2014-03-12 15:34:40

عظة المونسينيور دوناتيس في اليوم الثالث للرياضة الروحية التي يشارك فيها البابا فرنسيس


"الإنسان هو كثمرة الرمان: يحمل في داخله العديد من البذار الصغيرة المتماسكة، وضعها الله معًا وجبلها ونفخ فيها نسمة الحياة" بهذه الصورة افتتح المونسينيور أنجلو دوناتيس عظته لليوم الثالث في الرياضة الروحية التي يجريها بحضور قداسة البابا فرنسيس وأعضاء الـ "كوريا" الرومانية، وأظهر لسامعيه جمال الكائن البشري كما أراده الخالق: ناضج ومتماسك، وقال: لكنه جمال مهدد بالزوال والانحلال إذا فقد نسمة حياة الله أي محبته الرحيمة التي يمنحنا إياها، وذلك لأنه من المحتمل أن تحاول كل بذرة من هذه البذار الصغيرة - مدفوعة برغبة تحقيق ذاتها – أن تتوسّع بشكل استبدادي وظالم تجاه الأخريات مسببة بذلك "انفجار" الثمرة وانحلالها.

بهذه الاستعارة شرح المونسينيور دوناتيس نتيجة الشر عندما يستولي على الإنسان، انطلاقًا من حدث لقاء الرب يسوع بالرجل الذي كان فيه روح نجس والذي يقدمه لنا الإنجيلي مرقس (5، 1- 20)، وأشار إلى مكونات النص الأساسية: الحوار، سؤال الشيطان الملح بألا يرسله إلى خارج الناحية، سؤال يسوع للشيطان عن اسمه، تعريف الشيطان عن نفسه كـ"جيش" لأنهم كانوا كثيرين، توسُّل الأرواح النجسة بأن تدخل الخنازير، وبعد أن أذن لها يسوع خرجت الأَرواح النجسة ودخلت في الخنازير، فوَثب القطيع من الجرف إلى البحر وغرق. حدثٌ، شرح المونسينيور دوناتيس، ولاسيما من أجل ردة فعل رعاة الخنازير وسكان المدينة والمزارع يجعلنا نفكر فيما يحصل في عالم اليوم. في الواقع، يخبرنا مرقس الإنجيلي أن ما من أحد تنبّه لذلك الشاب الذي حرره يسوع من الشيطان وأعاد له الحياة، لأنهم كانوا منهمكين جميعًا في الخسارة المادية التي سببها موت الخنازير لدرجة أنهم صرفوا يسوع عن بلادهم. أضاف المونسينيور دوناتيس يقول: انصرف يسوع عن بلادهم دون أن يقول شيئًا، لكن ذهنية هؤلاء الأشخاص الاقتصادية منعتهم عن اللقاء به.

فأمام هذه الذهنية الاقتصادية الوثنية تقف الحياة الدينية. لقد طرد يسوع الشيطان، وحرر الرجل من الأرواح الشريرة ومن الخوف، فاختبر عندها ذلك الرجل محبة الله الرحيمة وخرج ينادي بكل ما صنع يسوع إليه. لكن لكي نختبر محبة الله هذه نحن بحاجة لنعمة الروح القدس، نحن بحاجة لمحبة المسيح هذه لأن أعمالنا في الواقع لا تقدر أن توصلنا إلى الله.

هذا وتحدث المونسينيور دوناتيس عن العلاقة بين أعمال الإنسان ونعمة الله انطلاقًا من رسالة القديس بولس إلى أهل أفسس (2، 1- 10)، مذكرًا أن دورنا الأساسي لا يكمن بأن نظهر للعالم ما تقوم به الكنيسة والكهنة والمسيحيون الملتزمون وإنما أن نُظهر ما يحققه الله في العالم من خلالنا، لأنه عندما نضع التزامنا وأعمالنا في المرتبة الأولى تصبح حياتنا دنيوية. لذلك من الأهمية بمكان أن نعترف بأننا مجرد "خطأة غُفر لهم"، وأننا "بالنعمة" خُلِّصنا كما يذكرنا دائمًا القديس بولس وليس بأعمال الشريعة. علينا إذًا أن نتخلص من تجربة الانهماك بالأعمال لأنها تُنسينا أن الله قد خلصنا مجانًا ودون أي استحقاق.

بعدها دعا المونسينيور أنجلو دوناتيس الجميع ليسألوا أنفسهم: لماذا عندما يرى الناس الأعمال التي تقوم بها الكنيسة لا يمجدون الله الآب؟ هذا دلالة على أن هناك ما ليس على ما يرام. لا يجب علينا إذًا أن نبحث دائمًا عن الهتاف والتصفيق لما نقوم به، فالعمل الراعوي ليس ثمرة جهودنا وإنجازاتنا الشخصية وإنما هو ثمرة الروح القدس. وختم المونسينيور أنجلو دوناتيس عظته في اليوم الثالث من الرياضة الروحية التي يجريها بحضور قداسة البابا فرنسيس وأعضاء الـ "كوريا" الرومانية بالقول: لقد اعتدنا أن نحضِّر برامجنا ومشاريعنا ومن ثم نرفع الصلوات لله سائلينه أن يساعدنا في تحقيقها لكي لا تفشل رسالتنا، وإنما من الضروري أن نغيّر هذه الذهنية وهذه النظرة لأنه علينا أولاً أن نفلح الأرض ومن ثم أن نبذرها ونسقيها وأخيرًا يبدأ الزرع بالنمو، هكذا أيضًا تنمو ثمار الإيمان من لقاء الله بالإنسان.








All the contents on this site are copyrighted ©.