2014-01-18 13:30:50

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


وفي اليوم الثاني رأَى يوحنّا يسوعَ آتِيًا نَحوَه فقال: "هُوَذا حَمَلُ اللهِ الَّذي يحمِل خَطيئَةَ العالَم. هذا الَّذي قُلتُ فيه: يأتي بَعْدي رَجُلٌ قد تَقَدَّمَني لأَنَّه كانَ قَبْلي. ولم أَكُنْ أَعرِفُه، ولكِنِّي ما جِئْتُ أُعَمِّدُ في الماء إِلاَّ لِكَي يَظهَرَ أَمْرُه لإِسْرائيل". وشَهِدَ يوحَنَّا قال: "رَأَيتُ الرُّوحَ يَنزِلُ مِنَ السَّماءِ كأَنَّه حَمامَة فيَستَقِرُّ علَيه. و لَم أَكُنْ أَعرِفُه، ولكِنَّ الَّذي أَرسَلَني أُعَمِّدُ في الماءِ هو قالَ لي: إِنَّ الَّذي تَرى الرُّوحَ يَنزِلُ فيَستَقِرُّ علَيهِ، هو ذاكَ الَّذي يُعَمِّدُ في الرُّوحِ القُدُس. وَأَنا رأَيتُ وشَهِدتُ أَنَّه هو ابنُ الله" (يوحنا 1، 29- 34).

 

للتـأمل: قراءة من القديس كيرلس الأورشليمي

لا يظنن أحد أن العماد ليس إلا نعمة مغفرة الخطايا والتبني الإلهي، كعماد يوحنا الذي كان يمنح مغفرة الخطايا. أما نحن الذين تعلمنا بدقة، فنعلم أن العماد، وإن كان لتطهير الخطايا والمشاركة في موهبة الروح القدس، إنما هو أيضًا صورة لآلام المسيح فينا. لذلك أعلن القديس بولس: أو تجهلون أنّا قد اعتمدنا في يسوع المسيح، إنما اعتمدنا في موته، فدفنّا معه في المعمودية لنموت فنحيا. وهذا ما كان يقوله بولس للذين كانوا يؤكدون أن العماد يمنح مغفرة الخطايا والتبنّي، ولكنه لا يشركنا في آلام المسيح الحقيقيّة.

يجب أن نتعلم أن كل ما قاساه المسيح من عذاب، هو من أجلنا ولأجل خلاصنا. وقد تعذب فعلاً لا مظهرًا، ولكي نشاركه في آلامه. لذلك يعلن بولس بكل وضوح: لأننا إذا كنا غرسنا معه على شبه موته، فنكون على شبه قيامته أيضًا. وحسنًا قال: قد غرسنا معه. فبما أن الكرمة الحقيقية غرست هنا، فنحن أيضًا إذ نشترك بمعمودية موته، نصبح وإياه غرسة واحدة. وأرجو منك أن تنتبه لكلمات الرسول: إنه لا يقول: إذا كنا غرسنا معه في موته، بل: على شبه موته. لأن المسيح مات فعلاً، ونفسه انفصلت عن جسده فعلاً، ودفنه كان حقيقة واقعيّة إذ لف جسدُه بكتان نقيّ، وكانت قصته كلُّها واقعيّة. أما بالنظر إلينا، فالحالة تختلف: فكان موتنا شبه موته وآلامنا شبه آلامه. فأما خلاصنا، فلم يكن شبه خلاص، بل خلاصًا حقيقيًّا.

لقد اعتمدتم في المسيح ولبستم المسيح، فأصبحتم صورة المسيح ابن الله، لأن الله الذي اختارنا لنكون أبناءه بالتبني، جعلنا على صورة جسد المسيح المجيد. وبما أنكم أصبحتم شركاء المسيح، فأنتم مدعوون بحقٍّ "مسحاء". وعنكم قال الله: لا تمَسّوا مُسحائي. إنكم أصبحتم مسحاء، وقد قبلتم ختم الروح القدس. كلُّ شيء تم فيكم بالامتثال، بما أنكم صورة المسيح. وعندما تعمّد المسيح في نهر الأردن، ومنح المياه لمس ألوهيته، صعد منها. فحل الروح القدس نفسه عليه، واستقرّ الشبيه على شبيهه. كذلك أنتم، عندما خرجتم من حوض المياه المقدسة قبلتم مسحة الميرون، وهي الصورة الحقيقيّة لمسحة المسيح، أعني الروح القدس الذي تحدث عنه الطوباوي أشعيا، تنبأ عنه وتكلم بلسان الرب قائلاً: إن روح السيد الرب علي، لأن الرب مسحني وأرسلني أبشر الفقراء.

المسيح لم يُمسح بزيت أو بدهم ماديٍّ بيد إنسان، لكن الآب الذي سبق واختاره ليكون مخلص العالم أجمع، مسحه بالروح القدس، على حد قول بطرس: يسوع الناصري الذي مسحه الله بالروح القدس. كذلك أعلن النبي داود: عرشك يا الله إلى الدهر والأبد، وصولجان ملكك صولجان استقامة. أحببت البرّ وأبغضت النفاق، لذلك مسحك إلهك يا الله بدهن البهجة أفضل من شركائك. لقد صلب المسيح وقبر وقام فعلاً، أما أنتم في العماد، فقد اعتُبرتم جديرين بان تصلبوا وتدفنوا وتقوموا معه على مثاله. وكذلك الحال بما يختص بالمسحة: لقد مسح المسيح بزيت البهجة الروحي، أي بالروح القدس، وقد سمِّي "زيت البهجة" لأنه أصل البهجة الروحية. أما أنتم، فمسحتم بالدهن وصرتم صحب المسيح وشركاءَه.








All the contents on this site are copyrighted ©.