التربية فعل رجاء – كتاب الكاردينال برغوليو

التربية فعل رجاء أي أن نسير، مربّون وشباب، نحو الجميل والصالح والحقيقي. هذا هو الموضوع الذي يجمع العديد من خطابات ألقاها الكاردينال خورخي ماريو برغوليو في مناسبات عديدة بين عامي 2008 و2011 حين كان لا يزال يشغل منصب رئيس أساقفة بوينوس آيرس، جُمعت في مجلّد واحد تحت عنوان: "الجمال سيربي العالم" وسيصدر خلال أيام قليلة في المكتبات الإيطالية.

كتب الكاردينال برغوليو: التربية هي أحد "الفنون الأكثر تشويقًا في الوجود"، "من الأهمية بمكان أن نتخطى المزاجية ونقدر القوى والجهود أمام تعب العمل"، "نحن بحاجة لبلسم الرجاء لنسير إلى الأمام". في الواقع إن السير والرجاء يمكنهما أن يصبحا مرادفين، لأن السير هو "دخول في رجاء حيّ" يدفعنا للمضيّ قدمًا إلى الأمام، ولذلك علينا أن نعرف كيف نقرأ "لغة القلق" لاسيما وأن الأنظمة العالمية تحاول أن تحبط الإنسان وتشل رغبته بالسير إلى الأمام وتمنعه من الإصغاء لرغبات قلبه العميقة.

يؤكد الكاردينال برغوليو في هذا الكتاب أيضًا أن "المبادئ المطلقة هي ملجأ لمن يخاف، فالذي يختبئ وراء الأصولية والتشدد هو شخص يخاف من أن يضع نفسه في مسيرة بحث عن الحقيقة"، ويشرح الكاردينال برغوليو أن المسيرة المثمرة هي تلك الموجّهة نحو الحقيقة، وإلا يبقى البحث عقيمًا لأنه لا يروي عطش الحقيقة الذي يحمله الإنسان في داخله. لا يمكننا أن نمتلك الحقيقة وإنما نحن نجدها بعد مسيرة طويلة وهي تترافق دائمًا مع الصلاح والجمال. لذلك فالتربية على البحث عن الحقيقة تتطلب مجهودًا لخلق انسجام بين المحتويات والعادات، وبالتالي تشكل الشهادة ضرورة إذ أنه "على المربي أن يصبح أيقونة حيّة للحقيقة التي يعلمها ويسير برفقة تلميذه".

فالتربية بذاتها هي فعل رجاء، ليس فقط لأنها تساهم في بناء المستقبل وإنما لأن التربية فعل مشبع بالرجاء. بالرجاء يوزع المربون يوميًّا خبز الحقيقة، لقد اختاروا أن يقودوا الشباب على دروب النور في عالم مظلم يقدم السعادة بسعر زهيد. لذلك علينا أن نخرج من حظيرتنا لنعلم للعالم أسلوب الحياة هذا الذي ينتصر فيه النور على الظلمة. التربية على الرجاء هي أن نفتح للشباب آفاقا جديدة وبالتالي فذكرى الماضي وتمييز الحاضر وتوجيه أحلام المستقبل هي أساسات التربية على الرجاء. ويختتم الكاردينال برغوليو كتابه بالقول: علينا أن نربي على العيش والتعايش ونعلّم أن الوداعة أفضل من العنف والإصغاء المتبادل أفضل من الإهانة فنزرع عندها الحياة في قلوب الشباب.