2014-06-24 12:57:19

البابا فرنسيس: المسيحي يعرف كيف يتنازل وينتقص لكي ينمو الرب في قلب ونفس الآخرين!


"المسيحي لا يعلن نفسه بل الرب" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الثلاثاء في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان بمناسبة الاحتفال بعيد ميلاد القديس يوحنا المعمدان، وتوقّف للتأمل في دعوات يوحنا الثلاث: الإعداد والتمييز والانتقاص.

قال الأب الأقدس: إعداد مجيء الرب، التمييز بأنه الرب، والانتقاص لكي ينمو الرب هذه هي دعوات يوحنا المعمدان، المثال الآني على الدوام لكلّ مسيحي. فيوحنا قد أعدّ الطريق ليسوع دون أن يأخذ شيئًا لنفسه، لقد كان رجلاً مُهمًّا: إذ كان الناس يأتون إليه ويتبعونه لأن كلماته كانت قويّة، وكانت تلمس قلوبهم. لكنه لم يفكر يومًا بأنه شخص مهمّ، في الواقع عندما جاء إليه علماء الشريعة وسألوه إن كان هو المسيح أجابهم قائلاً: "أنا صوت: مجرّد صوت" لكنني "جئت لأعد طريق الرب". هذه هي دعوة المعمدان الأولى: أن يُعدَّ الشعب ويُعدَّ قلبه للقاء بالرب. ولكن من هو هذا الرب؟

تابع البابا فرنسيس يقول: هذه هي دعوة يوحنا الثانية: التمييز بين العديد من الناس الصالحين من هو الرب. وقد أظهر الروح القدس له هذا الأمر فتحلّى بالشجاعة وأعلن" هوذا حمل الله الذي يحمل خطايا العالم" وقد نظر التلاميذ إلى هذا الرجل لكنهم لم يتبعوه، وفي اليوم الثاني، حدث الأمر عينه وقال يوحنا المعمدان " إنه هو، الأحق مني"، وعندها تبعه التلاميذ. ففي الإعداد قال يوحنا: "يأتي بعدي من هو أقوى مني..." أما في التمييز فقد عرف أن يميّز الرب ويشير إليه وقال: "ها هو أمامي". أما دعوة يوحنا الثالثة فهي الانتقاص. فبعد أن عرف الرب بدأت حياته تتنازل وتنتقص لكي ينمو الرب، وصولاً إلى إخلاء ذاته وقد كان يقول: "له ينبغي أن ينمو ولي أن أنتقص". لكن هذه المرحلة كانت الأصعب بالنسبة ليوحنا، لأن أسلوب الرب كان مختلفًا تمامًا عما كان يتصوره وبالتالي عندما كان يوحنا في السجن، عاش نوعًا من الليل المظلم في قلبه، وكان يتساءل: "هل هذا هو المسيح فعلاً؟ هل أخطأت في التمييز؟ لم يكن يفهم... ولأنه كان رجل الله أرسل اثنين من تلاميذه إلى يسوع ليسألوه: "أأنت الآتي؟ أم ننتظر آخر؟"

أضاف الأب الأقدس يقول: لقد عاش يوحنا إذلالا مزدوجًا: إذلال موته كثمن نزوة، وإنما أيضًا إذلال "ليل النفس المظلم". لقد عرف يوحنا كيف ينتظر يسوع ويمييز حضوره، والآن وهو في ظلام سجنه يراه بعيدًا، ويبقى وحده في الظلام والذلّ لأنه أخلى ذاته جدًّا لكي ينمو الرب. وختم البابا فرنسيس عظته بالقول: ثلاث دعوات في رجل واحد: الإعداد والتمييز والسماح للرب أن ينمو بينما يخلي ذاته. ما أجمل أن نتأمل في دعوة المسيحي بهذا الشكل أيضًا. فالمسيحي لا يعلن نفسه بل آخر، ويُعدَّ الطريق لآخر: للرب. على المسيحي أن يعرف كيف يميّز، أن يعرف الحقيقة ويميّزها عما يبدو ظاهريًّا كحقيقة: فهو رجل التمييز. كما وينبغي على المسيحي أيضًا أن يعرف كيف يتنازل وينتقص لكي ينمو الرب في قلب ونفس الآخرين!








All the contents on this site are copyrighted ©.