2013-11-09 14:42:06

الإنجيل وقفة تأمل عند كلمة الحياة


فَي ذَلكَ الزمَان: دَنا بَعضُ الصَّدُّوقيِّين، وهُمُ الَّذينَ يَنكرونَ القِيامَة، فسأَلوا يسوع: "يا مُعَلِّم، إِن مُوسى كَتَبَ علَينا: إِذا ماتَ لامرِئٍ أَخٌ لَه امرَأَةٌ ولَيسَ له ولَد، فَلْيَأخُذْ أَخوهُ المَرْأةَ ويُقِمْ نَسْلاً لأَخيه

فَي ذَلكَ الزمَان: دَنا بَعضُ الصَّدُّوقيِّين، وهُمُ الَّذينَ يَنكرونَ القِيامَة، فسأَلوا يسوع: "يا مُعَلِّم، إِن مُوسى كَتَبَ علَينا: إِذا ماتَ لامرِئٍ أَخٌ لَه امرَأَةٌ ولَيسَ له ولَد، فَلْيَأخُذْ أَخوهُ المَرْأةَ ويُقِمْ نَسْلاً لأَخيه. وكانَ هُناكَ سَبعَةُ إِخوَة، فأَخَذَ الأوَّلُ امْرأَةً ثُمَّ ماتَ ولَيسَ له ولَد. فأَخذَها الثَّاني ثُمَّ الثَّالِث، وهكذا أَخذَها السَّبعَةُ ومَاتوا ولَم يُخَلِّفوا نَسْلاً. وآخِرَ الأَمْرِ ماتَتِ المَرأَةُ أَيضًا. فلأَيِّهم تَكونُ هذِهِ المَرأَةُ زَوجَة في القِيامة؟ لأَنَّ السَّبْعَةَ اتَّخَذوها امَرأَةً؟" فقالَ لَهم يسوع: "إِنَّ الرِّجالَ مِن أَبناءِ هذهِ الدُّنْيا يَتَزَوَّجون والنِّساءَ يُزَوَّجْنَ. أَمَّا الَّذينَ وُجِدوا أَهْلاً لأَن يَكونَ لَهم نَصيبٌ في الآخِرَةِ والقِيامةِ مِن بَينِ الأَموات، فَلا الرِّجالُ مِنهُم يَتَزوَّجون، ولا النِّساءُ يُزَوَّجنَ. فلا يُمكِنُ بَعدَ ذلك أَن يَموتوا، لأَنَّهُم أَمثالُ المَلائِكَة، وهُم أبناءُ اللهِ لِكَونِهِم أَبناءَ القِيامة. وأَمَّا أَنَّ الأَمواتَ يَقومون، فقَد أشارَ موسى نَفْسُه إِلى ذلك في الكَلامِ على العُلَّيقَة، إِذ دعا الرَّبَّ إِلهَ إبراهيم وإِلهَ إِسحق وإِله يَعقوب. فما كانَ إلهَ أَموات، بل إِلهُ أَحياء، فهُم جَميعًا عِندَه أَحْياء" (لو 20، 27- 38).

 

للتـأمل: من كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية

"لا يُمكِنُ بَعدَ ذلك أَن يَموتوا، لأَنَّهُم أَمثالُ المَلائِكَة، وهُم أبناءُ اللهِ لِكَونِهِم أَبناءَ القِيامة".

إن قانون الإيمان المسيحي- وهو اعتراف إيماننا بالله الآب، والابن والروح القدس، وبعمله الخالق والمخلص والمقدس- يصل إلى قمته في إعلان قيامة الأموات في نهاية الأزمنة، وفي الحياة الأبدية. نحن نؤمن إيماناً ثابتاً، وبالتالي نرجو، أنه كما أن المسيح قام حقاً من بين الأموات، وانه يحيا على الدوام، كذلك الصديقون، بعد موتهم سيحيون على الدوام مع المسيح القائم، وهو سيقيمهم في اليوم الأخير. وقيامتنا، على غرار قيامته، ستكون عمل الثالوث القدوس: "إن كان روح الذي أقام يسوع من بين الأموات ساكناً فيكم، فالذي أقام المسيح يسوع من بين الأموات يحيى أيضا أجسادكم المائتة، بروحه الساكن فيكم" (رو 8: 11).

