2013-11-17 10:08:53

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


فَي ذَلكَ الزمَان: قالَ بَعضُهم في الهيَكلِ: إِنَّه مُزَيَّنٌ بِالحِجارةِ الحَسَنَةِ وتُحَفِ النُّذور. فقال يسوع: "هذا الَّذي تَنظُرونَ إِلَيه، سَتأتي أَيَّامٌ لن يُترَكَ مِنه حَجَرٌ على حَجَر، بل يُنقَض كله". فسأَلوه: "يا مُعلّم، ومَتى تكونُ هذه، وما تكونُ العَلامَةُ أَنَّ هذه كُلَّها تُوشِكُ أَن تَحدُث؟" فقال: "إِيَّاكُم أَن يُضِلَّكُم أَحَد! فسَوفَ يأتي كَثيرٌ مِنَ النَّاسِ مُنتَحِلينَ اسمي فيَقولون: أَنا هُو! قد حانَ الوَقْت! فلا تَتبَعوهم. وإِذا سَمِعتُم بِالحُروبِ والفِتَن، فلا تَفزَعوا، فَإِنَّه لابُدَّ مِن حُدوثِ ذلك في أَوَّل الأمر، ولكِن لا تَكونُ النِّهايةُ عِندَئِذٍ". ثُمَّ قالَ لَهم: "ستَقومُ أُمَّةٌ على أُمَّة، ومَملَكَةٌ على مَملَكَة، وتَحدُثُ زَلازِلُ شديدة، وأَوبِئَةٌ ومَجاعاتٌ في أَماكِنَ كَثيرة، وستَحدُثُ أَيضًا مَخاوفُ تأتي مِنَ السَّماءِ، وعَلاماتٌ عظيمة". وقَبلَ هذا كُلِّه يَبسُطُ النَّاسُ أَيدِيَهُم إِلَيكمُ، ويَضطَهِدونَكم، ويُسلِمونَكم إِلى المَجامِعِ والسُّجون، وتُساقونَ إِلى المُلوكِ والحُكاَّمِ مِن أَجْلِ اسمي. فيُتاحُ لكم أَن تُؤَدُّوا الشَّهادَة. فاجعَلوا في قُلوِبكم أَن لَيسَ علَيكم أَن تُعِدُّوا الدِّفاعَ عن أَنفُسِكم. فسَأُوتيكم أَنا مِنَ الكَلامِ والحِكمَةِ ما يَعجِزُ جَميعُ خُصومِكم عَن دفعِه أَوِ نقضه. وسيُسلِمُكُمُ الوالِدونَ والإِخوَةُ والأَقارِبُ والأصَدقاءُ أَنفُسهم، ويُميتونَ أُناسًا مِنكم، ويُبغِضُكم جَميعُ النَّاسِ مِن أَجْلِ اسمي. ولَن تُفقَدَ شَعْرَةٌ مِن رُؤُوسِكم. إِنَّكم بِثَباتِكُم تكتَسِبونَ أَنفُسَكم.

 

للتـأمل

 

يعلن يسوع في الإنجيل: لا تُغريكم العظمة الظاهرة – وهي هنا بهاء الهيكل ووفرة الهبات – ولا يخدعكم الأنبياء الكذبة، الذين يُخيفون الناس بتلك النبوءات حول نهاية العالم. صحيح...، وذلك للأسف خبزنا اليوميّ، أنّه سيكون هناك حروب وثورات، مجاعات وأوبئة. كلّ ذلك هو جزء من عالم يُعاني من آلام الولادة. والأسوأ من ذلك، أنّه سوف يتمّ اضطهاد أولئك الذين يعملون من أجل الخير والعدل؛ حتى أنّهم سيضعون في السجون أولئك الذين يؤمنون "باسمي".

لكن رسالة يسوع واضحة: كلّ الشرّ الذي سيُصيبكم هو فرصة لكي تؤدّوا الشهادة للعالم بأنّ الخير أقوى من الشرّ وأنّ الحُب والإخلاص لله سوف يهزم الكراهية. صحيح أنّهم سيُسلمونكم – وفي بعض الأحيان حتى من قِبَل أقربائكم؛ وسيبغضونكم لأنّ أولئك الذين يريدون لكم الشرّ سوف لن يطيقون إيمانكم ولطفكم. لكن ليس عليكم أن تُعِدّوا الدفاع عن أنفسكم؛ عليكم أن تعيشوا واثقين بأنّني أنا بذاتي - يقول الله- : "سأوتيكم من الكلام والحكمة ما يعجز جميع خصومكم عن مقاومته، أو الرَدُّ عليه." -  حتى ولو أنّ البعض منكم سيُحكم عليهم بالموت ويفقدون حياتهم، لن تُفقَد شعرة من رؤوسهم (المقطوعة)! لأنّ الله يهتمّ بشعبه المُثابر حتى إلى ما بعد الموت.

يكتب القديس أغوسطينوس: "أتريد بلوغ تلك الحياة حيث تصبح دائمًا بمأمن عن الخطأ؟ مَن لا يريد ذلك؟... كلّنا نريد الحياة والحقيقة. ولكن كيف يمكن بلوغ ذلك؟ وأيّ درب نسلك؟ لم تنتهي رحلتنا بعد، لكنّنا نرى النهاية منذ الآن... نحن نطمح إلى الحياة وإلى الحقيقة. والمسيح هو كلاهما. ما هو السبيل إليه؟ لقد قال: "أنا الطريق". إلى أين يقودنا؟ "أنا الحقّ والحياة" (يو14: 6). هذا ما أحبّه الشهداء؛ لهذا السبب بالتحديد، تجاوزوا حبّ المقتنيات الأرضيّة؛ لا تندهشوا أمام شجاعتهم؛ فقد تغلّب فيهم الحبّ على الألم... لنسِر على خطاهم وأنظارنا ثابتة على مَن هو قائدنا وقائدهم؛ فإنّ كنّا نرغب في بلوغ سعادة قصوى كهذه، علينا ألاّ نخشى من سلوك الدروب الصعبة. إنّ ذاك الذي قطع علينا هذا الوعد لصادق حقًّا؛ إنّه وفيّ ولا يمكنه أن يخدعنا... ولِمَ الخشية من درب الألم والعذابات الصعبة؟ إنّ المسيح بذاته قد مرّ فيه.

يا ربّ، ملك الكون، ليأتي ملكوتك! أعطِ لكلّ الذين يؤمنون بكَ القوّة للعمل من أجل عالم يسود فيه العدل حيث لا يُسلم أيّ أخٍ أخاهُ إلى الموت، حيث لا تسقط شعرة من رؤوسنا دون أن تجعل منها إكليلًا لمجدكَ. ساعدنا على العيش، بدون خوف أو توتُّر، وأن نكون مخلصين للّحظة الحاضرة. أعطِنا – في هذا الأحد الذي يُحضّر لعيد المسيح الملك وختام سنة الإيمان – الإيمان الذي ينقل الجبال ويغرس الأشجار في البحر ويجعلنا نعيش بصفاء يتجاوز الحروب، والعنف والاضطهادات؛ لأنّك أنتَ بذاتكَ ستتولّى الدفاع عنّا وتُخذي خصومنا وجميع الذين يتبعون الشرّ. يا ربّ، ليأتي ملكوتُكَ!








All the contents on this site are copyrighted ©.