2014-05-03 14:43:27

البابا فرنسيس يستقبل أساقفة سريلانكا في زيارتهم التقليدية للأعتاب الرسولية


استقبل قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم السبت في القصر الرسولي بالفاتيكان أساقفة سريلانكا في زيارتهم التقليدية للأعتاب الرسولية وللمناسبة رحّب الأب الأقدس بضيوفه وسلّمهم كلمة جاء فيها: أرغب في أن أتشارك معكم في بعض التأملات حول جوهر حياتنا في الكنيسة ورسالتنا في المجتمع والتي ظهرت بجمالها وغناها خلال سنة الإيمان. فالإيمان والمواهب التي نلناها لا يمكن أن نضعها جانبًا وإنما علينا أن نتشارك بها بحريّة ونعبر عنها في حياتنا اليومية لأن دعوتنا هي بأن نكون "الخميرة في وسط البشريّة... من خلال إعلان خلاص الله وتحقيقه في عالمنا الذي غالبًا ما يضلُّ خلال مسيرته ويحتاج للتشجيع والرجاء والقوّة" (الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل، عدد 114). وسريلانكا تحتاج خصوصًا لهذه الخميرة، الآن وقد انتهت الحرب بعد سنوات عديدة من النزاعات وسفك الدماء، وأشرق فجر أمل جديد. وكجواب على هذا كلّه تأتي رسالتكم الراعوية "نحو المصالحة وإعادة بناء أمتنا" لتطال شعب سريلانكا بأسره حاملة له رسالة نبويّة مستوحاة من الإنجيل لترافقه خلال محنه. ولذلك أضم صوتي إلى صوتكم لأقدم كلمات تعزية لجميع الذين فقدوا أناسًا عزيزين عليهم خلال الحرب وهم لا يعرفون الآن ماذا ينتظرهم. لذا وبالتنبّه لدعوة القديس بولس لنا بأن يحمِل بَعضُنا أَثقالَ بَعض (راجع غلا 6، 2)، لتقف جماعاتكم ثابتة في الإيمان ولتبقى بقرب الذين لا يزالون يعانون ويتألمون من نتائج الحرب.

تابع البابا فرنسيس يقول: إن مؤمني سريلانكا الكاثوليك، كما قلتم، يرغبون في المساهمة معًا مع مختلف عناصر المجتمع للعمل على المصالحة وإعادة البناء، وهذه المساهمة هي تعزيز للوحدة. في الواقع، وبينما تسير البلاد نحو الشفاء تحاول الكنيسة أن تعطي صورة حيّة للوحدة في الإيمان لاسيما وأنها تحوي في عدادها مؤمنين سنهاليين وتاميل يعملون معًا في الرعايا والمدارس والبرامج الاجتماعية والمؤسسات الكنسيّة، وهذا الأمر يفتح المجال لحوار يبحث عن بناء أكثر من مجرد مجتمع عادل. وأضاف البابا يقول: هنا تظهر أهمية مساهمة الكنيسة أيضًا من خلال أعمال المحبة التي تُظهر من خلالها وجه المسيح الرحيم، ونوّه بالتزام كاريتاس سريلانكا أعقاب كارثة تسونامي عام 2004، وبما بذلته من جهود بعد الحرب في سبيل المصالحة وإعادة البناء، وخاصة في المناطق الأكثر تضررا، ليتحدث بعدها عما تقدمه الكنيسة في سريلانكا من خدمات سخية في مجالات التعليم والرعاية الصحية وخدمة الفقراء.

أضاف الحبر الأعظم يقول: إن سريلانكا ليست بلدًا غنيًّا بتنوعه الإثني فقط وإنما بتعدد الديانات والتقاليد فيه أيضًا، وهذا يُظهر ضرورة وأهمية الحوار المسكوني والحوار بين الأديان من أجل تعزيز غنى ومعرفة متبادلة. والجهود التي تبذلونها في هذا الصدد جديرة بالثناء ومثمرة، لأنها تسمح للكنيسة بالتعاون مع الآخرين بسهولة أكبر في تأمين سلام دائم، وتضمن حرية الكنيسة في تحقيق أهدافها لاسيما في تربية الشباب على الإيمان والشهادة بحريّة للحياة المسيحية.

