2014-02-28 14:22:48

رسالة الصوم للبطريرك الماروني "مسيرة روحية نحو الله والإنسان"


وجه البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي رسالته لزمن الصوم قال فيها إن الصوم مسيرة روحيّة تعني السّعي لنيل الحياة الجديدة في الروح القدس، التي استحقّها لنا الربّ يسوع بآلامه وقيامته. فرمّم بنعمته ما شوّهت فينا الخطيئة، نحن المخلوقين على صورة الله، والمولودين ثانية من الماء والروح على شبه المسيح فدُعينا مسيحيّين. هو الروح القدس يُحيي فينا الإيمان والرجاء والمحبة وما يتحدّر منها من فضائل أخلاقيّة وإنسانيّة واجتماعيّة. تغتذي حياتنا الروحية من كلام الله، نسمعه ونتأمّل فيه، ونحفظه في قلوبنا، ليختمر فينا ثقافة ونهج حياة.

ونقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية أضاف البطريرك الراعي أن الصوم الكبير هو زمن المصالحة والغفران اللذين هما نقطة الانطلاق نحو مستقبل جديد أفضل. فمع المصالحة تنتهي حرب المصالح الشخصيّة التي هي أخطر من الحرب المسلّحة. وبالمصالحة تخمد الخلافات، وتزول العداوات وتتبدّل الذهنيّات. إنّها الحلّ لكل معضلات الأشخاص والجماعات. فالمصالحة تبدأ مع الذات بترميم العلاقة مع الله الذي صالحنا بالمسيح، ويدعونا إلى التوبة عن الخطايا الشخصيّة وتغيير المسلك والموقف والنظرة، بقوّة الروح القدس. ثمّ تنتقل من المستوى الشخصي الروحي لتصبح مصالحة اجتماعية بترميم العلاقة مع الآخر من خلال حلّ الخلافات والنزاعات وسوء التفاهم، ومع الفقراء وسائر المعوزين بمبادرات محبّة، ومع الجميع بتعزيز العدالة الاجتماعيّة ورفع الظّلم والفساد، وتأمين الحقوق الأساسيّة. وترتفع إلى مستوى أهل السياسة والأحزاب لتصبح مصالحة سياسية بإعادة بناء الوحدة الوطنية ودولة الحق الصالحة والعادلة. وتكتمل أخيراً بالمصالحة الوطنيّة القائمة على التزام عقد اجتماعي ميثاقي يحصّن العيش معاً ومشاركة الجميع العادلة والمنصفة في إدارة شؤون البلاد.

وتابع البطريرك الماروني يقول إن الصوم الكبير مسيرة صوم وتقشّف وإماتة تشاركًا مع صوم المسيح أربعين يومًا ومع آلامه، تكفيرًا عن خطايانا الشخصيّة وعن الخطايا والشرور التي تُرتَكب في العالم.  الصوم الكبير هو امتلاء من المحبّة لله وللناس، وهو زمن انفتاح القلب واليد على الأخوة الفقراء والمرضى والمحتاجين. محبّتهم وخدمتهم ومساعدتهم تكمّل الصوم والقطاعة وترفعهما من مستواهما المادّي إلى سموّ المحبّة الاجتماعيّة.

وختم البطريرك الراعي رسالته لزمن الصوم الكبير قائلا إنّنا نضع تحت أنوار الروح القدس، وحماية أمّنا مريم العذراء، سيدة لبنان وأم المحبّة وسلطانة السلام، وأبينا القديس مارون ومار يوحنّا مارون، هذه المسيرة الروحية نحو الله والإنسان، طيلة الصوم الكبير، بالصلاة والاغتذاء من كلام الله، وبالتوبة والمصالحة، وبأعمال المحبّة والرحمة. لمجد الله وخير كل إنسان.








All the contents on this site are copyrighted ©.