2014-06-30 14:49:14

مقدمة الكاردينال بارولين لكتاب حول رسالة البابا فرنسيس في كوريا


بمناسبة زيارة قداسة البابا فرنسيس المقبلة إلى كوريا الجنوبية نشرت صحيفة "Corriere della Sera" الإيطاليّة مقدمة كتبها أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان الكاردينال بيترو بارولين لكتاب لفينشنزو فاشولي بينتوتزي بعنوان "شباب وشهداء في آسيا: رسالة البابا فرنسيس في كوريا".

كتب الكاردينال بارولين: تشكل زيارة البابا فرنسيس إلى كوريا الجنوبية أول زيارة آسيوية للأب الأقدس سيلتقي خلالها بالقارة الأكثر سكنًا في العالم. لكن البابا يذهب أيضًا للقاء واقع آخر إذ يعيش في آسيا حوالي الخمسين بالمائة من فقراء العالم، كما وسيلتقي الأب الأقدس بشباب هذه القارة في يوم الشباب الآسيوي في ديجون، وسيتقاسم إيمانه مع شباب المدن الأغنياء ومع الذين يعيشون في الفقر والبؤس، مقدمًا للجميع جذور الرجاء عينها التي هي محبة يسوع المسيح، الطريق التي تحوّل الحياة وتجعلها أكثر إنسانيّة في كل مجتمع.

تابع أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان: إن كان هناك من بلدٍ يمكن ذكره كمثال لخصوبة الإنجيل للإنسان والمجتمع فهذا البلد هو كوريا بالذات، لاسيما من أجل تاريخ المسيحية في شبه الجزيرة وعن كيفية وصولها إلى تلك الأراضي. ففي القرن الثامن عشر وقع نظر بعض العلماء الكوريين في البلاط الصيني على بعض نصوص الكتاب المقدّس، ولدى عودتهم إلى بلادهم بدءوا يدرسون العقيدة المسيحية من تلقاء نفسهم. وفي العام 1784 أُرسل أحدهم إلى بكين لينال المعمودية على يد الكهنة الكاثوليك ولدى عودته إلى كوريا منح المعمودية لجميع أفراد المجموعة. وبالتالي فقد قامت الجماعة المسيحية في كوريا على إيمان وشهادة العلمانيين حتى عام 1836 عند وصول أول المرسلين الفرنسيين إلى البلاد.

أضاف الكاردينال بارولين: قبل وصول البشارة إلى كوريا، كان من المستحيل أن يجلس الأغنياء والأسياد إلى جانب العبيد، ويتضامن فيما بينهم الأشخاص المنتمون إلى فئات اجتماعية مختلفة، كما كان يحصل داخل أولى الجماعات المسيحية في كوريا. فكوريا قد تعلّمت المساواة بين الكائنات البشرية وثقافة المحبة والغفران من خلال المسيحية. وبالتالي فحتى زمن الاضطهاد الأليم لم يتمكن من أن يقلع من بين المؤمنين الكوريين شجاعة الشهادة ومحبة مواطنيهم، كما تُظهر حياة الشهداء الذين سيطوّبهم البابا فرنسيس بعد أولئك الذين أعلن قداستهم البابا يوحنا بولس الثاني. فمحبة المسيح ومحبة مواطنيهم، الإيمان وترجمته في الحياة الاجتماعية شكّلت الميزات الثابتة في الكنيسة الكوريّة في ظلّ الاحتلال الياباني وخلال الحرب الكوريّة التي شطرت شبه الجزيرة إلى قسمين. فالكنيسة قد حملت في قلبها خير البلاد على الدوام. وبعد المجمع الفاتيكاني الثاني ساهمت بدورها بنمو البلاد – بدفع نحو الديمقراطية والعدالة – بشكل واضح.                 

تابع الكاردينال بيترو بارولين: لقد اختُتمت مؤخرًا احتفالات الذكرى الخمسين للعلاقات الدبلوماسية بين الكرسي الرسولي وجمهورية كوريا التي أُقيمت في الحادي عشر من كانون الأول عام 1963. وفي مناسبة تقديم أوراق اعتماده للأب الأقدس قال السفير الكوري هان بي لي: "لا شك أنه لو لم تكن هناك موجات اضطهاد ضدّ المسيحيين خلال القرن التاسع عشر لكانت الأمة الكورية قد نمت بشكل أسرع (...) فالمسيحية قد قدّمت، عبر العصور، سلسلة مساهمات للمجتمع الكوري في السبيل نحو التقدم والتجديد، وظهرت الكنيسة كمعزية للمساجين ورسولة نور وعلم، بشرى سارة للمضطهدين ومبشرّة بفضيلتي النزاهة والحكمة. وبعد خمسين عامًا من ذلك التاريخ، تحولت حبة خردل الجماعة المسيحية الكورية – التي أخصبها دم الشهداء وبفضل الحرية الدينية الكاملة – إلى نبتة نامية ذات أغصان كثيفة، وتحولت كوريا من أرض رسالة إلى رسولة. ولذلك، وفي دعوته "للخروج نحو الضواحي الوجودية والجغرافية" يريد البابا فرنسيس أن يزور كوريا ويلتقي بكنيسة كوريا لكي يشركها بشكل أعمق في عمل البشارة وفي الالتزام من أجل السلام!








All the contents on this site are copyrighted ©.