2014-06-20 14:34:00

البابا فرنسيس: يسوع هو الخبز الحي الذي يعطينا الحياة!


ترأس البابا فرنسيس مساء الخميس القداس الإلهي في بازيليك القديس يوحنا اللاتيران بمناسبة عيد جسد المسيح ودمه، وألقى عظة استهلها بالقول:"الرب إلهك...أطعمك المنّ الذي لم تعرفه أنت" (تثنية الاشتراع 8، 2). إن كلمات سفر تثنية الاشتراع هذه تشير إلى تاريخ شعب إسرائيل الذي أخرجه الله من مصر من حالة العبودية، وقاده في البريّة نحو أرض الميعاد. وعندما أقام الشعب في تلك الأرض، بلغ الشعب المختار نوعًا من الاستقلالية والرفاهيّة، وعاش خطر أن ينسى أحداث الماضي الحزينة التي تخطاها بفضل تدخل الله ومحبته اللامتناهية. لذلك يحثه الكتاب المقدس على التذكر وإقامة الذكرى لتلك المسيرة التي قام بها في البريّة في زمن الجوع والأسى. إن الدعوة هي للعودة إلى الجوهري، إلى خبرة الاتكال الكامل على الله، لكي يفهم الإنسان أَنَّه "لا بالخُبزِ وَحدَه يَحْيا، بل... بِكُلِّ ما يَخرُجُ مِن فَمِ الرَّبِّ" (تثنية الاشتراع 8، 3).

تابع البابا فرنسيس يقول: بالإضافة إلى الجوع الجسدي يحمل الإنسان في داخله جوعًا آخر. جوع لا يمكن إشباعه بالطعام العادي. إنه جوع حياة، جوع حب وأبديّة. وعلامة المن – كخبرة الخروج بأسرها – تحوي في داخلها هذا البعد: فقد كانت صورة عن الطعام الذي يشبع هذا الجوع العميق الموجود في الإنسان. ويسوع يعطينا هذا الطعام لا بل هو نفسه هذا الخبز الحي الذي يعطي الحياة للعالم (راجع يوحنا 6، 51). فجسده هو الطعام الحقيقي تحت شكل الخبز ودمه هو الشراب الحقيقي تحت شكل الخمر. فهو ليس مجرّد غذاء يشبع أجسادنا كالمن وإنما جسد المسيح هو الخبز القادر على إعطاء الحياة والحياة الأبديّة، لأن جوهر هذا الخبز هو المحبة. ففي الافخارستيا تُنقل محبة الرب لنا: محبة كبيرة لدرجة أنه يغذينا من ذاته، محبة مجانيّة، مستعدّة دائمًا لكل شخص جائع ومحتاج لتجديد قواه. إن عيش خبرة الإيمان تعني أن نسمح للرب بأن يغذينا وأن نبني حياتنا لا على الخيور المادية وإنما على الحقيقة التي لا تزول: عطايا الله، كلمته وجسده.

أضاف الأب الأقدس إن نظرنا حولنا سنتنبه أن هناك عروض طعام عدّة لا تأتي من الرب ولكنها تبدو أكثر إشباعًا لجوعنا. فبعضهم يتغذون بواسطة المال والبعض الآخر بالنجاح والتعجرف، والبعض الآخر أيضًا بالسلطة والكبرياء. لكن الطعام الذي يغذينا حقًا ويشبعنا هو ذلك الذي يعطينا إياه الرب فقط! فالطعام الذي يقدمه الرب هو مختلف عن الآخرين، وربما قد لا يبدو لنا شهيًّا كالطعام الذي يقدمه العالم، فنحلم بالتالي بمآكل أخرى، تمامًا كالعبرانيين في البريّة، الذين تحسروا على اللحم والبصل الذين كانوا يأكلونه في مصر ونسوا أن هذه الأطعمة كانوا يأكلونها على مائدة العبودية.

تابع الحبر الأعظم يقول: ليسأل كل منا اليوم نفسه: وأنا أين أريد أن آكل؟ على أي مائدة أريد أن أغتذي؟ على مائدة الرب؟ أم أنني أحلم بالأطعمة اللذيذة على مائدة العبودية؟ ما هي الذكرى التي أحملها؟ هل هي ذكرى الرب الذي يخلّصني أم هي ذكرى العبودية؟ وبأي ذكرى أريد أن أشبع نفسي؟ يقول لنا الآب: "لقد أطعمتك المن الذي لم تعرفه أنت" لنسترجع هذه الذكرى ولنتعلم أن نعرف الخبز الزائف الذي يوهم ويفسد لأنه ثمرة الأنانية والاكتفاء الذاتي والخطيئة. بعد قليل، خلال التطواف، سنتبع يسوع الحاضر حقيقة في الافخارستيا. إن القربانة هي المن الخاص بنا والتي من خلالها يهبنا الرب نفسه. لنتوجه إليه بثقة قائلين: يا يسوع نجنا من تجارب طعام العالم الذي يجعلنا عبيدًا: إنه طعام مُسمَّم؛ طهر ذاكرتنا لكي لا تبقى سجينة الاختيارية الأنانية والدنيوية، وإنما لتكون ذاكرة حية لحضورك عبر تاريخ شعبك، ذكرى تصبح تذكارا لعمل محبتك الخلاصية.








All the contents on this site are copyrighted ©.