئيسة كوريا وأعضاء الحكومة والسلطات والسلك الدبلوماسي في القصر الرئاسي في سيول


استهل قداسة البابا فرنسيس زيارته إلى كوريا هذا الخميس بلقاء جمعه مع رئيسة البلاد وأعضاء الحكومة والسلطات والسلك الدبلوماسي في القصر الرئاسي في سيول، ووجه الحبر الأعظم خطابه الأول معبّرا عن سروره الكبير بزيارة كوريا ومتحدثا عن جمال طبيعة هذه البلاد، وغناها التاريخي والثقافي ومشيرا إلى أن هذا الإرث الوطني اختبر على مر السنين العنف والاضطهاد والحرب. ولكن، وبالرغم من هذه المحن كان هناك دائما رجاء قوي بالعدل والسلام والوحدة. فما أعظم عطية الرجاء!  وشكر بعدها البابا رئيسة البلاد السيدة بارك غون هيه على كلمتها الترحيبية وحيّا أعضاء الحكومة والسلك الدبلوماسي وجميع الحاضرين الذين ومن خلال جهودهم قدّموا إسهامهم في تحضير هذه الزيارة التي، وكما قال الحبر الأعظم، تأتي احتفالا باليوم الآسيوي السادس للشباب الكاثوليك، وأضاف أنه سيُطوّب خلال زيارته عددا من الكوريين الذين ماتوا شهداء من أجل الإيمان المسيحي: بول يون جيشونغ مع رفاقه المائة والثلاثة والعشرين، وأشار البابا بعدها إلى أن الثقافة الكورية تعي جيدا كرامة المسنين وحكمتهم، وتكرّم مكانتهم في المجتمع، وأضاف قائلا: نحن الكاثوليك نكرّم أسلافنا الذين استشهدوا في سبيل الإيمان، إذ كانوا مستعدين لبذل حياتهم من أجل الحقيقة التي آمنوا بها. إنهم يعلّموننا أن نعيش من أجل الله وخير القريب.

أضاف البابا فرنسيس يقول إن شعبًا عظيمًا وحكيما لا يعتزّ بتقاليده العريقة فقط، إنما يعطي أيضا أهمية للشباب من خلال العمل على نقل إرث الماضي وتطبيقه لمواجهة تحديات الزمن الحاضر. فكل لقاء للشباب يمثل لنا جميعا فرصة ثمينة كي نصغي لآمالهم وهمومهم. وإننا مدعوون أيضا للتأمل بكيفية نقل قيمنا للأجيال القادمة بشكل جيد، وشدد الحبر الأعظم بهذا الصدد على أهمية نقل عطية السلام لشبابنا، وقال: إن لهذا النداء معنى خاصا هنا في كوريا، هذه الأرض التي عانت طويلا بسبب غياب السلام. أعبّر عن تقديره للجهود المبذولة من أجل المصالحة والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية، وأشجع هذه الجهود التي تشكل الطريق الوحيد الآمن من أجل سلام دائم. إن بحث كوريا عن السلام مسألة عزيزة جدا على قلبنا، إذ تؤثر على استقرار المنطقة بأسرها والعالم كله المنهك من الحرب.

أكد البابا فرنسيس في كلمته أن البحث عن السلام هو تحدّ أيضا لكل واحد منا لاسيما للذين تقع على عاتقهم مهمة العمل من أجل الخير المشترك للعائلة البشرية من خلال العمل الدبلوماسي الصبور، وأضاف أنه التحدي الدائم من أجل هدم جدران عدم الثقة والكراهية عبر تعزيز ثقافة مصالحة وتضامن. فالدبلوماسية ترتكز للقناعة الثابتة والمتواصلة بإمكانية بلوغ السلام من خلال الحوار والإصغاء، بدل الاتهامات المتبادلة والانتقادات العقيمة واستعراض القوة. وأشار الحبر الأعظم إلى أن السلام لا يعني ببساطة غياب الحرب إنما هو عمل البِرّ. والعدالة كفضيلة لا تدعونا إلى نسيان مظالم الماضي، إنما تجاوزها من خلال المغفرة والتسامح والتعاون. وآمل، أضاف البابا، بأن نكرس هذه الأيام من أجل السلام، والصلاة من أجل السلام وتعزيز التزامنا ببلوغه.

أشار الحبر الأعظم إلى أن جهودهم كقادة سياسيين ومدنيين تهدف لبناء عالم أفضل، أكثر سلاما وعدلا وازدهارا لأبنائنا. وتعلّمنا الخبرة أنه، وفي عالم أكثر عولمة على الدوام، ينبغي أن يكون لمفهومنا للخير العام والرقي والنمو طابع إنساني، لا اقتصادي فقط. وأضاف البابا أنه وعلى غرار معظم الدول المتطورة، تواجه كوريا مسائل اجتماعية هامة وانقسامات سياسية وتفاوتات اقتصادية وهموما متعلقة بالإدارة المسؤولة للبيئة، وتابع مشددا على أهمية الإصغاء إلى صوت كل عضو في المجتمع، وتعزيز روح الحوار والتعاون، كما وإيلاء اهتمام خاص بالفقراء والضعفاء ومن لا صوت لهم، لا من خلال تلبية احتياجاتهم فقط، إنما مساعدتهم أيضا في نموهم الإنساني والروحي. وأمل البابا بأن تتعزز الديمقراطية الكورية على الدوام، وبأن تقدم هذه الأمة إثباتا على كونها رائدة أيضا في عولمة التضامن الضرورية في يومنا الحاضر.

وإذ ذكّر بثاني زيارة أجراها يوحنا بولس الثاني إلى كوريا لخمس وعشرين سنة خلت عبّر البابا فرنسيس عن الرغبة الدائمة للجماعة الكاثوليكية الكورية في المشاركة الكاملة في حياة الأمة وقال: ترغب الكنيسة الإسهام في تربية الشباب وتنمية روح تضامن إزاء الفقراء والمعوزين، وتنشئة أجيال جديدة من المواطنين المستعدين لتقديم الحكمة والبصيرة الموروثتين عن أسلافهم والنابعتين من إيمانهم من أجل مواجهة المسائل السياسية والاجتماعية الكبرى للأمة. وفي ختام كلمته، شكر البابا فرنسيس مجددا رئيسة كوريا وجميع الحاضرين، وقال ليبارك الرب بنوع خاص المسنين والشباب الذين هم كنزنا الأعظم ورجاؤنا للمستقبل.








All the contents on this site are copyrighted ©.