2014-05-11 09:18:00

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: مَن لا يَدخُلُ حَظيرَةَ الخِرافِ مِنَ الباب بل يَتَسَلَّقُ إِلَيها مِن مَكانٍ آخَر فهُو لِصٌّ سارِق. ومَن يدخُلُ مِنَ الباب فهُو راعي الخِراف. لَه يَفتَحُ البَوَّاب. والخِرافُ إلى صوتِه تُصغي. يَدعو خِرافَه كُلَّ واحدٍ مِنها بِاسمِه ويُخرِجُها فإِذا أَخرَجَ خِرافَه جَميعًا سارَ قُدَّامَها وهي تَتبَعُه لأَنَّها تَعرِفُ صَوتَه. أَمَّا الغَريب فَلَن تَتبَعَه بل تَهرُبُ مِنه لأَنَّها لا تَعرِفُ صَوتَ الغُرَباء". ضرَبَ يسوع لَهم هذا المَثَل، فلَم يَفهَموا مَعنى ما كَلَّمَهم بِه. فقالَ يسوع: "الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: أَنا بابُ الخِراف. جَميعُ الَّذينَ جاؤوا قَبْلي لُصوصٌ سارِقون ولكِنَّ الخِرافَ لم تُصْغِ إِلَيهم. أَنا الباب فمَن دَخَلَ مِنِّي يَخلُص يَدخُلُ ويَخرُجُ ويَجِدُ مَرْعًى. لا يأتي السَّارِقُ إِلاَّ لِيَسرِقَ ويَذبَحَ ويُهلِك. أَمَّا أَنا فقَد أَتَيتُ لِتَكونَ الحَياةُ لِلنَّاس وتَفيضَ فيهِم" (يوحنا 10، 1- 10).

 

للتـأمل

من رسالة البابا فرنسيس بمناسبة اليوم الحادي والخمسين للصلاة من أجل الدعوات

يخبرنا الإنجيل أن: "يسوع كان يَسيرُ في جَميعِ المُدُنِ والقُرى... ورأَى الجُموعَ فأَخذَته الشَّفَقَةُ علَيهم، لأَنَّهم كانوا تَعِبينَ رازِحين، كَغَنَمٍ لا راعيَ لها. فقالَ لِتلاميذِه: "الحَصادُ كثيرٌ ولَكِنَّ العَمَلَةَ قَليلون. فاسأَلوا رَبّ الحَصادِ أَن يُرسِلَ عَمَلَةً إِلى حَصادِه" (متى 9، 35- 38). تفاجئنا هذه الكلمات لأننا نعرف جميعًا أنه علينا أولاً أن نفلح الأرض، أن نبذرها ونزرعها لنتمكن بعدها، عندما يحين الوقت، أن نحصد بوفرة. لكن يسوع يؤكد لنا أن "الحصاد كثير". لكن من عمل لنجد هذه النتيجة؟ الجواب واحد: الله. لا شك أن الحقل الذي يتحدث عنه يسوع هو البشريّة أي نحن، والعمل الفعال الذي أعطى "ثمرًا كثيرًا" هو نعمة الله والشركة معه (راجع يوحنا 15، 5). فالصلاة التي يطلبها يسوع من الكنيسة متعلقة بطلب تنمية عدد الذين يخدمون ملكوته.

لقد صلّينا مرات عديدة بكلمات صاحب المزامير: "هو صنعنا ونحن له، نحن شعبه وغنم مرعاه" (مز 100، 3) أو "لأن الرب قد اختار له يعقوب وإسرائيل خاصةً له" (مز 135، 4). إذًا نحن "خاصة" الله وليس بمعنى الامتلاك الذي يجعلنا عبيدًا وإنما بمعنى الرابط الوثيق الذي يجمعنا بالله وبعضنا ببعض، بحسب العهد الذي يقوم إلى الأبد "لأن إلى الأبد محبته" (مز 136). كل شيء هو منه وعطيّة منه: العالم والحياة، الموت والحاضر والمستقبل، كما يكتب الرسول: "وأنتم للمسيح والمسيح لله" (1 كور 3، 23). هكذا نشرح انتماءنا لله: من خلال العلاقة الفريدة والشخصيّة بيسوع والتي تمنحنا إياها المعمودية مع بداية الولادة الجديدة لحياة جديدة. فالمسيح إذًا هو الذي يدعونا باستمرار بكلمته لنثق به ونحبه "بكلّ القلب وكلّ العقل وكل القوة" (مرقس 12، 33). لذلك فكل دعوة تتطلب دائمًا خروجًا من الذات لتتمحور حياتنا حول المسيح وإنجيله، إن كان في الحياة الزوجيّة أو في مختلف أشكال التكرس الرهباني أو في الحياة الكهنوتيّة، علينا أن نتخطى طرق التفكير والتصرف التي لا تتناسب مع مشيئة الله. إنه خروج يحملنا على السير في عبادة الرب وخدمته في الإخوة والأخوات، لذلك نحن مدعوون لعبادة المسيح في قلوبنا (راجع 1 بطرس 3، 15) وللسماح لنبض النعمة الذي تحتويه بذور الكلمة بأن يطالنا، فينمو فينا ويتحول إلى خدمة ملموسة للقريب.

إن يسوع يعيش ويسير اليوم أيضًا في واقع حياتنا اليوميّة ليقترب من الجميع ليشفينا من عللنا وأمراضنا. أدعوكم للإصغاء له وإتباعه وأن تسمحوا لكلماته التي هي "روح وحياة" (يوحنا 6، 62) بأن تحولكم من الداخل. والعذراء مريم، أم يسوع وأمنا تردد لنا أيضًا: "إفعلوا ما يأمركم به" (يوحنا 2، 5). الدعوة هي ثمرة تنضج في حقل زرعته المحبة المتبادلة التي تصبح خدمة متبادلة في إطار حياة كنسيّة حقيقيّة. ما من دعوة تولد من نفسها أو تعيش لنفسها. الدعوة تولد من قلب الله وتُفرخ في أرض الشعب الأمين الطيّبة وفي خبرة المحبة الأخويّة. ألم يقل لنا يسوع: "إذا أَحَبَّ بَعضُكُم بَعضاً عَرَف النَّاسُ جَميعاً أَنَّكُم تَلاميذي"؟

لنحضر قلوبنا إذًا لتكون "أرضًا طيّبة" للإصغاء وقبول وعيش الكلمة فنحمل عندها ثمارًا. وبقدر ما نتحد بيسوع بواسطة الصلاة والكتاب المقدس، بالافخارستيا والأسرار التي نحتفل بها ونعيشها في الكنيسة وبالأخوة المعاشة، سينمو فينا فرح التعاون مع الله في خدمة ملكوت الرحمة والحق والعدالة والسلام. وسيكون الحصاد كثيرًا على مقدار النعمة التي قبلناها بوداعة في داخلنا.








All the contents on this site are copyrighted ©.