2014-03-30 12:43:24

في كلمته قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي البابا يتحدث عن أعجوبة شفاء الأعمى


تلا البابا فرنسيس ظهر اليوم كعادته كل أحد صلاة التبشير الملائكي مع وفود الحجاج والمؤمنين في ساحة القديس بطرس بالفاتيكان. قال الحبر الأعظم: أيها الأخوة والأخوات الأعزاء، صباح الخير. يقترح علينا إنجيل اليوم حادثة الرجل الأعمى منذ مولده، والذي وهبه يسوع النظر. وتبدأ الرواية الطويلة هذه مع رجل أعمى بدأ يرى وتنتهي مع أشخاص غير عميان لكنهم بقوا عميانا في نفوسهم. يحدّثنا القديس يوحنا عن هذه الأعجوبة في آيتين فقط، لأن يوحنا البشير لا يريد أن يجذب الانتباه إلى الأعجوبة بحد ذاتها، لكن إلى ما حصل بعد ذلك وإلى النقاش الذي أحدثته الأعجوبة، أحيانا تثير الأعمال الحسنة الثرثرة والنقاش لأن هناك أشخاصا لا يريدون أن يروا الحقيقة. لقد أراد يوحنا أن يلفت انتباهنا إلى ما يحصل في يومنا هذا! بعد أن شفي الأعمى بدأت الحشود المندهشة تستجوبه، بعد أن رأت الأعجوبة، قبل أن يستجوبه علماء الشريعة، ويستجوبون والديه. وبعد أن شُفي الأعمى قبل الإيمان وهذه هي النعمة الأكبر التي صنعها له يسوع، أي لا أن يرى وحسب بل أن يتعرف عليه، الذي هو "نور العالم".

فيما كان الأعمى يقترب تدريجيا من النور، راح علماء الشريعة يغرقون أكثر وأكثر في العمى الداخلي. فقد انغلقوا على غرورهم واعتقدوا أنهم يملكون النور، لذا لم ينفتحوا على حقيقة يسوع. وفعلوا المستحيل لينبذوا الأدلة. فوضعوا هوية الشخص الذي شفي موضع شك، ثم نفوا عمل الله في عملية الشفاء بحجة أن الله لا يعمل يوم السبت. وشكّوا بحقيقة أن يكون هذا الرجل أعمى منذ ولادته. وأصبح انغلاقهم عن النور عدائيا وأدى في نهاية المطاف إلى طرد هذا الرجل من المجمع. طُرد من الهيكل. أما مسيرة الأعمى فتمت على مراحل، بدءا من التعرف على اسم يسوع، إذ قال "إن الرجل الذي يُقال له يسوع جبل طينا فطلى به عينيّ". وعلى أثر الأسئلة التي طرحها عليه علماء الشريعة قال إنه يعتبر يسوع نبيا، ثم رجلا مقربا من الله. وبعد أن طُرد من الهيكل ونبذه المجتمع، التقى به يسوع مجددا، وفتح له عينيه للمرة الثانية، كاشفا له عن هويته، قال له "أنا المسيح". عندها قال الرجل الذي شفي من العمى "آمنتُ يا رب" وسجد ليسوع.

هذا المقطع من الإنجيل ـ تابع البابا يقول ـ يظهر لنا مأساة العمى الداخلي لدى الكثير من الأشخاص ولدينا نحن أيضا لأنه قد يكون لدينا أحيانا نوع من العمى الداخلي. إن حياتنا تشبه أحيانا حياة الأعمى الذي انفتح على النور، على الله ونعمته. لكن حياتنا تكون أحيانا وللأسف شبيهة بحياة علماء الشريعة، عندما ندين الآخرين بغرور، وندين الرب أحيانا! إننا مدعوون اليوم للانفتاح على نور المسيح لتكون حياتنا مثمرة، وللتخلص من تصرفات غير مسيحية. جميعنا مسيحيون لكننا كلنا نقوم بتصرفات قد لا تكون مسيحية أحينا. إنها خطايا يجب أن نتوب عنها. إننا مدعوون للتخلص من هذه التصرفات بغية السير على درب القداسة التي تستمد جذورها من العماد. فقد نلنا النور من خلال سر العماد، كي نتصرف كأبناء للنور كما يقول القديس بولس (أفسس 5،8)، بتواضع وصبر ورحمة، وعلماء الشريعة لم تكن لديهم هذه الصفات.

تابع البابا يقول: اقترح عليكم اليوم أن تقرأوا هذا المقطع من الفصل التاسع من إنجيل يوحنا. هذا أمر جيد لأنه يساعدكم على رؤية الطريق من العمى إلى النور والطريق الآخر السيء المؤدي إلى عمى أعمق. ثم نتساءل ما إذا كان قلبنا منفتحا أم منغلقا؟ أهو منفتح أو منغلق حيال الله وحيال القريب؟ هناك انغلاق وليد الخطيئة والأخطاء التي نرتكبها. دعونا لا نخاف وننفتح على نور الرب الذي ينيرنا ويغفر لنا ولا تنسوا أن الرب ينتظرنا دائما. دعونا نوكل مسيرة زمن الصوم إلى شفاعة العذراء مريم، كي نتمكن نحن أيضا ـ وعلى غرار هذا الرجل الأعمى وبنعمة المسيح ـ أن نأتي إلى النور، ونولد من جديد. وبعد تلاوة صلاة التبشير الملائكي وجه البابا فرنسيس تحياته المعتادة إلى وفود الحجاج والمؤمنين القادمين من إيطاليا وأنحاء العالم كافة مذكرا إياهم بأن يفتحوا إنجيل يوحنا ـ الفصل التاسع ـ ويقرأوا مقطع الإنجيل الذي يحدثنا عن الأعمى الذي شفي وعن أشخاص يرون غاصوا في العمى الداخلي ثم تمنى للكل أحدا سعيدا وغداء شهيا.








All the contents on this site are copyrighted ©.