2013-11-19 15:08:46

البابا فرنسيس: "الشعب الذي لا يحترم مُسنّيه لا مستقبل لديه ولا ذاكرة"


"الشعب الذي لا يحترم مُسنيّه هو شعب بدون ذاكرة أو مستقبل" هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس صباح اليوم الثلاثاء في عظته مترئسًا القداس الإلهي في بيت القديسة مرتا بالفاتيكان، منوهًا بمثل العازر الشيخ الذي تقدمه لنا اليوم القراءة الأولى من سفر المكابيّين الثاني والذي استُشهد "تاركا موته قدوة بطولة وتذكار فضيلة لا للشبان فقط، بل للأمة بأسرها".

قال الأب الأقدس: اختار العازر الموت على خيانة الرب، ليبقى "للشبان قدوة شهامة، ليتلقوا المنية ببسالة وشهامة، في سبيل الشريعة الجليلة المقدسة"، لقد فضّل أن يُضحي بحياته من أن يعيش برياء "حياة قصيرة فانية" ويجلب على شيخوخته الرجس والفضيحة. أضاف البابا فرنسيس يقول: أمام الخيار بين الزنى والأمانة للرب اختار هذا الرجل "أن يموت مجيدا على أن يحيا ذميما" وبدل من أن يفكر بنفسه فكر بالشباب وبما يمكن لخياره هذا من أن يقدم لهم.

تابع الأب الأقدس يقول: لقد أظهر هذا الرجل تطابقًا بين حياته وإيمانه ومسؤولية في تركه للشباب إرثًا نبيلاً وحقيقيًّا. نعيش اليوم في عالم لا يعطي أهميّة للمسنين، ومن المحزن أن نقولها ولكننا نعيش في عالم يُستبعد فيه المسنون ويُعتبرون مصدرًا للإزعاج. فننسى أن المسننين هم الذين يحملون لنا التاريخ، يحملون لنا العلم والإيمان ويتركونه إرثًا للأجيال. إنهم كالخمر المعتّقة يحملون في داخلهم قوة تعطينا إرثًا نبيلاً!

بعدها روى الأب الأقدس قصة يذكرها من طفولته وتخبر عن عائلة مؤلفة من أب وأم والعديد من الأطفال ومن الجدّ الذي يعيش معهم، وكان الجدّ يُلطِّخ وجهه في كل مرّة يتناول فيها الحساء، وكان الأب ينزعج من رؤيته بهذا الشكل، فقام واشترى طاولة أخرى للجدّ ليأكل وحده بمعزل عنهم. وفي يوم من الأيام عاد الأب من عمله ووجد ابنه منهمكًا في تركيب ألواح خشبية، فسأله الأب باهتمام: "ماذا تفعل يا بني؟" فأجابه الولد: "طاولة"، "ولماذا؟" سأل الأب باهتمام أكبر، أجابه الولد: "لك يا أبي، لتأكل عليها عندما تصبح مثل جدّي!"

لقد علمتني هذه القصة الكثير، تابع البابا فرنسيس يقول، لاسيما أن المسنّين هم كنزٌ كبير. نقرأ في الرسالة إلى العبرانيين في الفصل الثالث عشر: "أُذكروا رؤساءكم، إنهم خاطبوكم بكلام الله، واعتبروا بسيرتهم واقتدوا بإيمانهم"، لأن ذكرى أجدادنا تحملنا على الاقتداء بإيمانهم. أضاف الأب الأقدس يقول: قد تكون الشيخوخة صعبة أحيانًا، لما تحمله من أمراض، وإنما الحكمة التي يتمتّع بها أجدادنا هي الإرث الذي يجب أن نتغنّى به، فالشعب الذي لا يحافظ على مُسنّيه، والشعب الذي لا يحترم مُسنّيه لا مستقبل لديه ولا ذاكرة.

تابع الحبر الأعظم يقول: لنفكر بالمسنّين والمسنات الذين يعيشون في بيوت الراحة، والذين وللأسف تركتهم عائلاتهم، إنهم كنز مجتمعنا! لنصلِّ لأجدادنا وجدّاتنا الذين لعبوا دورًا بطوليًّا في الحفاظ على الإيمان ونقله خلال أيام الاضطهاد. وأضاف: لنتأمّل بالوصيّة الرابعة: "أَكرِم أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَي تَطول أَيَّامُك على الأَرض الَّتي يُعطيك الرَّبُّ إلهُك". إنها وصيّة المحبّة، وتدعونا لنحب "كِبارنا" ونحترمهم. لنطلب اليوم من القديسين المسنيّن: سمعان الشيخ وحنة النبيّة، بوليكاربوس والعازر وغيرهم من القديسين نعمة الحفاظ على مُسنّينا وأجدادنا، ونعمة إكرامهم والإصغاء إليهم!








All the contents on this site are copyrighted ©.