2014-06-05 14:34:04

البابا فرنسيس: الروح القدس هو الذي يحقق التناغم في الكنيسة


الكنيسة ليست "متشدّدة" بل هي "حرّة"! هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في عظته مترئسًا القداس الإلهي صباح اليوم الخميس في كابلة بيت القديسة مرتا بالفاتيكان ونبّه المؤمنين من ثلاث فئات من المسيحيين، جميعهم لا يعتبرون الكنيسة بيتهم بل يعيشون فيها كمن "يدفع بدل إيجار".

استوحى الأب الأقدس عظته انطلاقًا من الإنجيل الذي تقدمه لنا الليتورجية اليوم من الإنجيلي يوحنا وتوقف للتأمل حول وحدة الكنيسة وقال: لقد صلّى يسوع من أجل الكنيسة وطلب من الآب أن يكون تلاميذه واحدًا وألا يكون بينهم انقسامات ونزاعات. كثيرون يقولون إنهم ينتمون للكنيسة ولكنهم فعليًّا يقفون في منتصف الطريق، محاولين بهذا الشكل أن يحافظوا على إمكانية العيش في المكانين: "داخل الكنيسة وخارجها". وبالنسبة لهم ليست الكنيسة بيتهم، ولا يشعرون بأنها تخصهم بل يعيشون فيها كمن "يدفع بدل إيجار". ويمكن تحديدهم في ثلاث مجموعات أولاً "أولئك الذين يريدون أن يكون الجميع متساوين ومتشابهين في الكنيسة". التجانس والتشابه، التشدد. إنهم متشدّدون! ليس لديهم الحرية التي يعطيها الروح القدس، ويخلطون بين ما علّمه يسوع في الإنجيل وبين عقيدتهم الخاصة عقيدة التساوي والتشابه. فيسوع لم يرغب يومًا بأن تكون كنيسته متشدّدة. وهؤلاء بسبب مواقفهم لا ينتمون إلى الكنيسة، يقولون بأنهم مسيحيون وكاثوليك ولكن تصرفاتهم المتشدّدة تبعدهم عن الكنيسة.

تابع الحبر الأعظم يقول: هناك أيضًا مجموعة أخرى وهي مكونة من أولئك الذين لديهم دائمًا أفكارهم البديلة الخاصة والمغايرة لأفكار الكنيسة، إذ لديهم دائمًا البديل، يدخلون الكنيسة بأفكارهم وإيديولوجياتهم، فيكون عندها انتماؤهم للكنيسة جزئيًّا، وهم أيضًا يقفون في منتصف الطريق، وهم أيضًا لا يعتبرون الكنيسة بيتهم. لقد وجدوا منذ بدء البشارة. لنتأمل مثلاً بالغنوصيّين والذين وبخّهم القديس يوحنا الرسول بشدّة! يعتبرون أنفسهم مسيحيين ولكن لديهم أفكارهم البديلة ولا يشاركون الكنيسة أفكارها ومواقفها.

أما المجموعة الثالثة فتضم أولئك "الذين يقولون بأنهم مسيحيين ولكنهم يرتادون الكنيسة مرغمين من أجل مصالحهم ومآربهم الشخصية، يذهبون إلى الكنيسة لتحقيق منافعهم الخاصة وتصبح الكنيسة بالنسبة لهم مجالاً للمتاجرة والربح. نعرفهم جيدًا هؤلاء أيضًا. وقد وُجدوا منذ البدء. لنتأمل بسيمون الساحر وحنانيا وسفيرة، الذين أرادوا أن يستغلوا الكنيسة لمصالحهم الشخصيّة. نراهم اليوم أيضًا في الجماعات الراعوية والأبرشيّة، في الرهبانيات وفي بعض المحسنين في الكنيسة، يتبجحون بالخير الذي يقومون به من أجل الكنيسة ولكنهم فعليًّا لا يقومون إلا بما يحقق مآربهم. وهؤلاء أيضًا لا يعتبرون الكنيسة بيتهم ولا يشعرون بأنها أمهم... لكن يسوع يقول لنا: " الكنيسة ليست "متشدّدة" بل هي "حرّة"!"

تابع البابا فرنسيس يقول: هناك العديد من المواهب كما وهناك تنوّع كبير في الأشخاص وفي مواهب الروح القدس. والرب يقول لنا إن أردت أن تدخل الكنيسة وتنتمي إليها يجب أن يكون ذلك بدافع الحب فقط، لتبذل نفسك ولا لتحقق مآربك. فالكنيسة ليست بيتًا برسم الاستئجار، وإنما هي بيتٌ لتقيم فيه وتحيا، الكنيسة هي أمك!

وأضاف الأب الأقدس يقول: أعرف أنه ليس بالأمر السهل وبأن هناك الكثير من التجارب، لكن ما يوحّد الكنيسة هو الروح القدس، فهو يعطيها تلك الوحدة في الاختلاف والحرية والسخاء. هذا هو دور الروح القدس! إنه يصنع التناغم في الكنيسة، ووحدة الكنيسة هي تناغم. جميعنا مختلفين ونشكر الله على ذلك ولكننا مدعوون لنطيع الروح القدس، لأن هذه الطاعة بالذات هي الفضيلة التي ستخلصنا من التشدّد وستمنحنا حرّية الروح القدس، وهذه الطاعة أيضًا هي التي تجعل الكنيسة بيتًا لنا وليس مجرد مكان للاستئجار! وختم البابا فرنسيس عظته بالقول: ليرسل لنا الرب الروح القدس ليحقق هذا التناغم في جماعاتنا الراعوية والأبرشيّة، لأن الروح القدس، وكما يقول أحد أباء الكنيسة، هو التناغم بنفسه!








All the contents on this site are copyrighted ©.