إن قيامة الأموات قد كشفها الله لشعبه تدريجياً. فالرجاء بقيامة الأموات في الجسد قد ثبت كنتيجة ضمنية للإيمان بإله خلق الإنسان بكامله نفسا وجسداً. فالذي خلق السماء والأرض هو الذي يحفظ أيضا بأمانة العهد مع إبراهيم ونسله. وفي هذه النظرة المزدوجة تم التعبير أولاً عن الإيمان بالقيامة، فالشهداء المكابيون اعترفوا في وسط مضايقهم : "إن ملك العالم، إذا متنا في سبيل شرائعه، سيقيمنا لحياة أبدية" (2 مك 7: 14). لقد كان الفريسيون وكثيرون من معاصري الرب يرجون القيامة وقد علمها يسوع على وجهه ثابت. فأجاب الصدوقيون الذين ينكرونها: "أولستم على ضلال لأنكم لا تفهمون الكتب، ولا قدرة الله؟" (مر 12: 24). فالإيمان بالقيامة يرتكز على الإيمان بالله الذي "ليس هو إله أموات بل إله أحياء" (مر 12: 27).

ولكن هناك أكثر من ذلك لأن يسوع قد ربط الإيمان بالقيامة بشخصه: "أنا القيامة والحياة" (يو 11: 25). لأن يسوع نفسه هو الذي سيقيم في اليوم الأخير الذين آمنوا به وأكلوا جسده وشربوا دمه. وقد أعطى على ذلك علامة وعربوناً، بإعادة الحياة لبعض الموتى، منبئاً بذلك بقيامته الخاصة.

بفضل المسيح، أصبح للموت المسيحي، معنى إيجابيًّا: "الحياة لي هي المسيح، والموت لي ربح" (فى 1: 21). "وما اصدق هذا القول: إن نحن متنا معه، فسنحيا معه" (2 تى 2: 11). وهنا تكمن جدة الموت المسيحي الأساسية: لأنه بالمعمودية، يموت المسيحي سرياً مع المسيح، ليحيا حياة جديدة معه.

فى الموت يدعو الله الإنسان إليه، لذلك يستطيع المسيحي أن يشعر إزاء الموت برغبة مماثلة لرغبة القديس بولس: "أرغب في الانطلاق فأكون مع المسيح" (فى 1: 23 )؛ ويستطيع أن يحول موته إلى فعل طاعة ومحبة للآب، على مثال المسيح: "إن رغبتي الأرضية قد صلبت، (...) إن بين أضلعي ينبوع ماء يهدر في داخلي قائلاً "تعال إلى الآب". "أريد أن أرى الله، ولكي أراه يجب أن أموت". "أني لا أموت، بل أدخل الحياة".

تشجعنا الكنيسة على أن نهيئ أنفسنا لساعة موتنا، وان نطلب إلى والدة الإله أن تشفع فينا "في ساعة موتنا"، وان نودع ذواتنا القديس يوسف، شفيع الميتة الصالحة. فالمسيحي الذي يضم موته الخاص إلى موت المسيح يرى في الموت انطلاقاً إليه ودخولاً في الحياة الأبدية. والكنيسة بعد أن تتلو على المسيحي المنازع للمرة الأخيرة كلمات المغفرة التي بها يحله المسيح من خطاياه، وتختمه للمرة الأخيرة بالمسحة المشددة، وتهبه المسيح في الزاد الأخير غذاء للسفر، تخاطبه بثقة هادئة وتقول: "أيتها النفس المسيحية، غادري هذا العالم، باسم الآب القدير الذي خلقك، وباسم يسوع المسيح، ابن الله الحي، الذي تألم لأجلك، وباسم الروح القدس الذي أفيض فيك. خذي مكانك اليوم في السلام، ولتستقر سكناك مع الله في صهيون المقدسة، مع مريم العذراء والدة الإله، والقديس يوسف، والملائكة وجميع قديسي الله (...) عودي إلى خالقك الذي كونك من تراب الأرض، وفى ساعة خروج نفسك من جسدك، فلتسارع مريم العذراء والملائكة، وجميع القديسين لملاقاتك (...) وليتح لك أن تشاهدي فاديك وجهاً لوجه إلى دهر الداهرين".








All the contents on this site are copyrighted ©.