إن الكهنة هم معاونوكم الأوائل في الدور المهم الذي تقومون به في نقل الإيمان وتعزيز المصالحة والحوار، لذلك أضم صوتي إلى صوتكم في رفع الشكر لله على الدعوات الكهنوتية العديدة التي نمّاها بين مؤمني سريلانكا. في الواقع إن العديد من الكهنة المحليين هم ثمار مباشرة للبذار التي زرعها المرسلون خلال سنوات عديدة. ولكي يقوم كهنتكم بخدمة صالحة ويكونوا رعاة حقيقيين أدعوكم للتنبّه لتنشئتهم الإنسانية والفكرية، الروحية والراعوية، وليس فقط خلال سنوات التنشئة الإكليريكية وإنما أيضًا خلال سنوات خدمتهم السخية. كونوا لهم آباءً حقيقيين متنبهين لحاجاتهم وحاضر حياتهم، ومدركين للصعوبات التي يواجهونها في خدمتهم. وأشكرهم معكم على أمانتهم وشهادتهم وأدعوهم للسير نحو القداسة بواسطة الصلاة والتوبة اليومية.

تابع البابا فرنسيس يقول: أضم صوتي إلى صوتكم شاكرًا الله أيضًا على خدمة وشهادة الرجال والنساء المكرسين والمؤمنين العلمانيين الذين يخدمون ويعضدون رسالة الكنيسة ويعيشون حياتهم المسيحية بأمانة. فهم مع الإكليروس وبالشركة معكم كرعاة للكنائس المحليّة، يظهرون قوة الروح القدس المقدِّسة التي تحول الكنيسة وتجعلنا خميرة للعالم. إن دعوتهم أساسية لنشر الإنجيل ولاسيما بين الجماعات الريفيّة وفي مجال التربية لاسيما حيثما ينقص معلّمو التعليم المسيحي، لذلك أشجعكم على متابعتهم ودعمهم من خلال الاعتراف بمواهبهم ووضعهم في خدمة الكنيسة.

وأخيرًا أعبر عن تقديري للجهود التي تبذلونها في خدمة العائلة "خلية المجتمع الأساسيّة حيث نتعلّم أن نعيش مع الآخرين بالرغم من اختلافاتنا وانتماءاتنا... وحيث ينقل الوالدين الإيمان لأولادهم" (الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل، عدد 66). فالجمعية العامة المقبلة لسينودس الأساقفة ستناقش موضوع العائلة وتبحث عن أساليب جديدة وخلاقة يمكن للكنيسة من خلالها أن تدعم هذه "الكنائس البيتيّة". فالحرب في سريلانكا قد شرّدت العديد من العائلات وأحزنتها بسبب موت العديد من أفرادها. لقد خسر كثيرون وظائفهم وانفصل العديد من أفراد العائلات عن بعضهم البعض بسبب هجرة الأزواج بحثًا عن العمل. كما وهناك أيضًا التحدي الكبير لنمو عدد الزيجات المختلطة والتي تتطلب اهتمامًا وتحضيرًا ومرافقة للأزواج من خلال تأمين تنشئة مسيحية لأولادهم. فعندما نتنبه لعائلاتنا وحاجاتها، وعندما نفهم صعوباتها وآمالها نعزز بذلك شهادة الكنيسة وإعلان الإنجيل. فالجهود التي تبذلونها في دعمكم للعائلات لا تساعد الكنيسة فقط وإنما مجتمع سريلانكا بأسره لاسيما في إطار المصالحة والوحدة. ولذلك أدعوكم للسهر والعمل بالتعاون مع السلطات الحكومية والقادة الدينيين الآخرين في الحفاظ على كرامة العائلة وحقها. وختم البابا فرنسيس كلمته لأساقفة سريلانكا في زيارتهم التقليدية للأعتاب الرسولية بالقول: أيها الإخوة الأعزاء أكلكم لشفاعة العذراء شفيعة البلاد وأمنحكم فيض بركاتي الرسولية مع كهنتكم والرهبان والراهبات والمؤمنين العلمانيين في سريلانكا.








All the contents on this site are copyrighted ©.