2014-05-05 14:30:27

الكرسي الرسولي يرفع تقريره إلى اللجنة الأممية المعنية بمناهضة التعذيب. مقابلة مع رئيس الأساقفة سيلفانو تومازي


يرفع الكرسي الرسولي هذا الاثنين تقريره بشأن معاهدة مناهضة التعذيب أمام لجنة الأمم المتحدة المعنية بهذه المسألة خلال انعقاد دورتها الثانية والخمسين في جنيف، على أن تقوم هذه اللجنة بنشر "الملاحظات الختامية" في تقرير تُصدره يوم الثالث والعشرين من شهر أيار مايو الجاري. وقد مثّل الكرسي الرسولي في الأعمال التي بدأت صباح اليوم الاثنين وفد رفيع المستوى ترأسه مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى مكاتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف رئيس الأساقفة سيلفانو ماريا تومازي وضم المونسينيور ريتشارد غيرا عضو مكتب الكرسي الرسولي لدى الأمم المتحدة في جنيف بالإضافة إلى المونسينيور كريستوف قسيس والبروفيسور فنشنسو بونومو من أمانة سر دولة حاضرة الفاتيكان.

وللمناسبة أجرى القسم الإيطالي في إذاعة الفاتيكان مقابلة مع رئيس الأساقفة تومازي الذي أكد أن الكرسي الرسولي يمارس مسؤولياته ضمن إطارين اثنين: أولا من خلال صلاحياته القضائية والقانونية الحصرية على أراضي دولة حاضرة الفاتيكان، ويفعل ذلك على غرار أي حكومة أخرى تمارس صلاحياتها في بلد ما حول العالم، ثم من الناحية الروحية، أي من خلال سلطة ترتكز إلى رسالة الكنيسة الكاثوليكية، وتتطلب بالتالي الانضمام الطوعي من قبل المؤمنين لمبادئ الإيمان الكاثوليكي. هذا مع العلم أن الدول تواصل ممارسة صلاحياتها القضائية والقانونية على مواطنيها الكاثوليك، عندما يقوم هؤلاء – على سبيل المثال – بارتكاب الجنح والجرائم. وبما أن البابا يتمتع بسلطة على الكنيسة كلها يعتقد البعض أنه يقرر تصرفات الأشخاص المنتمين إلى الكنيسة، ويعاقبهم عندما يستحقون العقاب. ولفت المطران تومازي إلى أن أعضاء الكنيسة الكاثوليكية المنتشرين في أنحاء العالم كافة – من أساقفة وكهنة ومؤمنين علمانيين - ليسوا مواطنين فاتيكانيين، بل إنهم مواطنو الدول التي يقيمون فيها، وهم بالتالي يتمتعون بالحقوق والواجبات إياها التي يتمتع بها باقي مواطنيهم.

بعدها أكد سيادته أن الكرسي الرسولي يرفع هذا الاثنين ويوم غد الثلاثاء تقريره إلى الدورة الثانية والخمسين لخبراء اللجنة الأممية المعنية بمناهضة التعذيب، على غرار سبع دول أخرى. وقال إنه إجراء عادي وروتيني تم تبنيه من أجل ضمان تطبيق أفضل لهذه المعاهدة الدولية. ولم تخل كلمة المطران تومازي من الإشارة إلى الانتهاكات التي يعاني منها الأطفال حول العالم، عندما تُساء معاملتهم ويموتون، وهذا شكل واضح من ممارسة التعذيب وينطبق أيضا على الأجنة. ولفت إلى أنه في كندا وحدها – على سبيل المثال - تُرك ستمائة واثنان وعشرون طفلا حديث الولادة ليموتوا وذلك بين عامي 2000 و2011 وقد بلغ هذا الرقم ستة وستين طفلا في المملكة المتحدة خلال عام 2005 وحده. وذكّر أيضا بأن ممارسة الإجهاض هي ضرب من ضروب التعذيب، عندما يتم تقطيع الجنين في رحم الأم ليتم استخراجه، لافتا إلى أن الكرسي الرسولي تحركه نظرة للكائن البشري تنبع من التقليد المسيحي والحق الطبيعي لكل إنسان.

بعدها أكد رئيس الأساقفة سيلفانو تومازي أن الكرسي الرسولي يشارك في "الحياة الدولية" بصورة فاعلة وواقعية، ويقدم إسهامه في هذا المجال كأنه صوت الضمير. وهو لا يتمتع بسلطة ونفوذ كبيرين، وليست لديه أي مصالح تجارية أو عسكرية، فهو يريد أن يدافع عن الإنسان والقيم الأساسية التي تشكل ركيزة لكرامة الكائن البشري، كحرية المعتقد وحرية الرأي والحق في التضامن ومكافحة الفقر وسوء استغلال السلطة. ولهذا السبب بالذات أقدم الكرسي الرسولي على التصديق على المعاهدة الدولية لمناهضة التعذيب، وفعل ذلك نيابة عن دولة حاضرة الفاتيكان كعلامة لنبذ جميع أشكال العنف الذي يذل الشخص البشري.

وفي رد على سؤال بشأن التأخير في رفع التقرير المطلوب إلى اللجنة الأممية المعنية بمكافحة التعذيب، قال مراقب الكرسي الرسولي الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف إن هذا التأخير مبرر، لافتا إلى أن الكرسي الرسولي يواصل الدفاع عن المبادئ والأدوات الواردة في المعاهدة الدولية. واليوم يقوم الكرسي الرسولي بواجبه هذا لا من وجهة النظر البروتوكولية الرسمية وحسب بل إنه يسعى إلى عقد لقاء بنّاء مع الخبراء المنتمين إلى هذه اللجنة الأممية من أجل تعزيز الرسالة التي تريد المعاهدة توجيهها إلى الجماعة الدولية. وختم المطران تومازي حديثه لإذاعتنا مذكّرا بأن التفاوض على هذه المعاهدة جاء على أثر أهوال الحرب العالمية الثانية، وكانت تحرّك الأسرة الدولية في تلك الحقبة الرغبة الصادقة في الدفاع عن الأشخاص الموقوفين والذين كانوا يُعتقلون ويُستجوبون بوسائل وطرق تنتهك كل أشكال الكرامة والحرية.








All the contents on this site are copyrighted ©.