2014-07-27 09:14:56

عظة البابا فرنسيس بمناسبة عيد القديسة حنة


ترأس قداسة البابا فرنسيس مساء أمس السبت الذبيحة الإلهية في ساحة قصر مدينة كازيرتا الإيطالية بمناسبة عيد القديسة حنة شفيعة المدينة وللمناسبة ألقى الأب الأقدس عظة استهلها بالقول: لقد كان يسوع يتوجه لسامعيه بكلمات بسيطة يستطيع الجميع فهمها. وها هو في هذا المساء أيضًا يكلمنا من خلال أمثلة بسيطة تشير إلى الحياة اليومية لأناس ذلك الزمن، ومن خلال هذين المثلين يعلمنا ما هو ملكوت السماوات، وكيف يمكن أن نجده وما هي الطريقة لامتلاكه.

تابع الأب الأقدس يقول: ما هو ملكوت السماوات؟ يسوع لا ينهمك في شرحه. بل يعلنه في أول إنجيله قائلاً: "لقد اقترب ملكوت السماوات"، ولكنه لا يُظهره أبدًا بشكل مباشر وإنما دائمًا من خلال انعكاس بحديثه عن تصرّف رب عمل و ملك وعشرة عذارى... فهو يفضل أن يكتشفه كل بنفسه من خلال أمثال ومشابهات مظهرًا فقط وبشكل خاص مفاعيله: ملكوت السماوات قادر على تغيير العالم كالخميرة المخبأة في العجين، هو صغير ومتواضع كحبة الخردل التي تصبح فيما بعد شجرة كبيرة. إن المثلين اللذين نريد أن نتأمل حولهما يجعلاننا نفهم أن ملكوت الله يحضر بيننا من خلال شخص يسوع نفسه. فهو الكنز الدفين واللؤلؤة الثمينة. وبالتالي يمكننا أن نفهم فرح الفلاح والتاجر فقد وجداه! إنه فرح كل منا عندما نكتشف قرب يسوع وحضوره في حياتنا. حضور يحوّل الوجود ويفتحنا على احتياجات إخوتنا، حضور يدعو لاستقبال كل حضور آخر بما فيه حضور الغريب والمهاجر.

أضاف الحبر الأعظم يقول: كيف يمكننا أن نجد ملكوت الله؟ لكل منا مسيرته الخاصة. هناك من ينتظر اللقاء بيسوع، يرغب به ويبحث عنه طويلاً كما نرى في مثل التاجر. وهناك من يجده فجأة أو بالصدفة كما في مثل الفلاح. وهذا الأمر يذكرنا أن الله يسمح لمطلق أي شخص بان يلتقي به لأنه هو الذي يرغب أولاً بلقائنا وهو الذي يبحث عنا أولاً ليلتقينا: فقد جاء ليكون "الله معنا". هو الذي يبحث عنا ويسمح حتى لمن لا يبحث عنه بأن يجده، وأحيانًا أيضًا يسمح لنا بأن نجده في أماكن غير اعتيادية وأوقات غير متوقعة. ولكن عندما نلتقي بيسوع، يسحرنا ويمتلكنا ونفرح بترك أسلوب حياتنا المعتاد - الذي غالبًا ما يكون عقيمًا وفاترًا – لنعانق الإنجيل وننقاد لمنطق المحبة والخدمة المتواضعة والمجانية.

تابع البابا فرنسيس يقول: ماذا علي أن افعل لأمتلك ملكوت الله؟ يسوع واضح جدًّا فيما يختص بهذا الأمر: لا يكفي الاندفاع وفرح الاكتشاف، وإنما ينبغي أن نضع لؤلؤة الملكوت الثمينة فوق كل خير أرضي آخر، ينبغي أن نضع الله في المرتبة الأولى من حياتنا وأن نفضّله على أي شيء آخر. أن نعطي الأفضلية لله تعني أن نتحلّى بالشجاعة لنقول لا للشر والعنف والظلم، لعيش حياة خدمة للآخرين ومن أجل الشرعية والخير العام. فعندما يكتشف الانسان الله – الكنز الحقيقي – يترك أسلوب حياته الأناني ويتشارك مع الآخرين المحبة التي تأتي من الله. ومن يصبح صديقًا لله، يحب إخوته ويلتزم في حماية حياتهم وصحتهم ويحترم أيضًا البيئة والطبيعة. وهذا الأمر مهم جدًا في أرضكم الجميلة هذه التي تتطلب منكم أن تحافظوا عليها وأن تتحلوا بالشجاعة لقول الـ "لا" أمام جميع أشكال الفساد وغياب الشرعية، كما تتطلب من الجميع أن يصبحوا خدامًا للحقيقة وأن يتبنوا في كل الظروف أسلوب حياة إنجيلي يظهر من خلال بذل الذات والاهتمام بالفقير والمهمّش.

وختم الأب الأقدس عظته بالقول: إن عيد القديسة حنة، شفيعة كازيرتا قد جمع في هذه الساحة مكونات الجماعة الأبرشية على اختلافها بالإضافة إلى الأسقف والفعاليات المدنية وممثلي مختلف الفئات الاجتماعية. أشجعكم جميعًا على عيش هذا العيد أحرارًا من كل شرط كتعبير عن إيمان شعب يعترف بأنه عائلة الله ويعزز روابط الأخوة والتضامن. قد تكون القديسة حنة قد سمعت ابنتها مريم تعلن نشيدها، والذي بلا شك قد رددته مرارًا وتكرارًا: "حط المقتدرين عن الكراسي ورفع المتواضعين، وأشبع الجياع خيرًا" (لوقا 1، 51- 53). فلتساعدكم في بحثكم عن الكنز الوحيد وتعلمكم اكتشاف معايير عمل الله، الذي يقلب أحكام العالم ويأتي لنجدة الفقراء والصغار ويفيض الخيور على المتواضعين الذين أوكلوا إليه حياتهم. تحلوا إذًا بالرجاء لأن الرجاء لا يخيب أبدًا ولا تسمحوا لأحد بأن يسلبكم الرجاء!








All the contents on this site are copyrighted ©.